إيران تستبعد تركيا.. وتفضل العراق أو الصين لاستضافة المفاوضات النووية

أنقرة تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج * طهران تحذر دول الخليج من مشروع الدرع الصاروخية * ألمانيا تحجب «برس تي في»

TT

في تصاعد جديد لحدة التوتر بين طهران وأنقرة، أكد مسؤولون إيرانيون، أمس، أن إيران ترغب في أن يستضيف العراق وليس تركيا، مفاوضاتها المقررة في 14 أبريل (نيسان) الحالي مع الدول الكبرى الممثلة في مجموعة «5+1»، حول الملف النووي الإيراني، منتقدة أنقرة على موقفها من الأزمة السورية، فيما ردت تركيا أمس باستدعاء السفير الإيراني احتجاجا على تلك الانتقادات. وحذرت طهران أمس دول مجلس التعاون الخليجي المشاركة في مشروع درع أميركية مضادة للصواريخ على ما نقلت وكالة «فارس» للأنباء.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بوروجردي لـ«تلفزيون العالم» الناطق بالعربية، أمس، إن «البرلمان والحكومة (الإيرانيين) استبعدا تركيا. اقترحنا بغداد وإذا وافق الطرف الآخر فستكون بغداد» مضيفة اللقاء. ولم يذكر أي تفاصيل عن أسباب هذا التغيير، لكن الناطق باسم الخارجية الإيراني، رامين مهمان باراست، انتقد أمس سياسة أنقرة حيال نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقد ركز خصوصا على استقبال تركيا لمؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» الذي يدعم المعارضة للأسد بينما تشهد سوريا حركة احتجاجية تقمعها السلطات بعنف. وقال في تصريحات نشرتها صحيفة «إيران» الحكومية «كيف يمكن أن نغمض أعيننا عن المطالب المشروعة لشعبي اليمن والبحرين وندعي بأننا ندافع عن مطالب الشعب السوري». وذكر دبلوماسيون أتراك أن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني وجه أيضا انتقادات إلى مؤتمر إسطنبول الذي أدان النظام السوري الذي تدعمه إيران.

من ناحيته، أعلن وزير الخارجية التركي، أمس، أن وزارة الخارجية التركية استدعت السفير الإيراني في أنقرة للاحتجاج على الانتقادات التي وجهتها طهران. وقال أحمد داود أوغلو في تصريح صحافي «لقد استدعينا السفير الإيراني لنطلب توضيحات لتلك الملاحظات». وأضاف داود أوغلو أنه اتصل بنظيره الإيراني علي أكبر صالحي للاحتجاج على هذه التصريحات الإيرانية «التي تتناقض تناقضا واضحا مع العلاقات القائمة منذ فترة طويلة» بين البلدين. وأوضح داود أوغلو أن صالحي طلب من نظيره التركي أن يعتبر أن هذه الانتقادات هي مواقف شخصية لا تعكس الموقف الرسمي الإيراني.

وفي تصريحات أطلقها في طهران، أمس، التزم صالحي الحذر بشأن المفاوضات، مكتفيا بالقول إن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي المكلف المفاوضات النووية «سيعلن مكان المفاوضات بعد التشاور مع الرئيس» محمود أحمدي نجاد. لكنه أضاف أن «إجراء المفاوضات في بغداد أو الصين مطروح وعلى الجانبين الاتفاق» على ذلك. وتابع أن «عقدها في إسطنبول كان اقتراحنا الأول لكن الأوروبيين رفضوا ذلك قبل أن يقبلوا به، لكن هناك أماكن أخرى مطروحة من قبلنا حاليا». وأكد صالحي أن «مضمون المفاوضات المقبلة أهم من موعدها أو مكانها، وأعتقد أنها ستكون أفضل من سابقاتها وسنحقق تقدما».

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية العراقية أن وفدا إيرانيا رفيع المستوى «عرض رغبة بلاده استضافة العراق الاجتماع الدولي حول الملف النووي الإيراني في 14 أبريل، في بغداد». وأضاف المصدر نفسه أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري «رحب بالمقترح الإيراني واستعداد العراق لاستضافة اللقاء». وأكد أنه «سيقوم بإجراء الاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية حول المقترح». وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات نفطية على إيران للاشتباه في سعيها لامتلاك السلاح النووي على الرغم من نفيها المتكرر، وردا على قلة تعاونها في الملف النووي. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون طهران إلى القيام «بتعهدات ملموسة» حول برنامجها النووي في أثناء الاجتماع المقبل. وقالت كلينتون في كلمة أمام مدرسة فيرجينيا انستيتوت العسكرية في لكسينغتن (فرجينيا، شرق): «نأمل أن تقدم إيران تعهدات ملموسة، وتقول الحقيقة حول برنامجها النووي وتحترم التعهدات الدولية». وتابعت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «قال بوضوح إنه مصمم على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية وإن الخيارات كافة مطروحة». وأضافت «لكننا ما زلنا نعتقد أن العقوبات والدبلوماسية قد تحقق الهدف».

وقالت كلينتون «هذا الضغط المتواصل يعيد القادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات ونأمل أن يفضي هذا إلى خطة عمل تتيح حل خلافاتنا بالطرق السلمية». وأضافت في نورفولك في فرجينيا حيث زارت مركزا لقيادة الحلف الأطلسي «العالم يواجه وضعا غاية في الصعوبة في الوقت الراهن.. نعرف أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيضعف استقرار المنطقة وما هو أبعد من ذلك». وأضافت «إذا امتلكت إيران يوما السلاح النووي، ستسعى دول المنطقة بدورها إلى حيازته». ولكن الخطر النووي ليس الخطر الوحيد المقلق من جانب إيران، وفق كلينتون، التي أضافت أن «إيران تدعم وتصدر الإرهاب من تايلاند إلى المكسيك، وهي تتدخل باستمرار في الشؤون الداخلية لجيرانها». إلى ذلك، حذر وزير الدفاع الإيراني الجنرال أحمد وحيدي دول مجلس التعاون الخليجي من المشاركة في مشروع درع أميركية مضادة للصواريخ على ما نقلت وكالة «فارس» للأنباء أمس. وقال وحيدي إن «الدرع المضادة للصواريخ في الخليج هي مشروع أميركي صهيوني وكل من يشارك في هذا المشروع يلعب لعبة الولايات المتحدة وإسرائيل». وقال «رفضنا منذ البدء هذا المشروع الذي يهدد الأمن الإقليمي وننصح أصدقاءنا (العرب) بعدم الدخول في لعبة كهذه».

من جهة ثانية، اتهمت إيران «مكتب تنظيم الميديا الألماني» في ميونيخ بقطع بث وسائطها الإعلامية بشكل غير شرعي بضغوط من حكومة المستشارة أنجيلا ميركل. وكان المكتب قد أوعز بوقف بث القناة الإيرانية الناطقة بالإنجليزية «برس تي في» يوم أمس. وإذ اتهمت إيران إسرائيل والولايات المتحدة بالضلوع في «الهجمات» على وسائطها الإعلامية، قالت ستيفاني غوبل، نائبة رئيس «منبر سي إي إس استرا»، إن إيران لا تمتلك رخصة بث القناة الناطقة بالإنجليزية في أوروبا. وحسب المصادر الإيرانية، فإنها تلقت رسالة إلكترونية من غوبل تقول فيها إن «مكتب تنظيم الميديا الألماني» طلب من «استرا» وقف البث الإيراني فورا. وأضافت غوبل في الرسالة أنها تلقت رسالة من مكتب التنظيم تقضي بوقف بث «(برس تي في) فورا». وأكدت أسفها لأن الشركة ليست قادرة على السماح ببث «برس تي في»، وأنها مضطرة لوقف خدماتها دون ملاحظة أخرى.

وكانت الصحافة الإيرانية الرسمية قد اتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل بالتآمر على وسائطها الإعلامية يوم السبت الماضي بعد انقطاع بث «برس تي في» وقناة «إيران» الإنجليزية لمدة ساعتين. وقالت فضائية «برس تي في» على صفحتها الإلكترونية إن القناتين تعرضتا إلى هجوم بموجات تشويش صادرة من مكان مجهول، وتوقفتا لمدة ساعتين قبل ظهر السبت. وشمل التشويش أيضا فضائيات «العالم» و«الكوثر» و«سحر1» و«سحر2». واتهمت الصحافة الإيرانية «هاكر» بريطانيين بالتشويش على هذه البرامج، التي يجري بثها من القمر الصناعي «هوت برد» من منطقة ما في البحرين، كما اتهمت إسرائيل بنشر الفيروس الإلكتروني «ستوكس نت» في برامج «برس تي في» انتقاما من موقف إيران بسبب برنامجها النووي.