أنان: على النظام السوري استغلال الفرصة الأخيرة ووقف إطلاق النار فورا

قال إن «تيار التغيير لا يمكن الوقوف أمامه.. على الأقل ليس لفترة طويلة»

TT

طالب المبعوث الدولي والعربي الخاص كوفي أنان الحكومة السورية أمس بتنفيذ كافة النقاط الست الواردة في خطته بحلول نهاية المهلة المقررة في الساعة الـ6 صباحا بتوقيت دمشق يوم 10 أبريل (نيسان) الحالي، مشددا على سحب الآليات العسكرية بصفة خاصة من كل من إدلب والزبداني ودرعا.

ودعا أنان إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليون سوري في أمسّ الحاجة للمساعدة، وتمهيد الطريق أمام فريق حفظ السلام التابع للأمم المتحدة بقيادة الجنرال النرويجي روبرت مود للبدء في ترتيبات تقنية لمراقبة آلية وقف إطلاق النار من كافة الأطراف في سوريا، والتوصل لحل سياسي يلبي التطلعات الديمقراطية للشعب السوري من خلال حوار سياسي شامل بين الحكومة وكل أطراف المعارضة.

وأكد أنان في شهادته من جنيف عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الحكومة السورية وعدت عدة مرات بتنفيذ مبادرات وقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المناطق السكنية لكن الوضع على أرض الواقع يحتاج إلى بذل مزيد من الجهود لتنفيذ هذه الالتزامات. ورحب أنان بقرار مجلس الأمن بدعم جهوده وتحديد 10 أبريل موعدا نهائيا لإنهاء الهجمات ووقف إطلاق النار.

وقال أنان «الوضع الحالي غير مقبول، وهناك حاجة إلى وقف القتال والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية والتحرك بسرعة لوضع حل سياسي يستجيب لتطلعات الشعب السوري من خلال إجراء حوار بين النظام السوري وكافة أطياف المعارضة». وشدد أنان على التزامه بتنفيذ الخطة، مع الالتزام باستقلال سوريا وسيادة ووحدة أراضيها واحترام قرارات الأمم المتحدة والاستجابة لتطلعات الشعب السوري.

وشرح أنان في شهادته النقاط الست لخطته، ورد النظام السوري على كل نقطة، ووعوده بالالتزام بوقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن السورية وإنهاء العنف المسلح ودخول المساعدات والسماح بالنفاذ الكامل لمراكز الاحتجاز والسماح لوسائل الإعلام بالتحرك الحر في المدن السورية واحترام حق التظاهر السلمي وإجراء حوار مع المعارضة.

وقال أنان: «كل النقاط في الخطة مهمة، لكن نقطة واحدة هي الأكثر أهمية وهي وقف العنف، ومن الواضح أن العنف مستمر ولذا يجب وقف القتل». وأشار إلى أن الحكومة السورية وجهت له رسالة تتهم فيها جماعات مسلحة بالقيام بالهجوم ضد المدنيين وتنفيذ عمليات تخريبية، وأكد أن المهلة المحددة لوقف القتال تشدد على ألا تتواجد أي آلية عسكرية في المناطق السكنية، خاصة في كل من إدلب والزبداني ودرعا. وأضاف «الحكومة السورية أشارت إلى أنها ستقوم بتنفيذ كل ذلك، لكن من الواضح الاحتياج لمزيد من الجهد لتنفيذ تلك الالتزامات».

وقال أنان: «أدعو الحكومة السورية للتنفيذ الكامل للخطة حتى نصل إلى وقف كامل لإطلاق النار من كل الأطراف، وسحب كل الدبابات وطائرات الهيلكوبتر ووقف الاعتقالات والعنف الجنسي وكل أشكال العنف بما فيها العنف ضد الأطفال»، موضحا أن كل الجماعات المعارضة وعدت بتنفيذ وقف العنف إذا التزمت الحكومة السورية بذلك.

وأشار أنان إلى أن الحكومة السورية التزمت بالموافقة على تسهيل مهمة فريق حفظ السلام التابع للأمم المتحدة بقيادة روبرت مود، الذي وصل بالفعل إلى دمشق، للبدء في ترتيبات تقنية لمراقبة آلية وقف إطلاق النار، موضحا أن «الوضع في سوريا ليس قتالا بين جيشين.. والسلام يمكن تحقيقه من خلال عملية سياسية. وما نحتاجه هو وجود صغير لفريق الأمم المتحدة في سوريا، وتأكيد حرية تنقلهم في كافة أنحاء سوريا لتقييم الوضع على أرض الواقع».

وأكد أنان أن عملية وقف إطلاق النار يجب أن تتبعها الانتقال لعملية سياسية فورا وبدء حوار سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة، بما يسمح بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي يوفر لكافة السوريين كافة الحقوق بشكل متساو. وشدد أنان على أنه سيكون من المهم أن تتفاعل المعارضة وتشارك في هذه العملية بفاعلية، وقال: «هناك جهود كثيرة يجب القيام بها وآمل أن الحكومة السورية والمعارضة تستغل اللحظة الحالية توقف القتل وتبدأ العملية السياسية وتساعد على تنفيذ الخطة بنقاطها الست». ولفت أنان النظر إلى أهمية وحدة المجتمع الدولي خلف جهوده؛ لتوفير فرصة لإنهاء العنف، مشددا في نهاية كلمته على أن «تيار التغيير لا يمكن الوقوف أمامه.. على الأقل ليس لفترة طويلة».

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس التي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن إن «الحكومة السورية تعهدت في 28 من الشهر الماضي بالالتزام بتنفيذ النقاط الست التي اشتملت عليها خطة أنان»، وطالبت الحكومة السورية بالوفاء بتلك الالتزامات على وجه السرعة وبشكل واضح.. ولوحت رايس بعقوبات محتملة ضد النظام السوري، وقالت «إن المجلس سيدرس اتخاذ مزيد من الإجراءات المناسبة والقيام بخطوات إضافية إذا دعت الضرورة». فيما أكد مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن السلطات السورية وافقت على الالتزام بخطة المبعوث الخاص كوفي أنان ووقف إطلاق النار بحلول 10 أبريل، لكنها تريد التزاما مماثلا من المعارضة.. مشددا أن تنفيذ مقترحات أنان يجب أن يتم تحت السيادة السورية.

من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من استمرار سفك الدماء في سوريا، على الرغم من قبول الحكومة السورية للمقترحات المقدمة من أنان لإنهاء أعمال العنف. وقال: «لا يمكن أن تكون هناك أولوية أهم من وقف سفك الدماء، وهذه هي الفرصة الأخيرة لحل الأزمة سلميا». وأضاف «على الرغم من قبول الحكومة السورية لخطة أنان من أجل حل الأزمة إلا أن أعمال العنف والاعتداءات على المناطق المدنية لم تتوقف»، وحذر أنان من فشل الدبلوماسية بما يؤدي لاندلاع حرب أهلية طويلة.

وقال مون في اجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة: «إن الوضع في سوريا على أرض الواقع في تدهور مستمر، وتقع الآن على عاتق السلطات السورية الوفاء بما وعدت به وتنفيذ كامل وغير مشروط لجميع الالتزامات التي قدموها إلى المبعوث الخاص أنان».

وأشار مون إلى الأوضاع السيئة للسوريين الذين يتركون منازلهم، واحتياج مليون سوري داخل سوريا إلى مساعدات إنسانية بشكل عاجل، ومعاناة الآلاف اللاجئين عند الحدود.. وقال: «المدن السورية تحولت إلى مناطق حرب، وهذا غير مقبول ويجب وقفه. وأدعو الرئيس الأسد لإظهار القيادة والرؤية والقيام بما فيه مصلحة الشعب السوري والتحرك سريعا». وحث مون المعارضة للتوحد والاستعداد لوقف جميع أشكال العنف، وقال: «على المعارضة السورية اتخاذ الخطوات اللازمة لتقديم نفسها باعتبارها مجموعة مترابطة.. وهذا سيكون مهما للحوار. وآمل أن نتمكن من إطلاق عملية شاملة وحقيقية في وقت قريب».

وأوضح مون أن هيئات الإغاثة الإنسانية قدمت المساعدة إلى ألفي أسرة داخل سوريا، مطالبا ببذل مزيد من الجهد لضمان عدم ترك الشعب السوري وحده في هذا الوقت الحرج، وطالب بتوسع نطاق جهود الإغاثة مع الاحتفاظ باستقلاليتها ونزاهتها.