الإسلاميون يتجهون جنوبا بعد سيطرتهم على شمال مالي

«أنصار الدين» تطرد أعضاء «تحرير أزواد».. والانقلابيون يخضعون لحظر من دول الجوار

ماليون يقفون في طابور لسحب أموالهم من بنك في العاصمة باماكو أمس (رويترز)
TT

تغلب الإسلاميون المسلحون، على ما يبدو، أمس، على المتمردين الطوارق في شمال مالي، الذين تتقدم طلائع عناصرهم نحو وسط البلاد، في وقت باتت فيه المجموعة الانقلابية تخضع لحظر من البلدان المجاورة في غرب أفريقيا. وأكد وزير التعاون الفرنسي، هنري دو رينكور، في تصريح صحافي أمس، أن «تحركات» للمتمردين قد رصدت «حول مدينة موبتي» في وسط مالي الخاضع للسيطرة الحكومية، والتي تشكل الحدود مع شمال البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون.

وتقع موبتي بين باماكو وتومبوكتو، إحدى مدن شمال مالي، وهي مدينة تاريخية سيطر عليها إسلاميون مسلحون من حركة «أنصار الدين» المدعومة من عناصر «القاعدة في المغرب الإسلامي»، كما يقول شهود. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس، عن ساليو ثيام، الموظف في الإدارة الإقليمية لوزارة الخزانة في تومبوكتو، قوله: «أمضت مدينة تومبوكتو ليلتها الأولى تحت أحكام الشريعة الإسلامية».

وقد التقى زعيم «أنصار الدين» إياد أغ غالي، الزعيم السابق للمتمردين الطوارق في التسعينات، مساء أول من أمس، أئمة المدينة. وأضاف ثيام: «أوضح أنه لم يأت من أجل الاستقلال، إنما من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية. والهدوء يسود المدينة».

وشن رجاله عملية لاستعادة الممتلكات المنهوبة، ودعوا أصحابها إلى المجيء من أجل استعادتها، كما قال أحد الشهود. وأوقفوا مجموعة من الشبان كانوا على وشك إضرام النار في دائرة رسمية، وكبلوهم واقتادوهم إلى المدينة، وهددوا بقطع يد السارقين في المرة المقبلة.

وطرد رجال «أنصار الدين» وعناصر «القاعدة في المغرب الإسلامي»، ومنهم أحد قادتها التاريخيين مختار بلمختار الملقب بـ«الأعور» الذي شوهد إلى جانب أغ غالي، من تومبوكتو، المتمردين الطوارق من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» التي شنت الهجوم في منتصف يناير (كانون الثاني) في الشمال.

ووزعت حركة «أنصار الدين» أمس في تومبوكتو مواد غذائية حصلت عليها من أحد الأجهزة العامة ومن الصليب الأحمر. وقال دريس حيدرة، الموظف في وزارة الخزانة في تومبوكتو، إن «إسلاميي (أنصار الدين) ينظمون عمليات توزيع مواد غذائية بمساعدة من بعض أعضاء هيئة الشبان المسلمين في تومبوكتو».

ومختلف المجموعات المدججة بالسلاح، من الإسلاميين أو المجرمين، التي انتشرت في الشمال المالي بعد عودة عناصر المرتزقة الذين دعموا النظام الليبي للعقيد معمر القذافي بعد سقوطه في أغسطس (آب) 2011، استفادت من هذه المناسبة لزيادة أنشطتها في المنطقة. وفي غضون ثلاثة أيام (من 30 مارس/ آذار إلى الأول من أبريل/ نيسان الحالي)، وقعت المدن الإدارية الثلاث في شمال مالي، أي كيدال وغاو (شمال شرق) ثم تومبوكتو (شمال غرب)، في أيدي هذه المجموعات التي لم تواجه أي مقاومة من جانب الجيش المالي السيئ التنظيم والتجهيز. وتنوي الحركة الوطنية لتحرير أزواد إنشاء دولة الطوارق في الشمال، وهذا ما لا ينطبق مع هدف المجموعات الإسلامية التي تريد فرض الشريعة الإسلامية في كل أنحاء مالي.

وبات السؤال المطروح: هل تتمكن هذه المجموعات من التقدم نحو الجنوب والوصول إلى باماكو؟ أعرب رينكور عن قلقه بالقول: «نظرا إلى ما نعرفه اليوم عن الوضع العسكري الميداني، فلن يكون في وسع الجيش المالي وقف تقدم المتمردين في أي قطاع جغرافي». ورأى وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، الذي حضر أول من أمس في دكار قسم يمين الرئيس السنغالي الجديد ماكي سال، أن «هذا الفصيل الإسلامي الجهادي المتطرف يتغلب، على ما يبدو، على مختلف فصائل الطوارق». وذكر أن «القاعدة في المغرب الإسلامي» التي «تعتبرنا هدفا» تحتجز في منطقة الساحل ست رهائن فرنسية.

وقد شجع الانقلاب العسكري الذي أطاح في 22 مارس الماضي بالرئيس أمادو توماني تروي، بحجة «عجز» نظامه عن التصدي لهذه الحركات في الشمال، على التقدم السريع للحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجموعات الإسلامية. وتواجه المجموعة الانقلابية العزلة التامة، وتخضع منذ الاثنين لحظر دبلوماسي واقتصادي ومالي «شامل»، تقرر الاثنين خلال قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في دكار. وظهر أول آثار هذا الحظر في باماكو مع صفوف الانتظار أمام محطات المحروقات خوفا من انقطاع هذه المواد من الأسواق.

من جهة أخرى، التقى وفد أرسلته المجموعة العسكرية في مالي إلى نيجيريا، السلطات في أبوجا أمس. وقال أحد الأعضاء الثلاثة في الوفد، الكولونيل بلونكورو ساماكي، للصحافيين، إن «الرئيس أمادو سانوجو» الذي استولى على السلطة في مالي خلال انقلاب في 22 مارس، «كلفنا بالاجتماع مع السلطات النيجيرية لنطلعها على الوضع في مالي». وأضاف قبل اجتماع مع وزيرة الخارجية النيجيرية أولوغبينغا أشيرو: «جئنا في مهمة تقضي بأن نطلع السلطات النيجيرية على الوضع في مالي».