حرب إعلامية بين الفنانين البريطانيين.. سببها المستوطنات غير الشرعية

37 ممثلا ومخرجا وكاتبا مسرحيا يرفضون مشاركة المسرح القومي الإسرائيلي في مهرجان «مسرح غلوب»

إيما طومبسون
TT

تشهد الساحة الفنية البريطانية هذه الأيام حربا على صفحات الصحف المحلية، وسبب هذه الحرب هو القضية الفلسطينية. فقد أثارت رسالة مفتوحة نشرتها مجموعة من كبار الفنانين المسرحيين البريطانيين في صحيفة «الغارديان» اليومية البريطانية بمناسبة «يوم الأرض» الفلسطينية، وكذلك «مسيرة القدس» قبل أسبوع تقريبا، تدعو إلى سحب الدعوة الموجهة إلى مؤسسة المسرح القومي الإسرائيلي «هابيما»، للمشاركة في مهرجان مسرح «غلوب تو غلوب شكسبير» لأسباب سياسية، موجة من الإدانات من الفنانين المؤيدين لإسرائيل.

وأعلن مسرح «غلوب» أنه ليس لديها النية في سحب الدعوة، رغم المخاوف من حصول بعد الإزعاجات خلال العرض، مثل أعمال احتجاجية مثل التي حصلت أثناء أداء فرقة «فيل هارمونيكا» الموسيقية الإسرائيلية في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال في بيان: «كان المقصود بهذا الحفل أن يكون احتفالا باللغات لا الأمم».

وكان 37 من كبار الفنانين البريطانيين، من بينهم الممثلة إيما طومبسون، والفنان والمخرج الكوميدي ريتشارد ويلسون، ومريام مارغوليز، والممثل مارك ريلانس الفائز مرتين بجائزة «توني»، والكاتب المسرحي تريفور غريفيثس، والمخرج جوناثان ميللر، والممثل ديفيد كالدر، قد وقعوا على رسالة نشرتها صحيفة «الغارديان» الليبرالية. وتقول الرسالة إن استضافة «هابيما» ذات السجل الحافل والمخزي بالتورط في العمل في المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعني أن «غلوب» تربط نفسها بسياسات العزل التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وأضافت الرسالة: «إننا نطالب (غلوب) بسحب دعوتها حتى لا يصبح المهرجان مقرونا بانتهاكات حقوق الإنسان».

وقال ريلانس الذي عمل مخرجا فنيا لـ«الغلوب» في الفترة ما بين 1995 و2005 وسيقدم مسرحية جديدة في هذا المسرح لاحقا، إنه وقع الرسالة دعما لأولئك الفنانين في إسرائيل الذين يقاومون الضغوط للعمل في المستوطنات غير الشرعية. واعتبر الأداء الفني في المستوطنات «عملا استفزازيا وقلة احترام.. أنا متأكد أن السلام سيعم عندما يحترم الإنسان حدود الآخرين».

وأما ديفيد كالدر فقد وصف مسرح «هابيما» بـ«(ورقة التين الثقافية) للوحشية الإسرائيلية».

وجاء في الرسالة: «نلاحظ بغضب وأسف أن مسرح (غلوب) في لندن قد وجه دعوة إلى المسرح القومي الإسرائيلي (هابيما) لتقديم مسرحية (تاجر البندقية) في مهرجان (الغلوب) المقرر في مايو (أيار) المقبل». واعتبر مدير «هابيما» هذه الدعوة إنجازا مشرفا لإسرائيل. لكن لـ«هابيما» سجل مخجل ومخز لتورطه في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في العام الماضي أنشئت مستوطنتان كبيرتان قاعتي عرض ثقافي، وطلبت من الفرق المسرحية الإسرائيلية تقديم عروض فيها.. وأعلن عدد من الشخصيات المسرحية الإسرائيلية، فنانين ومخرجين مسرحيين وكتاب مسرحيين، أنهم لن يشاركوا في هذه العروض. لكن «هابيما» قبلت الدعوة برحابة، ووعدت وزير الثقافة الإسرائيلي بأنها ستتعامل مع مشكلات معوقة لهذا العرض.

إن مسرح «الغلوب» بدعوته «هابيما» إنما يضعف ضمائر أولئك الفنانين والكتاب المسرحيين الذي رفضوا انتهاك القانون الدولي قائلين: «إن (الغلوب) يقول إنه يريد مشاركة اللغة العربية في المهرجان.. وهنا ليس لدينا أي مشكلة مع ذلك.. لكن بدعوة (هابيما)، يربط (الغلوب) نفسه بسياسة العزل والفصل التي تنفذها إسرائيل ويؤيدها مسرحها القومي.. نطالب (الغلوب) بسحب هذه الدعوة كي لا يكون متورطا في انتهاكات حقوق الإنسان والاستعمار غير الشرعي لأراض محتلة».

وردا على هذه الرسالة ربط الكاتب المسرحي سير أرنولد ويسكر والممثلان ستيفين بيركوف ومورين ليبمان، حسب ما ورد في صحيفة «جويش كرونيكل» الناطقة باسم غالبية اليهود في بريطانيا، محاولات منع «هابيما» من عرض مسرحية «تاجر البندقية» في الأولمبياد الثقافية التي تستضيفها بريطانيا في مايو المقبل، شبيهة بحرق الكتب في الحقبة النازية. وقال الفنان سايمون كاللو: «أنا أعارض بشدة أي محاولة لمنع عمل أي فنان، خصوصا الفنانين ذوي السجلات المميزة مثل (هابيما) التي لم نر عملها منذ زمن بعيد». وأضاف كاللو: «إذا كان سيكون هناك مواجهة فلتكن في إطار قنوات النقاش المتفق عليها. ولنر ما ستقوله (هابيما) عن حياة الإنسان قبل أن نحاول إخراسها».

وأدان سير أرنولد الدعوة لمقاطعة «هابيما» التي أسسها يهودي من موسكو عام 1905. وقال: «إن حرمان الجمهور من تجربة فنية مثل حرق النازية لكتب أفضل العقول والمواهب في أوروبا». ووصف الممثل بيركوف الرسالة بـ«زبالة خطيرة تربط الفنانين بسياسات حكومة»، وقال من خلال عمله في إسرائيل إنه يعلم أن معظم الفنانين الإسرائيليين يعارضون سياسات الحكومة الحالية.