السفير الروسي بالقاهرة: نحافظ على سوريا من شبح الحرب الأهلية.. والعرب هم من أفشلوا مبادرتهم

قال لـ «الشرق الأوسط» إن بلاده تقف على مسافة واحدة بين المعارضة والنظام

السفير الروسي في القاهرة
TT

قال سيرغي كيربيتشينكو، السفير الروسي في القاهرة، إن موقف روسيا والصين تجاه الأزمة السورية هو الموقف الحيادي الأمثل، بينما يعد موقف باقي دول العالم الغربي والعربي المخالف لهما هو الموقف «غير المحايد»، وإن وراءه مصالح خاصة، قائلا في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: «الحياد ليس معناه استخدام حق الفيتو، بل معناه (عدم التدخل العسكري).. ومن يدعو إلى التدخل العسكري هو الذي ليس حياديا تجاه سوريا.. هذا هو معنى الحياد الذي نفهمه، فالتدخل العسكري ودعمه ليس حيادا».

وأكد السفير الروسي أن روسيا تقف على مسافة واحدة بين المعارضة والنظام في سوريا، موضحا أن كواليس المبادرة العربية تجاه الملف السوري كانت مؤسفة، وأن ما أُعلن للرأي العام ليس هو حقيقة ما اتفق عليه العرب، وقال: «بكل أسف، وجدنا أن موقف العرب أنفسهم هو الذي أدى إلى إفشال المبادرة العربية، فكواليس المبادرة كان بها تباين شديد في المواقف العربية، ومقرراتها كان بها تناقض واضح بين ما هو معلن وغير معلن».

وتابع: «الأمر بدأ بإرسال مراقبين وانتهى باستدعاء المراقبين.. ومهما كانت الحجج، وهي واردة، ففترة عمل المراقبين لم تكن كافية على الإطلاق. وكنا مع استمرار عمل هذه البعثة ودعمها عن طريق الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى، لكن اليوم عدنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى».

ورفض كيربيتشينكو توقع احتمالية فشل الهدنة التي أعطاها المجتمع الدولي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد حتى يوم 10 أبريل (نيسان) الحالي لوقف إطلاق النار وتسوية الملف السوري سياسيا في ظل إصرار الأسد على إراقة المزيد من الدماء، قائلا بلهجة عربية شامية: «أعوذ بالله»، مشيرا إلى أن السياسة الروسية لن تتغير تجاه سوريا حتى إذا فشلت الهدنة، وأن بلاده ستواصل إجراء المزيد من الاتصالات مع كل الأطراف من أجل التوصل إلى حل سياسي يرضي الجميع.

وأشار كيربيتشينكو، الذي عمل سفيرا لبلاده في دمشق قبل تقلد منصبه الجديد بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إنه يتوقع أن تبدأ التسوية السلمية الحقيقية لسوريا فورا. وقال: «لدي أمل كبير في ذلك، وهناك بوادر لبدء تطبيق خطة أنان، فالأزمة السورية معقدة جدا ولها جذور وراء تلك الدماء التي أريقت نتيجة هذه الأزمة لسوء الحظ، لكن لا بد أن ننظر للأمام. ونحن دعمنا منذ مدة تعيين كوفي أنان وفي كل الخطوات من أجل إنجاح الهدنة، لأن بديل عدم تطبيق الخطة، سيحمل عواقب سيئة أخرى لن تنعكس على سوريا فقط».

وتابع كيربيتشينكو: «نحن على قرب ليس فقط من النظام في سوريا، لكن نحن أيضا على مقربة من شعب سوريا؛ بما في ذلك المعارضة بكل أطيافها. وأؤكد لكم أننا تدخلنا أكثر من مرة في مواجهة الحكومة السورية من أجل التوصل إلى حل سياسي سلمي يرضي الجميع.. ومع كل ذلك، ليست لدينا عصا سحرية لإنجاح أي خطة، لأن، بكل صراحة، المشكلات التي نواجهها في سوريا مشكلات (جسيمة جدا) تتطلب الصبر».

وأوضح كيربيتشينكو أن اتهام البعض روسيا بالوقوف بجانب سوريا خوفا من زوال حليفها بالمنطقة، ليس صحيحا، وقال: «لدينا مصالح في كل الدول العربية دون استثناء، فمصالحنا مع سوريا هي المصالح نفسها مع باقي الدول العربية.. ونحن لا نربط مصالحنا في الوطن العربي مع مصير نظام معين، سواء كان ذلك في سوريا أو غير سوريا». وتابع: «نحن نؤيد التحول الديمقراطي في العالم العربي ونتمنى النجاح لهذا التحول، وأن يكون سلميا وديمقراطيا في آن واحد، لكن، للأسف، التحول الديمقراطي في بعض دول الربيع العربي لم يكن سلميا مثل ليبيا، لذا نحن حذرون بشدة وبشكل مضاعف من الوضع السوري».

وتساءل كيربيتشينكو: «لماذا تصر أميركا على التصعيد في مثل هذه الأيام.. وتحديدا ونحن على وشك التوصل إلى حل سياسي»، مشيرا إلى أن هناك أساليب وطرقا مختلفة للتحول الديمقراطي، وأن بقاء نظام الأسد لا يعني فشل التحول الديمقراطي، لكن سيكون هناك حتما تحول إيجابي في سوريا.

وعن علاقة روسيا بإيران وسوريا، قال كيربيتشينكو: «لدينا علاقات مع إيران وسوريا، ولدينا علاقات مع أنظمة أخرى تعتبر نفسها خصوما لهذه الأنظمة.. ونحن لا نراهن على الخصومة بين الأنظمة المختلفة في الشرق الأوسط، بل نريد التغلب على هذه الانقسامات والتمايز.. وهذا هو إحدى أدوات السياسة الروسية».