استطلاع للرأي: التونسيون غاضبون من تعامل الحكومة مع الملفات الاجتماعية والاقتصادية

قيمة أملاك بن علي وعائلته المصادرة لا تقل عن 880 مليون دولار.. وستضاف إلى موازنة الدولة لسنة 2012

TT

كشف أحدث استطلاع للرأي أجرته المؤسسة التونسية المختصة في الاستطلاعات وسبر الآراء (سيغما كونساي) حول أداء حكومة حمادي الجبالي بعد مرور 100 يوم على قيادتها البلاد، أن هذه الأخيرة فشلت في إقناع التونسيين ببرامجها المتنوعة، خصوصا ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، إلا أنها مع ذلك لا تزال تحظى بثقة الكثير من التونسيين. ورغم رضا التونسيين عن مردود الحكومة بضفة عامة بنسبة 43 في المائة، فان 53,8 في المائة من المستجوبين عبروا عن عدم رضاهم عن أداء الحكومة خلال الفترة التي تسلمت خلالها مقاليد الحكم.

ففي مجال مكافحة البطالة، أظهر الاستطلاع أن 85,8 في المائة من المستجوبين يرون أن الحكومة لم تنجح في توفير مناصب الشغل والحد من البطالة، وعلى مستوى التنمية الجهوية والحد من عدم التوازن بين الجهات اعتبرت نسبة 76,9 في المائة أن أداء حكومة الجبالي لم يكن مقنعا في هذا المجال، كما اعتبرت نسبة 90,1 في المائة من التونسيين أن الحكومة لم تنجح في مكافحة ارتفاع الأسعار والحد من غلاء المعيشة.

وعلى المستوى السياسي لم تكن المؤشرات التي قدمها الاستطلاع، الذي أجري خلال الفترة المتراوحة ما بين 29 مارس (آذار) الماضي وأول أبريل (نيسان) الحالي، مشجعة، فـ53,4 في المائة يعتبرون أن الحكومة فشلت في ضمان الديمقراطية، وقرابة 57 في المائة عبروا عن فشلها في ضمان الاستقرار الأمني في البلاد، بينما يشكك 44,6 في المائة في نجاح الحكومة في ضمان هيبة الدولة خلال فترة المائة يوم الماضية، كما أن 45,7 في المائة يرون أن الحكومة لم تنجح في تقليص عدد الإضرابات في المؤسسات التونسية، مقابل 38,2 في المائة يرون أنها نجحت في مهمتها.

وبشأن مكافحة الفساد، أظهر الاستطلاع أن حكومة الجبالي لم تنجح في ضمان استقلالية القضاء، وذلك بنسبة 55,4 في المائة، كما أن نسبة 75 في المائة عبروا عن فشل الحكومة في مكافحة الفساد المالي والرشوة. وترى نسبة 69,8 في المائة أن المجتمع التونسي أصبح أكثر انقساما بعد مائة يوم من حكم الائتلاف الثلاثي المكون من حركة النهضة وحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.

وعلى مستوى ضمان المساواة وحقوق المواطن، عبر 61,7 في المائة من التونسيين عن فشل الحكومة في هذا المجال. وعلى الرغم من أن معظم المؤشرات المقدمة ضمن هذا الاستطلاع كانت سلبية، فإن 39,9 في المائة من التونسيين لا يزالون راضين بخصوص مصداقية الحكومة الحالية في تعاملها مع مختلف الملفات التي بحوزتها، كما أن نسبة 40,1 في المائة منهم راضون عن سرعة الحكومة في تفعيل القرارات التي أصدرتها أو وعدت بتطبيقها.

وتعاني الحكومة التي تقودها حركة النهضة من حملة تشكيك في قدرتها على قيادة البلاد، وتنتقد الأقلية المعارضة قلة الخبرة لديها في التعامل مع الملفات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة، إلا أن قيادات حركة النهضة وحزبي المؤتمر والتكتل يفسرون الفشل النسبي في التعاطي مع مختلف الملفات بصعوبة الظرف الاقتصادي والاجتماعي، وعدم توفر الفرص الكافية أمام الحكومة لتطبيق برامجها التنموية.

على صعيد آخر، أكدت مصادر مختلفة من وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية التونسية أن أملاك عائلة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وأصهاره وأقاربه تضاعفت قيمتها المالية ثلاث مرات على الأقل، فقد قدرتها لجنة المصادرة في البداية بنحو 400 مليون دينار تونسي (قرابة 280 مليون دولار)، واتضح بعد معاينة الكم الهائل من السيارات والعقارات والشركات أن قيمة الأملاك المصادرة لا تقل في كل الأحوال عن 1200 مليون دينار تونسي (نحو880 مليون دولار)، ستتم إضافتها إلى ميزانية الدولة التونسية لسنة 2012.

وأنهت اللجنة ذاتها إجراءات مصادرة 34 سيارة، وينتظر مصادرة 20 عربة أخرى، من بينها شاحنات وسيارات فارهة. وتشير مصادر في وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية إلى أن سيارة الرئيس التونسي السابق، وهي من نوع «المايباخ» لا يقل سعرها حسب الخبراء عن مليون دينار تونسي (نحو 750 مليون دولار)، وهو نفس السعر تقريبا لسيارة ابن الرئيس التونسي السابق وهي من نوع «لمبوركيني»، وكتب عليها اسمه بصحيفة من الذهب الخالص.

وهناك سيارة ليلى الطرابلسي (زوجة الرئيس)، وهي من نوع «بي إم دبليو»، وقيمتها المالية لا تقل عن 1,3 مليون دينار تونسي (نحو مليون دولار)، إلى جانب سيارات من نوع «كاديلاك» و«بنتلي» و«بورش» و«مرسيدس» و«كرايزلر» و«لينكولن». وتشير المعطيات المتوفر إلى أن عدد السيارات الرئاسية لا يقل عن 234 سيارة فاخرة. ولا يزال معظم تلك السيارات في مرحلة الصيانة، على أن يتم عرضها للبيع قريبا، وضخ أموالها في ميزانية الدولة.

وقالت المصادر ذاتها إن مخزن القصر الرئاسي بسيدي الظريف (الضاحية الشمالية للعاصمة) تطلبت عملية جرده وحده قرابة سنة، وذلك لتحديد الأنواع الكثيرة من الزرابي والأغطية والثلاجات واللوحات والتحف الفنية ذات القيمة العالية والأحذية النسائية المتنوعة. ومن المنتظر عرضها على مختصين لتحديد قيمتها الفنية والمالية.

وكانت لجنة المصادرة قد أحدثت إبان حكومة الوزير الأول السابق محمد الغنوشي، وأوكلت إليها مهمة مصادرة ممتلكات بن علي وأقاربه، وترأسها القاضي عادل بن إسماعيل. ومنذ إحداثها حتى الآن تمكنت من مصادرة 260 رسما عقاريا و117 مساهمة في شركة بصفة مباشرة و18 بصفة غير مباشرة و35 سيارة من أنواع مختلفة ويخوت، بالإضافة إلى الكشف عن أكثر من 300 حساب مصرفي جارٍ، و40 محفظة مالية.

يذكر أنه تم التخلي عن خدمات القاضي عادل بن إسماعيل في نهاية شهر مارس الماضي، وتم تكليف القاضي نجيب هنان بدلا منه، وهو قاضٍ من الدرجة الثالثة، ورئيس دائرة الاستئناف بمحكمة تونس.