وفد «الإخوان» يسعى لإعطاء صورة معتدلة عن الجماعة في أميركا

دافعوا عن ترشيح الشاطر للرئاسة.. وقدموا إجابات غامضة عن علاقة حزبهم بـ«العسكري»

TT

في إطار حملتها الدعائية لتبديد المخاوف المستمرة بعد تحولها إلى أكبر قوة سياسية في مصر، بدأ أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين يوم الثلاثاء زيارة لواشنطن تستغرق أسبوعا للاجتماع مع مسؤولي البيت الأبيض وخبراء السياسة وبعض الشخصيات الأخرى.

وسرعان ما حولت الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، جماعة الإخوان المسلمين من جماعة معارضة كانت محظورة بشكل رسمي في الماضي إلى قوة سياسية هائلة تسيطر تقريبا على نصف عدد مقاعد البرلمان المصري المنتخب حديثا. بيد أن صعود الجماعة رافق مخاوف العلمانيين المصريين والمسؤولين الأميركيين من أن تقوم تلك الجماعة بإعادة صياغة شكل الحياة في الدولة، بما يهدد حقوق المرأة والأقليات الدينية. وتعززت تلك المخاوف بعد قرار الجماعة الأخير بتقديم مرشح لها في الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر، على الرغم من تعهداتها السابقة بعدم الإقدام على تلك الخطوة. ويتوقع أن يصور ممثلو «الإخوان المسلمين» في اجتماعاتهم مع المسؤولين الأميركيين الجماعة كحركة معتدلة تحمل وعيا اجتماعيا وتسعى إلى السلطة فقط لمصلحة المصريين ككل. وفي مقابلة مع محرري ومراسلي صحيفة «واشنطن بوست»، قالت سندس عاصم، عضو وفد «الإخوان»: «نحن نمثل وجهة نظر إسلامية معتدلة ووسطية. تشكل المسائل الاقتصادية والسياسية أهم أولوياتنا، بالإضافة إلى المحافظة على قيم الثورة، مثل العدل الاجتماعي والتعليم والأمن». وفي تلك المقابلة، دافع أعضاء الوفد عن قرار حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالدفع بمرشح في انتخابات الرئاسة.

ويقول خالد القزاز، منسق العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة «لقد اتصلنا ببعض الشخصيات التي نحترمها من خارج الجماعة، مثل بعض الشخصيات القضائية، لكن أيا منهم لم يوافق على الترشح». وصرح القزاز وآخرون بأن المرشح الذي سيتم انتخابه من خارج الجماعة سيقوم بإحداث تغييرات جذرية وحل البرلمان. من ناحية أخرى، أدى صعود «الإخوان المسلمين» إلى دخولهم في مناوشات مع الجماعات الليبرالية والعلمانية، لجأ بعدها الليبراليون والمسيحيون إلى الانسحاب من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد احتجاجا على ما وصفوه بعدم التوازن في تركيبة اللجنة التي تحتوي على عدد كبير من الشخصيات التي تمثل الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين. وتقول عاصم «نعتقد بوجود محاولة خبيثة لعرقلة جهود اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، لأن نجاحها يعني أننا نسير على الدرب الصحيح، وأن الديمقراطية تؤتي ثمارها، وأنه سيتم تغيير الحكومة». إلى جانب تهدئة المخاوف الأميركية حيال طموحها السياسي، تأمل جماعة الإخوان المسلمين في إصلاح العلاقات المصرية الأميركية في أعقاب قرار الحكومة المصرية بإحالة بعض المنظمات الأهلية المصرية والأميركية المناصرة للديمقراطية إلى المحاكمة، وهو الأمر الذي دفع أعضاء الكونغرس إلى الضغط على إدارة أوباما لوقف المساعدات العسكرية الأميركية لمصر البالغة قيمتها 1.3 مليار دولار.

يقول عبد الموجود درديري، نائب في البرلمان عن جماعة الإخوان المسلمين «يعتبر انعدام الثقة بمثابة جدار ينبغي أن ينقض، لكن لا ينبغي على طرف واحد فقط أن يسعى لإسقاط هذا الجدار، حيث ينبغي على الطرفين القيام بذلك».

ولم تتضح درجة تمثيل هذا الوفد الزائر ومدى الارتباط الوثيق بين القيم التي يعبر عنها وأفكار القادة البارزين في الجماعة، حيث قال أعضاء الوفد إن اختيارهم يرجع بصورة جزئية لإجادتهم للغة الإنجليزية ولإلمامهم بالثقافة الأميركية، غير أن الوفد لم يتضمن أيا من صانعي القرارات والشخصيات البارزة في قيادة الجماعة.

وقدم الوفد إجابات غامضة عن سؤالين رئيسيين للمراقبين الأميركيين يتعلقان بعلاقة الجماعة مع الجيش المصري وموقفها من المساعدات الأميركية للجيش. فقد دارت إشاعات على مدى شهور طويلة حول قيام الجماعة بعقد محادثات سرية مع الجيش بشأن تقاسم السلطة في الحكومة الجديدة، لكن العداوة زادت بين الطرفين مؤخرا مع إصرار «الإخوان» على مطالبة قادة الجيش بحل الحكومة المؤقتة التي قاموا بتعيينها. ويعقد أعضاء الوفد في أعقاب لقاء مسؤولي البيت الأبيض يوم الثلاثاء مزيدا من اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين خلال الأيام القادمة، وأن يحضروا العديد من الفعاليات في مراكز الأبحاث. وتقول مارينا أوتاوي، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قامت بالترتيبات الخاصة بزيارة الوفد «سوف يتطلع الناس لمعرفة مدى قيامهم بالتصرف مثل حزب سياسي يوجد في السلطة، وما إن كانوا يفكرون وفق منطلقات سياسية محددة، وهل لديهم أجوبة عن الأسئلة التي سيتم طرحها حول المشاكل الاقتصادية، ومدى فهمهم للعالم بالشكل الذي يوجد عليه الآن وللمخاوف التي تثيرها بعض الدول الأخرى».

تضيف أوتاوي «يجب علينا أن نتذكر أن الكثير من الشخصيات المسؤولة الآن في جماعة الإخوان المسلمين قد قضوا الأعوام الأخيرة في السجون معزولين عما يجري في العالم. إنهم الآن في مرحلة الظهور، لذا توجد رغبة كبيرة عندهم في أن يتم تقبلهم والاعتراف بشرعيتهم كلاعبين في المشهد السياسي العالمي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»