إسرائيل تطلق حملة تطالب العرب بتعويضات للاجئين اليهود

تقول إن هناك نحو 900 ألف مهاجر يهودي تتجاهلهم القوى العاملة على تحقيق التسوية

داني أيلون
TT

أطلق نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، داني أيلون، مشروعه لإثارة «قضية اللاجئين اليهود العرب إلى إسرائيل» في المحافل الدولية والمطالبة بدفع تعويضات مالية لهم تتحمل مسؤوليتها الدول العربية.

وطرح أيلون مشروعه، الليلة قبل الماضية، خلال لقاء مع ممثلي منظمات يهود البلدان العربية المختلفة، فقال إن «ما لا يقل عن 850 ألف يهودي اضطروا إلى الهجرة في أواسط القرن العشرين جراء سياسة العداء العربية لهم ولإسرائيل، تركوا وراءهم ممتلكات وعقارات ومصالح اقتصادية جمة. وعلى الدول العربية وجامعة الدول العربية الاعتراف بمسؤوليتها عن هذه المشكلة، ودفع تعويضات كاملة لهم ولأبناء عائلاتهم». وأضاف أيلون، أن الخارجية الإسرائيلية ستطلق حملة دبلوماسية بهذا الخصوص، تؤكد أن «أي حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، يجب أن يتناول أيضا مشكلة اللاجئين اليهود»، وأنه يجب دفع تعويضات بالتساوي لـ«كل اللاجئين اليهود والمسلمين والمسيحيين».

وقال أيلون إن إسرائيل، عبر حكوماتها المختلفة، عالجت قضية اللاجئين اليهود ووفرت لهم حياة مستقرة، العمل والسكن والتعليم، ودمجتهم في حياة الشعب الإسرائيلي بكل مجالاتها، في حين حرصت الدول العربية على تخليد قضية اللاجئين وإبقائهم لاجئين في المخيمات، في حياة بؤس وشقاء وتمييز واضح، باستثناء بعض الحالات التي تم فيها منح بعض اللاجئين حقوقا أكثر من لاجئين غيرهم في هذه الدولة أو تلك. واتهم أيلون الشعب الفلسطيني أيضا، الذي «كرّس لنفسه وكرست قيادته على مر الأجيال حالة اللجوء».

ومن اللافت للنظر أن مشروع أيلون، أعد بالتعاون بين الخارجية ومجلس الأمن القومي، التابع لديوان رئيس الوزراء. ومن قراءة في أقوال أيلون، يتضح أنهم يعرضون الموضوع من خلال وثائق ووقائع تاريخية من وجهة نظرهم. فقد قال أيلون: «على غرار الكثير من الكليشيهات والشعارات الرنانة التي لا أساس لها من الصحة والمتعلقة بالشرق الأوسط، هناك جانبان لمشكلة اللاجئين، والجانب الإسرائيلي من المشكلة هو أحد أكثر الأسرار المحفوظة في إطار الصراع بين دولة إسرائيل والفلسطينيين. وفي حين يدور الحديث عن العرب الذين هربوا أو غادروا حدود فلسطين الانتدابية وحدود دولة إسرائيل، ويبلغ عددهم 750 ألف نسمة، فإن نحو 900 ألف يهودي طردوا أو أرغموا على مغادرة البلدان العربية خلال نفس الفترة تقريبا. وقبل قيام دولة إسرائيل في عام 1948، كان يعيش في الدول العربية قرابة مليون يهودي، أما اليوم فيعيش فيها نحو 5 آلاف فقط». وتجاهل أيلون دور الصهيونية في إرهاب اليهود في هذه الدول لحملهم على الهجرة لإسرائيل، مرجعا هربهم إلى سياسات الدول العربية، فقال إن «اليهود في الدول العربية كانوا مواطنين مخلصين، ولم يتورطوا في أي أعمال عنف. والمحزن في الأمر على الرغم من ذلك هو أن القيادات العربية خلال تلك الفترة عاملتهم معاملة (الطابور الخامس)، وبدأت تتخذ ضدهم خطوات شرسة هدفها إرغامهم على الفرار».

وأشار أيلون إلى القرار الذي اتخذته الجامعة العربية بعد الإعلان عن قيام إسرائيل، فحرص على اقتباس ما نشر في 16 مايو (أيار) 1948، في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، وجاء فيه أن الجامعة أوصت الدول الأعضاء فيها بأن تجمد جميع حسابات البنوك التابعة لليهود، وأن تفصل جميع اليهود من وظائفهم في الخدمات المدنية، وأن تشرع بحملة اعتقال جماعية ضدهم. وقررت بعض الأنظمة العربية بإيحاء من هذا النداء اتخاذ خطوات إضافية، إذ سمحت بارتكاب مجازر وأعمال قتل جماعية ضد اليهود. وبعد أن انتقلت مطاردات النظام النازي لليهود إلى المرحلة الفتاكة بعقد واحد فقط، حُكم على يهود الشرق الأوسط أن يكونوا ضحايا لمصير مشابه.

ويستنتج أنه «في حين كان الكثير من الفلسطينيين بمثابة مهاجري عمل جدد جاءوا إلى فلسطين الانتدابية، فإن اللاجئين اليهود الذين طردوا من بلدانهم كانوا بخلافهم مواطنين عاشوا في بلدانهم طوال آلاف السنين، وحتى من الفترة التي سبقت الغزو العربي الإسلامي للمنطقة. لم تجد هذه الفوارق الواضحة أي تعبير لها بطريقة معالجة الصراع في الحلبة الدولية. وفي الوقت الذي حاولت فيه القرارات الأولى للأمم المتحدة أن تحافظ على الإنصاف، وأن تعالج مشكلات جميع اللاجئين الذين فروا من بلدانهم في أعقاب الصراع العربي - الإسرائيلي، نجحت الكتلة العربية بمساعدة حلفائها مع مرور الزمان بإحباط كل تطرق أو مناقشة لمشكلة اللاجئين اليهود، من خلال خلق معايير غير معقولة إطلاقا لتعريف اللاجئين العرب، الذين تستغلهم الدول العربية كأداة لعب سياسية حتى يومنا هذا. في الحقيقة، فإن موظفي وكالة غوث اللاجئين، قالوا في بداية الخمسينات إن معالجة اللاجئين اليهود تأتي في إطار تكليفهم. في نهاية الأمر، لم يحصل اللاجئون العرب على الجنسية في الدول العربية، باستثناء الأردن، واضطر معظمهم إلى العيش في مخيمات مكتظة، من دون أن يمنحهم إخوانهم العرب الكثير من حقوق المواطنة. هذا الوضع يتعارض تعارضا تاما مع طريقة معالجة دولة إسرائيل لمشكلة اللاجئين اليهود الذين حظوا فورا بالحصول على الجنسية الإسرائيلية».

وينهي أيلون أقواله بالادعاء أن «المطلب الفلسطيني بحق العودة ليس غير معقول وغير متزن فحسب، بل يتعارض أيضا مع الطريقة العصرية المألوفة لإعادة توطين اللاجئين. وهناك قرار أصدرته مؤخرا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقضي بأنه بسبب ما مضى من زمن، فإن اللاجئين اليونانيين الذين طردوا من قبرص في عام 1974، لن يُسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم.