العراق يدرس إجراءات تسمح لحكومة المالكي بالسيطرة على وسائل الإعلام

ناشطة: الإجراءات الحكومية الصارمة تذكرنا بصدام حسين

TT

تناقش الحكومة العراقية بعض القوانين المقترحة، التي من شأنها أن تفرض قيودا صارمة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مما يعزز المخاوف من أن السلطات تلعب دورا قمعيا متناميا في حياة المواطنين. وبينما بدأ العراق يستقر على هويته الجديدة كدولة ذات سيادة بعد مرور نحو أربعة أشهر على رحيل آخر جندي أميركي عن العراق، يبدي بعض العراقيين قلقهم من عودة الحكومة للرقابة الصارمة على المواطنين، التي كانت السمة المميزة للحياة العراقية في ظل نظام الديكتاتور صدام حسين.وقد شهد البرلمان العراقي مناقشات حادة حول الكثير من مشاريع القوانين، التي ينطوي إحداها على فرض عقوبات شديدة على من يقوم بتوجيه انتقادات للحكومة على شبكة الإنترنت، بينما يشترط آخر حصول المتظاهرين على إذن لتنظيم أي تجمع.

ويقول حيدر حمزوز، وهو ناشط ومدون لا يستخدم اسمه الحقيقي خوفا على سلامته: «يجب علينا احترام كافة الأفكار في العراق». يذكر أن حمزوز يقود حملة ضد القانون المقترح لتكنولوجيا المعلومات، الذي يفرض عقوبة السجن لمدة عام على كل من ينتهك «القيم الدينية والأخلاقية والعائلية والاجتماعية» على الإنترنت.

وينص مشروع القانون على السجن مدى الحياة لاستخدام أجهزة الكومبيوتر والشبكات الاجتماعية في تهديد «استقلال ووحدة وأمن وسلامة الدولة».

ويقول حمزوز إن التشريع المقترح يهدف للسماح لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالسيطرة على وسائل الإعلام الاجتماعية. ولجأت الحكومة لتلك الخطوة منذ أكثر من عام لإخماد الانتفاضة المستوحاة من ثورات الربيع العربي التي تجتاح المنطقة. ويقول حمزوز إن تلك القوانين المقترحة: «تهدف إلى الهجوم على النشطاء».

وأصدر مركز القانون والديمقراطية، وهي منظمة حقوقية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، تقريرا في شهر ديسمبر (كانون الأول) انتقد من خلاله الحكومة العراقية لاقتراحها «عددا من القيود القانونية التي لا تتماشى مع المعايير الأساسية لحقوق الإنسان الدستورية والدولية».

وبالإضافة إلى التشريع الخاص باستخدام الإنترنت وتنظيم المظاهرات، يناقش البرلمان قانونا ينظم تأسيس الأحزاب السياسية والمنظمات الإعلامية.

ويؤكد تقرير مركز القانون والديمقراطية أن القوانين الغامضة «قد يتم استخدامها لحظر مجموعة كبيرة من التعبيرات بسبب كونها مجرد تعبيرات هجومية محضة أو ببساطة لأنها غير مستساغة من الناحية السياسية».

ويؤكد كثيرون أن العراق، الذي خرج من أكثر من 30 عاما من الديكتاتورية في عهد صدام حسين وأعوام من الصراعات وعدم الاستقرار في أعقاب الغزو الأميركي، بحاجة إلى قوانين صارمة لوضع قواعد أساسية واضحة. ويقول طارق حرب، وهو خبير قانوني مقرب من المالكي: «يجب أن يتم تنظيم الأمور، ويجب أن يعرف الناس حقوقهم». وأكد حرب أيضا أن العراق أكثر ليبرالية من بعض جيرانه، ولا سيما إيران والمملكة العربية السعودية، حيث تتوافر المشروبات الكحولية في بغداد ولم يتم فرض أي زي رسمي على النساء.

واعترضت بعض الجهات الأخرى، وبخاصة جماعات حقوق المرأة، على خطاب صدر في أواخر العام الماضي من قبل إحدى اللجان حكومية تقترح أن ترتدي موظفات الحكومة ملابس محتشمة، بينما قامت لجنة أخرى بإصدار تعليمات إلى طلبة الجامعات من كلى الجنسين - الذين عادة ما يلبسون أغطية رأس ملونة وجينز على الموضة - بارتداء أغطية رأس غير ملونة وملابس «محتشمة».

ويقول علاء مكي، وهو عضو البرلمان العراقي وعضو اللجنة التي أصدرت هذا التشريع، إنه لديه بعض التحفظات على فرض لباس معين على الشباب، ولكن أعضاء الأحزاب الإسلامية القوية لديهم نفوذ أكبر من الليبراليين.

ويقول مكي: «تتألف الأحزاب الدينية من الساسة، وهم في نفس الوقت زعماء دينيون في المجتمع، ويجب على الساسة تلبية مطالب الأئمة وإلا سيتم تهمشيهم».

وتقول بسمة الخطيب، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة، إن بعض الإجراءات الحكومية تذكرها بالقيود الصارمة التي كانت موجودة في عهد صدام حسين، قبل أن يتم إسقاطه في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية على العراق عام 2003. وأضافت الخطيب أنها تخشى من أن يكون النظام الديمقراطي الجديد قد أدى إلى وصول جماعات ذات نزعات استبدادية وانتماءات دينية وسياسية متضاربة إلى السلطة. واختتمت حديثها قائلة: «كان عندنا خط أحمر واحد في عهد صدام، أما الآن فالجميع أصبح صدام. لدينا الآن 300 صدام، كل منهم له كتلته وحزبه».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ»الشرق الاوسط»