تمبكتو.. المدينة الأثرية تدفع ثمن الحروب

تعتبر همزة الوصل بين شمال أفريقيا وباطن القارة

TT

تعد تمبكتو، وفق المصادر التاريخية والجغرافية، إحدى أعرق حواضر الإسلام في أفريقيا، وكانت همزة الوصل بين شمال أفريقيا وباطن القارة، وعبرها كانت يمر واحد من أهم طرق القوافل وتجارة الملح، ما جعل منها مركزا تجاريا تجري فيه المبادلات بين الصحراء والهضاب والأدغال، وكان الملح والبهارات والحرير والنحاس يأتي إليها وعبرها من ربوع المغرب العربي، بينما كانت تأتيها من الجنوب سلع كجوز الكولا والذهب والعاج، بجانب الرقيق. وبفضل مكانة تمبكتو الدينية والثقافية والتجارية المميزة فقد حملت عبر القرون، منذ القرن الثالث عشر الميلادي، ألقابا، منها «مدينة الأولياء الصالحين الـ333» و«جوهرة الصحراء». مع الإشارة إلى أن مخطوطات قديمة تفيد بأن الطوارق هم الذين أسسوا المدينة بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، وهو ما يفسر سبب إغفال مؤلفات الجغرافيين العرب القدامى، كالبكري والإدريسي، ذكرها بعكس «جارتها» ومنافستها غاو. غير أن الرحالة الشهير ابن بطوطة زارها عام 1353 وكتب عنها. ويومذاك كانت تمبكتو وغاو أبرز مدن ما عرف بـ«إمبراطورية مالي».

ومن ثم زارها وكتب عنها حسن الوزان، الفاسي الغرناطي، الشهير بـ«ليون الأفريقي»، نحو عام 1510، وقال عنها إنها المنطقة التي تفجرت فيها صبابته، حيث أعرس بها وكانت له بها منادمات، لم ينسِه إياها بلاط البابا في روما، ولا رحلاته إلى الأستانة أو القاهرة، متابعا في مؤلفه الشهير عن أفريقيا، المنشور عام 1550: «إن الوصول إلى تمبكتو هو سر أسرارها، فقد كانت ملتقى القوافل الذي يربط أهل أفريقيا غربا وشرقا، وكان الوصول بحد ذاته يعني نوعا من المغامرة، حيث لا يربطها بأي من عواصم التجارة المشهورة أي محطات لمن يؤمها».

ومما ذكره في وصفها عبد الرحمن السعدي، مؤلف «تاريخ السودان»، الذي يعتبر مرجعا في تاريخ غرب أفريقيا، أنها حينذاك عام 1630 كانت «نقية ورائعة ومشهورة، مدينة مباركة، كثيفة النبات والحيوية».