رحيل رئيس مالاوي موثاريكا.. المستبد الذي أراد التوريث لشقيقه

جدل حول نقل السلطة إثر تحول نائبة الرئيس إلى المعارضة وطردها من الحزب الحاكم

موثاريكا في صورة تعود لتاريخ 27 يوليو 2010 (رويترز)
TT

توفي رئيس ملاوي، بينغو وا موثاريكا، صباح أمس عن 78 عاما غداة إصابته بسكتة قلبية. وقال مسؤول في مستشفى ليلونغوي، إن الرئيس «توفي بعد منتصف الليل على الرغم من محاولات لإنعاشه استمرت ساعتين»، مضيفا أن جثمان الرئيس نقل إلى جنوب أفريقيا لتحنيطه.

وكانت إذاعة ملاوي الحكومية ذكرت أن موثاريكا نقل إلى جنوب أفريقيا «نحو منتصف ليل الخميس/ الجمعة لتأمين معالجته من قبل اختصاصيين». وقال صحافيون محليون، إنهم طردوا من مطار ليلونغوي قبل إقلاع الطائرة. وحسب الدستور، يفترض أن تنتقل السلطة إلى نائب الرئيس جويس باندا التي ستحكم هذا البلد حتى الانتخابات المقبلة التي حدد موعدها في 2014. لكن باندا تحولت إلى معارضة أساسية منذ أن طردها الرئيس موثاريكا من الحزب الحكومي قبل عامين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعقيد الأمور في هذه الدولة الفقيرة الواقعة في جنوب القارة الأفريقية. ويبدو أن الرئيس الراحل كان يعد شقيقه بيتر، الذي يشغل منصب وزير الخارجية حاليا، لخلافته. وسبق أن أناب الرئيس الراحل شقيقه بيتر لمباشرة شؤون الدولة في غيابه.

ودعا رئيس مالاوي الأسبق باكيلي مولوزي أمس إلى توخي الهدوء في البلاد وحث الحكومة على احترام الدستور. وأضاف مولوزي: «الدستور واضح بشأن من يتولى السلطة. من المفترض أن يتولى نائب الرئيس المسؤولية لضمان عدم حدوث فراغ في السلطة. وجويس باندا هي التي تتولى منصب نائب الرئيس». وموثاريكا الذي يشغل منصب الرئاسة منذ 2004 وأعيد انتخابه من دون صعوبة في 2009، درس الاقتصاد وعمل في عدد من المنظمات الدولية بينها البنك الدولي. وخلال ولايته الأولى نجح في «القضاء على الجوع» في ملاوي بعد مجاعة اجتاحت البلاد في 2005. وقد أعيد انتخابه بأصوات ثلثي الناخبين، بفضل برنامجه المخصص للمزارعين المحليين. لكنه واجه معارضة متزايدة في الأشهر الأخيرة، بينما تشهد البلاد أزمات نقص مزمنة طالت خصوصا المحروقات والنقد الأجنبي. وينتقد عدد كبير من المعارضين ميوله الاستبدادية، كما ينتقده عدد كبير من المانحين الذين أوقفوا مساعداتهم لهذا البلد الذي يعد 14 مليون نسمة. وقد أكد موثاريكا في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في 18 يوليو (تموز) 2011، أي قبل يومين من اندلاع أعمال شغب أسفرت عن سقوط قتلى في عدد من المدن «أنا رجل منفتح جدا وأشاور الجميع، لكن الأمر يحتاج إلى انضباط. لا يمكن لأي أمة في العالم أن تعمل بلا انضباط. الديكتاتورية ليست من طباعي وأنا مجرد رجل ديمقراطي قاس».

ومع ذلك، شهد كثيرون على قسوته في مواجهة الاحتجاجات. ففي يوليو 2011، تحولت مظاهرات شعبية إلى مواجهات وعمليات نهب واستخدمت الشرطة الرصاص الحي، مما أدى إلى سقوط 19 قتيلا. وخلال السنة الحالية دعت لجنة تضم معارضين وشخصيات من المجتمع المدني إلى استقالة رئيس الدولة، مدينين ميله إلى الاستبداد وسوء إدارته للاقتصاد. وقد منعوا من التجمع فلجأوا إلى كنيسة هربا من الشرطة.

وموثاريكا الكاثوليكي المتشدد والأب لأربعة أولاد، ولد في قرية في إقليم ثيولو (جنوب) وسط مزارع الشاي لأب كان يدير مدرسة. وبدأ عمله السياسي ضد النظام الديكتاتوري لهاستينغز كاموز باندا (1964 - 1994). وقد أسس حركة سرية مطالبة بالديمقراطية، هي الجبهة الديمقراطية الموحدة، التي انسحب منها في 1999. وأدت ولاءاته المتبدلة إلى اتهامه بالخيانة من قبل ضحاياه. وقد اختير في 1990 للرئاسة خلفا لمولوزي، لكنه فضل تأسيس حزب لتحدي الرئيس الذي رعاه، ثم أحاله إلى القضاء بتهمة الفساد.