تعزيز أمني غرب ليبيا بعد دخول الاشتباكات يومها الرابع

تشكيل المجلس الأعلى للثوار.. ومطلب بمنحهم رتبا عسكرية وعدم انتقادهم

مقاتل من احدى الميليشيات المتناحرة في مدينة زوارة الليبية يصوب سلاحه نحو احدى القرى (أ.ف.ب)
TT

كثفت الحكومة الانتقالية الليبية من جهودها العسكرية والسياسية لاحتواء الاشتباكات العنيفة بين ميليشيات متنازعة قرب بلدة زوارة، وهي اشتباكات استخدمت فيها الصواريخ والمدفعية لليوم الرابع على التوالي.

وجاءت هذه التطورات في وقت كشف فيه المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، النقاب عن أن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن أعوان وأزلام النظام السابق ما زالوا يحاولون إيقاظ الفتنة في أنحاء كثيرة من البلاد.

وبعدما تم إيفاد عدد من المسؤولين الحكوميين وأعضاء في المجلس الانتقالي، زادت السلطات الليبية من حجم قوتها العسكرية والأمنية الموجودة في المنطقة الغربية، بعدما أرسلت قوة أمنية تتألف من 500 عنصر للسيطرة على الوضع الأمني المتوتر هناك.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصادر أمنية قولها إنه تم إرسال هذه القوة بعد التنسيق مع رئاسة الوزراء، ووزارة الدفاع، ورئاسة أركان الجيش الليبي، مشيرة إلى أن هذه القوة تضم ضباطا وضباط صف وأفرادا من اللجنة الأمنية العليا، والإدارة العامة للإسناد وتوجد حاليا في منطقة صبراتة لاتخاذ الترتيبات الأمنية اللازمة للدخول إلى تلك المناطق والسيطرة على الوضع الأمني فيها وفض الاشتباكات المسلحة.

وكان وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال قد دعا الأطراف المتحاربة إلى حقن الدماء، والتحلي بضبط النفس، وعدم استعمال القوة، وتفويت الفرصة على المشككين والمتآمرين على ثورة «17 فبراير».

وكشف القتال عن مدى الاضطراب الذي تعانيه ليبيا بعد ستة أشهر من إنهاء انتفاضة شعبية مسلحة لحكم العقيد السابق معمر القذافي وعن مدى معاناة القيادة الجديدة لفرض سلطتها على البلاد.

واستؤنفت أمس المعارك بين المجموعات المسلحة قرب بلدة زوارة حيث قتل شخصان على الأقل، فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر سماع طلقات متقطعة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة في المنطقة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا من الحدود مع تونس، ومشاهدة أعمدة من الدخان تتصاعد في أجواء مدينتي الجميل ورقدالين حيث يتواجه منذ يومين ثوار سابقون ومجموعات مسلحة أخرى.

وتجري المواجهات بشكل خاص على جبهتين، في جنوب غربي زوارة حيث تتركز القوة الرئيسية التابعة للمدينة، وفي جنوبها على تلة تشرف على الجميل ورقدالين، واستخدمت في المعارك أسلحة خفيفة ومضادات جوية مثبتة على شاحنات «بيك آب» وقاذفات صواريخ ودبابات.

وقال سكان محليون في زوارة إن حدة القتال تراجعت، لكن أصوات الصواريخ الروسية الصنع من طراز «غراد» كانت تسمع بشكل متقطع.

وقال مسؤولون بطرابلس إنهم أرسلوا قوات لاستعادة النظام في زوارة، فيما أكد بعض السكان المحليين أن بعض هذه القوات وصل بالفعل لكن العلامة الوحيدة الظاهرة على الوجود الأمني الحكومي تمثلت في طائرة تابعة لسلاح الجو الليبي ظلت تحلق فوق البلدة.

وقال يونس الفونيس، الطبيب الجراح في مستشفى زوارة، إن المستشفى قدم العلاج خلال الأيام القليلة الماضية لـ125 مصابا، وإنه سجل 8 وفيات، بينما تلقى مصابون آخرون العلاج في أماكن أخرى غير هذا المستشفى.

وغالبية سكان زوارة هم من الأمازيغ الذين عارضوا حكم القذافي خلال الانتفاضة التي جرت العام الماضي أما جيرانهم في الجنوب فأغلبهم من العرب الذين كانوا موالين للقذافي.

ومنذ سقوط نظام القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ظل التوتر سيد الموقف بين سكان زوارة ذوي الأصول الأمازيغية من جهة، وبين سكان مدينتي الجميل ورقدالين، من جهة ثانية، المتهمين بأنهم بقوا على ولائهم للقذافي حتى سقوط نظامه.

وقال مسؤول أمنى ليبي إن المواجهة اندلعت يوم الأحد الماضي عندما أطلقت مجموعة من رجال زوارة يقومون بالصيد النار على شخص من الجميل دون قصد، واحتجزوه لفترة قصيرة مما أثار غضب سكان زوارة.

إلى ذلك، تم الإعلان في مدينة مصراتة، ثالث كبريات المدن اللبيبة عن تشكيل «المجلس الأعلى لثوار ليبيا» ليكون حلقة الوصل بين الثوار والمجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية والمؤسسات التابعة.

وتم الإعلان عن هذا المجلس في ختام أعمال المؤتمر الأول لثوار ليبيا الذي عقد تحت شعار «بناء دولة موحدة.. دولة القانون والمؤسسات» بمشاركة أعضاء اتحادات الثوار والمجالس العسكرية والقادة الميدانيين من مختلف المناطق والمدن الليبية.

وأوصى المؤتمر بأن يكون العسكريون الذين انضموا إلى كتائب الثوار وقادوها، هم أساس الجيش الوطني الجديد، مطالبا بمنح رتب عسكرية لهم وفقا للمؤهلات والأداء وسنوات الخبرة.

كما أوصى المؤتمر بضرورة استصدار قانون يجرم أعمال القذافي وكتائبه الإجرامية، وكذلك كل من ينضوي تحت لوائه واعتباره مثل النازية على أن تدرج ضمن قانون العقوبات.

وانتقد البيان الختامي للمؤتمر الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أي مسؤول يتعرض بالسب أو يصف الثوار بالأوصاف النابية كما هو الحال بمن يصف كتائب الثوار بالميليشيات المسلحة، مشيرا إلى أن كتائب الثوار تعلن أن أي خروج على القانون من أي فرد من الأفراد التابعين لها يعتبر جريمة شخصية ولا تنسب لكتائب الثوار لأنها أنقى وأرقى من ذلك.

وقال معدو البيان، الذين وصفوا أنفسهم بـ«الثوار الأشاوس»، إنهم يتابعون بكل فطنة كافة الاختلاسات من المال العام. وأضافوا: «إننا نبشر جميع الليبيين بأنه لن يفلت من العقاب كل من سرق المال العام وخان الوطن بخيانته لدماء الشهداء».