«جبل الزاوية» تحت الحصار.. وحركة نزوح لسكان المناطق المحاذية للحدود التركية

«لجان التنسيق» تحذر من سياسة «حرق المنازل وجرفها» بعد اقتحام مناطق سورية

شابان سوريان ينظران من خلال فجوة كبيرة بسبب قصف عنيف للنظام لأحد أحياء ضاحية في دمشق أمس (أ.ب)
TT

عشية وصول فريق المراقبين الأمميين إلى سوريا، صعدت قوات الجيش النظامي السوري عملياتها العسكرية في عدة مناطق في البلاد، لا سيما في مدينتي حرستا ودوما بريف دمشق، إضافة إلى درعا وحلب، مع استمرار القصف على عدة أحياء ومناطق في حمص وريفها. كما شهد حي كفرسوسة في العاصمة دمشق مظاهرة حاشدة إثر تشييع شابين سقطا برصاص قوات الأمن مساء أول من أمس الأربعاء.

يأتي ذلك في وقت ازداد فيه الجدل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول تسمية مظاهرات اليوم (الجمعة) «من جهز غازيا فقد غزا»، والتي أثارت عاصفة انتقادات في أوساط العلمانيين، ومنهم من رأى في هذه التسمية انحرافا للثورة عن مسارها، ورأوا أن من الأفضل تسميتها «الثورة لكل السوريين».

وقال ناشطون سوريون أمس إن قوات الأمن السورية واصلت أمس التصعيد في عملياتها العسكرية ضد مناطق سورية عدة، مما أسفر عن مقتل أكثر من أربعين شخصا في محصلة أولية عصر أمس، بالتزامن مع تحذير «لجان التنسيق المحلية» في سوريا مما سمته «سياسة جديدة لقوات الاحتلال الأسدي» متمثلة في حرق المنازل بعد تدميرها، وقدرت «الخسائر المادية للسوريين المتضررين خلال الأيام الماضية فقط بعشرات الملايين في مختلف المدن والبلدات التي تعرضت للاقتحام والتخريب والتنكيل».

وقالت «لجان التنسيق» في بيان أصدرته إن «قوات النظام بدأت مؤخرا في ممارسة عمليات حرق وجرف المنازل في المدن والقرى التي تقوم باقتحامها بشكل ممنهج وبأعداد متزايدة، كعقوبة مضاعفة على النشطاء وعائلاتهم وبهدف تشريدهم وتهجيرهم عن مناطقهم». وذكرت أن «جيش النظام قام أثناء حملته على بلدة طفس في درعا أول من أمس بحرق متعمد لما يقارب عشرين منزلا، إضافة إلى عمليات نهب وتخريب محتويات منازل أخرى». وذكر أنه «في بلدة داعل في درعا قامت قوات النظام خلال اقتحام البلدة في اليومين السابقين بحرق نحو عشرين منزلا على نحو مماثل». فيما قال ناشطون إن قوات الجيش النظامي شنت حملة عسكرية تعتبر الأشرس على مدينة دوما التي تعتبر عاصمة محافظة ريف دمشق، وهز دوي الانفجارات الضخمة المدينة طيلة أمس، وشوهدت أعمدة الدخان والنيران تتصاعد من عدة أبنية.

وبحسب مصادر محلية، تحول شارع الجلاء، وهو شارع رئيسي، والمنطقة المحيطة به إلى ما يشبه «الثكنة العسكرية المغلقة» بعد نهب وتدمير وحرق الكثير من المحلات وتحطيم وحرق السيارات الخاصة هناك. وأضافت المصادر أن القصف بدأ منذ ساعات الصباح، وأصيب «جامع حسيبة» وجميع الأبنية المحيطة به بالقصف العشوائي والرصاص المتفجر. كما تم «اقتحام جامع الشيخ علي بشارع الجلاء، واعتقل جميع المصلين أثناء صلاة الصبح، حيث تم استخدامهم كدروع بشرية أمام قوات الجيش والدبابات أثناء تقدمها في منطقة جامع حوى، التي تعرضت لقصف عنيف وإطلاق نار كثيف جدا».

ويشار إلى أن هذا الهجوم العنيف على دوما يأتي بعد أيام من تمكن الجيش الحر من إتمام مفاوضات مع السلطات الأمنية لعملية مبادلة جثامين نحو عشرين شخصا من الأهالي قتلوا برصاص القوات النظامية، وذلك بإطلاق سراح ضابط رفيع اختطفه الجيش الحر.

وقال ناشطون إن عشرات المدنيين أصيبوا يوم أمس جراء القصف العنيف، وقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، جرى تشييع ستة منهم على الأقل، وقد أسهم الجيش الحر بإسعاف المصابين رغم النشر الكثيف للقناصة في دوما.

في موازاة ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أنه تم أمس «تشييع جثامين 11 شهيدا من عناصر الجيش وقوات حفظ النظام استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني في حمص ودمشق وحلب وإدلب وريف دمشق، على وقع موسيقى لحني الشهيد ووداعه وبالمراسم الرسمية المهيبة، من مشافي تشرين وزاهي أزرق وحلب العسكرية ومشفى الشرطة في دمشق إلى مثاويهم الأخيرة».

من جهة أخرى، واصلت قوات الأمن العسكرية حملتها العسكرية ضد قرى جبل الزاوية في محافظة إدلب، مما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى، وسط موجة نزوح لسكان المناطق القريبة من الحدود التركية، وأفاد مسؤول تركي أمس بوصول أكثر من ألف سوري نزحوا إلى تركيا أمس، وتحديدا عبر بلدة الريحانية الحدودية.

وأكد ناشطون تعرض بلدتي كللي وحزانو لقصف عشوائي، عدا عن حرق العديد من المناز. وشهدت بلدة كفريحمول اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» وقوات الأمن السورية. وفي معرة النعمان، ذكرت «لجان التنسيق المحلية» مقتل «المجند محمود سامي أحمد علوان الصغير، وكان يخدم في منطقة المزة في دمشق، حيث جرت تصفيته من قبل الضابط المسؤول عنه بسبب رفضه إطلاق النار على المدنيين».

وفي حمص، ذكر ناشطون أن حي الربيع العربي تعرض لقصف عنيف جدا، وأن «دوي انفجارات هز المنطقة». وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» حجم الأضرار والدمار الذي لحق بالمنازل جراء القصف الذي استهدفها في الأيام الأخيرة.

وفي ريف حمص، قالت وكالة «سانا» إن «الجهات المختصة أحبطت ليل أول من أمس محاولة مجموعة إرهابية مسلحة التسلل من الأراضي اللبنانية إلى سوريا عند قرية حالات السورية التابعة لتلكلخ بريف حمص». ونقلت «سانا» عما سمته «مصدرا مطلعا» أنه «تم إلقاء القبض على أحد الإرهابيين بعد إصابته، بينما لاذ الآخرون بالفرار باتجاه الأراضي اللبنانية». وذكر المصدر أن «الجهات المختصة أحبطت خمس محاولات تسلل للمجموعات الإرهابية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة».

وفي مدينة حلب، قال ناشطون إن قوات الأمن اعتقلت طالبين على الأقل بعد تعرضهما للضرب المبرح في المدينة الجامعية في جامعة حلب، إثر المظاهرة التي انطلقت من كلية العلوم باتجاه المدينة الجامعية.

وفي ريف حلب، ذكر ناشطون أن «الجيش السوري قصف بالمروحيات بلدات عندان وحريتان وحيّان والأتارب، بعد قطع الاتصالات عنها وعن مناطق أخرى في المنطقة تزامنا مع تحركات عسكرية». كما شهدت «مدينة الباب استنفارا أمنيا كبيرا، بعد أنباء عن انشقاق واشتباكات داخل مدرسة المشاة العسكرية».

وفي ريف دمشق، أشار مجلس قيادة الثورة إلى أن «عصابات النظام لا تميز بين صغير أو كبير»، لافتة إلى «مقتل أبو صبحي الدرة، وهو رجل يتجاوز الثمانين من عمره، والطفل أسامة بدران (8 أعوام)، وهو كان يبيع البقدونس في ساحة الغنم أثناء اقتحام مدينة دوما». وكانت قوات الأمن السورية أعادت أمس اقتحام قوات النظام مدينة دوما، ووقعت اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي في المزة والقلمون. وذكر ناشطون أن أكثر من 18 انفجارا هزوا المدينة، التي تعرضت لقصف بالدبابات أدى إلى احتراق عدد كبير من المنازل والمحال التجارية.

أما في حماه، فقد ذكرت «لجان التنسيق المحلية» أنه تم العثور على «جثة الشاب وليد عبد الله سلطان في المشفى الوطني، وقد قتل برصاصة في الرأس، وذلك بعد مرور يوم على خطفه من قبل قوات الأمن والشبيحة».