مجلس الأمن يدين انقلاب مالي ويدعو لعودة النظام الدستوري

«المجموعة العسكرية» تدين انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق سيطرة الإسلاميين

صورة وزعت أمس، تظهر زعيم الانقلابيين سانوغو (الثاني يمينا) مع مساعديه، في معسكر كاتي قرب باماكو (إ.ب.أ)
TT

أدان مجلس الأمن الدولي، أمس، الانقلاب العسكري الذي نفذه عسكريون في مالي وأطاح بالرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس (آذار) الماضي. ودعا القرار إلى عودة سريعة للنظام الدستوري والحكومة المنتخبة ديمقراطيا. ودعا المجلس، في القرار الرئاسي، المتمردين الذين استغلوا الانقلاب، وأحكموا سيطرتهم على عدد من المدن في شمال البلاد، إلى وقف كل أعمال العنف. كما عبّر البيان عن القلق من حضور تنظيم القاعدة في المنطقة.

وجاء هذا، بينما نددت المجموعة العسكرية الحاكمة في باماكو، بحصول «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» في شمال مالي الذي بات تحت سيطرة متمردي الطوارق والجماعات الإسلامية. وأعلن الانقلابيون في بيان أن «سكان شمال مالي، وخصوصا في غاو، يتعرضون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» منذ «أن اجتاحه مقاتلو الحركة الوطنية لتحرير الأزواد (تمرد الطوارق) وأنصار الدين (مجموعة إسلامية) وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وجاء في بيان أن «المحتلين الجدد الذين يفرضون قوانينهم، يخطفون النساء والبنات ويغتصبونهن»، لكن البيان لم يقدم أي تفاصيل حول حجم ظاهرة الاغتصاب.

واستغل المقاتلون الطوارق والإسلاميون انقلاب باماكو الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس (آذار) الماضي للاستيلاء أواخر الأسبوع على أكبر ثلاث مدن في شمال مالي، وهي كيدال وغاو وتمبكتو، من دون أن يواجهوا مقاومة تذكر من الجيش المالي سيئ التنظيم والتجهيز، مما أحدث انقساما فعليا في البلاد بين شمالها وجنوبها. وباتت المنطقة منذ ذلك الحين معزولة تماما، ويتعذر على وسائل الإعلام والمنظمات الدولية بلوغها. لكن عددا كبيرا من السكان الذين تم الاتصال بهم هاتفيا من باماكو، تحدثوا عن عمليات نهب وسلب في غاو وتمبكتو، تشمل المباني الرسمية ومقرات ومستودعات لمنظمات دولية غير حكومية.

وقد استثنت تلك العمليات، كيدال التي يتحدر منها زعيم «أنصار الدين» إياد آغ غالي. والسبب الأساسي في ذلك، هو أن مقاتلي «أنصار الدين» هم الذين سيطروا على المدينة وليس المجموعات المتنافسة، كما قال أحد المراقبين. وفي مدينة تمبكتو التاريخية، سيطر عناصر «أنصار الدين» الذين تدعمهم عناصر من «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، على المدينة وأبعدوا المتمردين الطوارق، وأوقفوا عمليات النهب والسلب، معلنين عزمهم على تطبيق أحكام الشريعة. والثلاثاء، شوهد ثلاثة من أبرز قادة «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في تمبكتو، إلى جانب إياد آغ غالي، ومنهم مختار بلمختار، الشخصية التاريخية لتنظيم القاعدة الملقب بـ«الأعور» أو «مستر مارلبورو»، لتورطه في تهريب السجائر.

وفي بيان نشره أمس على موقعه في شبكة الإنترنت، نفى تمرد الطوارق هذه المعلومات. وأعلن التمرد أنه «يتمسك بموقفه حيال جميع الشبكات المافياوية ويميز نفسه عن منظمة (أنصار الدين) والمجموعات الأخرى التي تظهر على طريق تحرير أزواد». لكن وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن سكانا تم الاتصال بهم يوم أمس، قالوا إن مجموعة «أنصار الدين» لا تزال تحكم سيطرتها على المدينة.

وجعل إياد آغ غالي، الذي لقب نفسه بـ«الشيخ»، من المخيم العسكري مقر قيادته. ويكرر دعواته إلى فرض الشريعة، ولا يخفي معارضته للدعوة إلى الاستقلال الذي يناضل تمرد الطوارق من أجله. وعلى الأرض، يسيطر رجاله على الشارع. وتعرض عدد من النوادي الليلية والخمارات للسلب والنهب الليلة قبل الماضية، كما تحدث سكان عن تعرض نساء وفتيات للاغتصاب. وفي غاو، تتقاسم ثلاث مجموعات مختلفة السيطرة على المدينة، كما قال النائب المحلي عبدو سيديبي.

ويسيطر تمرد الطوارق على المخيم العسكري في ضواحي المدينة. وتسيطر «الحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا»، المنشقة عن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ويتولى قيادتها ماليون وموريتانيون، على المخيم في وسط المدينة وعلى اثنين من الأحياء المجاورة مع مجموعة «أنصار الدين». وأخيرا، هناك المهربون والمجموعات الإجرامية الأخرى.

ويقلق البروز القوي لهذه المجموعات الجهادية المجموعة الدولية، لا سيما فرنسا التي تريد حشد الجهود لمواجهة «الخطر الإسلامي» في الساحل وضد «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، على المستوى الإقليمي ومجلس الأمن الدولي، كما قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه.

وفي باماكو، واصلت المجموعة العسكرية التي تتعرض للحصار من بلدان غرب أفريقيا، محاولاتها أمس التفاوض على إجراءات الخروج من الأزمة. ووصل وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي إلى العاصمة لتسليم قائد المجموعة العسكرية رسالة من الوسيط الغرب أفريقي رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري. وفرض الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة على المجموعة العسكرية التي تخضع منذ الاثنين لحظر دبلوماسي واقتصادي ومالي من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، عقوبات جديدة الثلاثاء. وما زالت تواجه أيضا التهديد بتدخل عسكري غرب أفريقي، بينما سيعقد رؤساء أركان بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا اجتماعا اليوم الخميس في أبيدجان لتشكيل قوة عسكرية إقليمية طلب منها الاستعداد للتدخل.