روسيا تحث دمشق على تسريع خطوات السلام.. وتعلن استعدادها لإرسال مراقبين

المعلم: وقف العنف يتزامن مع وصول المراقبين.. ويجب أن يكون لنا رأي في اختيارهم

وزير الخارجية السوري المعلم يؤشر الى نظيره الروسي لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

حثت روسيا الحكومة السورية أمس على العمل «بحسم أكبر» لتنفيذ خطة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان للسلام، كما دعت أيضا الدول الأجنبية إلى استخدام نفوذها لدى المعارضة السورية للضغط عليها حتى توقف إطلاق النار فورا.. بينما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن سوريا تريد أن يكون لها رأي في تشكيل الفريق الدولي الذي سيراقب تنفيذ وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن دمشق سحبت بالفعل بعض قواتها من المدن، ومتهما تركيا بإيواء عناصر من المعارضة المسلحة.

وحرص وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثاته مع المعلم على توجيه رسالة متوازنة تشكل ضغطا على الرئيس السوري بشار الأسد، وبها أيضا كلمات حادة موجهة إلى خصومه وإلى دول غربية وعربية. وقال لافروف في إفادة صحافية مشتركة مع المعلم: «قلنا لزملائنا السوريين.. إننا نعتقد أن تحركاتهم يمكن أن تكون أكثر نشاطا وحسما في ما يتعلق بالوفاء بنقاط الخطة»، وأضاف: «تحدثنا بصراحة بالغة عن هذا».

وصرح المعلم بأن دمشق سحبت بالفعل بعض قواتها من المدن، وقال: «شرحت للوزير لافروف الخطوات التي قامت بها الحكومة السورية لإظهار حسن النية تجاه خطة أنان ذات النقاط الست».

وأضاف المعلم: «استقبلنا وفدا فنيا في دمشق لإجراء محادثات مكثفة للوصول إلى بروتوكول ينظم عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، على أساس أن يكون لسوريا رأي في اختيار الدول التي يأتي منها المراقبون وأن يعملوا في إطار احترام السيادة الوطنية في سوريا».

ووفرت روسيا الحماية للأسد باستخدام حق النقض (الفيتو) مرتين ضد مشروعي قرارين لمجلس الأمن يدينان حكومته بسبب إراقة الدماء، وتقول الأمم المتحدة إن القوات السورية قتلت أكثر من 9 آلاف شخص منذ مارس (آذار) 2011. وتتعرض روسيا لضغوط من دول غربية وعربية لاستخدام علاقاتها مع سوريا للمساعدة في ضمان التزام الأسد بخطة أنان، التي تقضي ببدء وقف إطلاق النار غد الخميس الموافق الـ12 من أبريل (نيسان).

وقال لافروف: «نطالب بإلحاحٍ زملاءنا السوريين بالوفاء الصارم بالتزاماتهم»، وأضاف: «من الواضح أن النجاح لن يكون ممكنا إلا إذا تحمل باقي أعضاء المجتمع الدولي الذين لهم نفوذ لدى الأطراف السورية.. هذه المهمة بنفس القدر من المسؤولية».

وأشار لافروف إلى أن «موسكو لا تستطيع تجاهل الحقيقة المعروفة جيدا بأن مقترحات أنان ما زالت لا تلقى قبولا من جانب عدد - إن لم يكن غالبية - جماعات المعارضة، بما في ذلك المجلس الوطني السوري».

وصرح وزير الخارجية السوري بأن دمشق تريد ضمانات من أنان تفيد بأن الجماعات المسلحة التي تهاجم قواتها ستلتزم بوقف إطلاق النار، وقال: «لن نطلب من مجموعات إرهابية مسلحة تمارس القتل والخطف وأخذ الرهائن وتدمير البنى التحتية العامة والخاصة أن توافينا بضمانات.. نحن نريد من أنان أن يوافينا بذلك»، مضيفا أن وقف العنف «يجب أن يكون متزامنا مع وصول بعثة المراقبين الدوليين». كما أضاف أن أنان أبلغه خلال اتصال هاتفي مؤخرا أن وقف إطلاق النار سيعقبه نزع لسلاح مقاتلي المعارضة.

كما انتقد الوزير السوري موقف الجانب التركي من الأحداث في سوريا، مشيرا إلى أن تركيا جزء من المشكلة، ومؤكدا ضرورة أن تعلن التزامها بخطة أنان التي تقوم على احترام كل الدول للسيادة السورية. وقال المعلم إن تركيا تحتضن المسلحين وتسمح لهم باختراق الحدود وتهريب الأسلحة من أراضيها، وهو ما يتناقض مع مهمة أنان.

ومن جانبه قال لافروف إنه من الأفضل للولايات المتحدة ودول أخرى لها نفوذ على المعارضة «أن لا تشير إلى روسيا والصين، بل أن تستخدم نفوذها لإجبار الجميع على التوقف عن إطلاق بعضهم النار على بعض»، مضيفا أن «جماعات المعارضة السورية يجب أن تلتزم أيضا بخطة أنان»، وطالب الدول الأجنبية باستخدام نفوذها لدى هذه الجماعات وتشجيعها على وقف إطلاق النار فورا.

وأضاف: «نريد أن ندعو مجددا اليوم كل جماعات المعارضة وكل الدول التي لها نفوذ على المعارضة السياسية، خصوصا المعارضة المسلحة، أن تستخدم نفوذها بهدف التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار فورا».. موضحا أن المعلم أبلغه أن الحكومة السورية بدأت تنفيذ متطلبات متعلقة باستخدام المدفعية والأسلحة الثقيلة في المدن والبلدات السورية.

وكشف لافروف عن موافقة روسيا على طلب الأمم المتحدة بالمساهمة بمراقبين لوقف إطلاق النار، وذلك من القوات الموجودة حاليا في منطقة الجولان، موضحا أن «مجلس الأمن الدولي، وبعد موافقته على خطة أنان، طلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم اقتراح لآلية بعثة المراقبين، إلا أن هذا الاقتراح لم يقدم بعد»، بينما أعرب عن أمله في أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن.

كما أشار لافروف إلى توقف الاتصالات حاليا بين الحكومة السورية والخبراء الدوليين، مشيرا إلى أنه «سيتحدث مع أنان في وقت لاحق حول هذه القضية، ويطرح عليه استئناف هذا العمل بأسرع ما يمكن».

وأوضح المعلم خلال المباحثات ترحيب بلاده بفكرة عقد مؤتمر تحضيري للحوار الوطني مع المعارضة في موسكو، وأنها تريد أن تلعب روسيا دورا في هذا الأمر، مؤكدا استعداد الحكومة السورية للحوار مع المعارضة، شريطة أن تقبل الأخيرة بالحوار وبخطة أنان. وقال إن «دمشق ستواصل خطوات حسن النية تجاه أنان، وستعمل من أجل إنجاح المباحثات مع وفده الفني للتوصل إلى بروتوكول، وبما يسمح بتشكيل الأمم المتحدة لفريق مراقبيها الذي يجب أن توافق سوريا على المشاركين فيه»، مرحبا في الوقت نفسه بإيفاد المراقبين الروس.

وبينما أكد لافروف أن «التغطية الإعلامية الموضوعية للأحداث في سوريا هي جزء من خطة أنان، وهي ما تكفله حرية الوصول إلى كل المناطق المختلفة هناك»، قال بوجود تغيرات طرأت في هذا الصدد، مشيرا إلى موافقة الحكومة السورية على اعتماد الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية، ومنها الروسية. ودعا لافروف الحكومة السورية والمسلحين في المعارضة إلى العمل من أجل عدم التسبب في إلحاق أي أذى بالصحافيين العاملين على الأراضي السورية، مشيدا بعملهم في ظروف بالغة الخطورة أسفرت في بعض الأحيان عن مقتل بعضهم.