«بوكو حرام» تنشط في مالي.. ومجلس الأمن يطالب بإطلاق الدبلوماسيين الجزائريين فورا

الرئيس الانتقالي للبلاد يبدأ مهامه غدا ومسيرات جديدة في باماكو ترفض التقسيم

سكان يتحدرون من شمال مالي خلال تظاهرهم احتجاجا على سيطرة مقاتلين طوارق وإسلاميين على مناطقهم، في باماكو أمس (رويترز)
TT

أكدت المحكمة الدستورية في مالي أمس رسميا شغور السلطة وأعلنت أن تنصيب رئيس الجمعية الوطنية رئيسا للدولة بالوكالة سيتم الخميس. وجاء هذا فيما ذكرت تقارير، نقلا عن شهود، أن هناك نحو 100 عنصر من حركة «بوكو حرام»، التي اعتادت بث الرعب في نيجيريا، في شمال مالي إلى جانب عناصر تنظيمات أخرى مثل «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«أنصار الدين».

وأعلنت المحكمة العليا في جلسة عامة شغور السلطة بعد أن قدم الرئيس أمادو توماني توري نهاية الأسبوع الماضي الذي أطاح به انقلاب استقالته رسميا. وكان مصدر من هذه الهيئة أفاد أن تأخير هذه المرحلة التي كانت متوقعة مساء الاثنين قد يؤدي إلى إرجاء تنصيب المحكمة العليا رئيس النواب ديونكوندا تراوري رئيسا بالوكالة. وسيشكل تنصيب الرئيس الجديد بداية مرحلة انتقالية تحددت في نص الاتفاق المبرم بين الانقلابيين الذين أطاحوا بأمادو توماني توري والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس). وفي هذا السياق سيتم تعيين رئيس وزراء المرحلة الانتقالية توكل إليه «كل الصلاحيات» ثم تشكل حكومة «وحدة وطنية» تقوم على شؤون البلاد حتى الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي لم يحدد موعدها بعد. وتعهد قائد الانقلابيين الكابتن أمادو سانوغو «شخصيا» أول من أمس «باحترام» الاتفاق «بحذافيره» ووعد «بعدم التسامح بتاتا» مع كل من يحاول عرقلة تنفيذه.

لكن الكثير من المراقبين يرون أن الانقلابيين قد يحاولون الاحتفاظ بحق الاطلاع على الملفات العسكرية في حين يتكبد الجيش المالي أكبر نكسة في تاريخه. وبعد الانقلاب سيطر المتمردون الطوارق من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» الذين بدأوا حملتهم في يناير (كانون الثاني) الماضي وحركات إسلامية مسلحة ومهربون، على شمال البلاد. وما زالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تهدد بتدخل عسكري ضد المقاتلين في الشمال بينما أعرب مجلس الأمن الدولي أول من أمس عن «قلقه العميق من الخطر الإرهابي المتزايد» في تلك المنطقة بسبب تواجد عناصر من (القاعدة في المغرب الإسلامي) ومتطرفين آخرين بين المتمردين».

ودان المجلس خطف 7 دبلوماسيين جزائريين في الخامس من أبريل (نيسان) الحالي من غاو إحدى كبرى مدن شمال مالي، بيد عناصر حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا المنشقة عن «القاعدة». ودان المجلس من جهة أخرى إقدام مجموعة منشقة عن تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» على خطف 7 دبلوماسيين جزائريين في إحدى مدن شمال مالي. وقال المجلس في رابع بيان له يتعلق بمالي منذ انقلاب 22 مارس (آذار) إن «أعضاء مجلس الأمن عبروا عن قلقهم العميق حيال التهديد الإرهابي المتزايد في شمال مالي الناجم عن وجود أعضاء من (القاعدة في المغرب الإسلامي) وعناصر متطرفة بين المتمردين» و«يدينون أعمال العنف والسلب بما في ذلك ضد العاملين في المجال الإنساني وخطف الدبلوماسيين الجزائريين في مدينة غاو». وفي هذا البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة رئيسة المجلس خلال الشهر الحالي، دعا الأعضاء الـ15 «إلى الإفراج الفوري عن جميع الأشخاص المخطوفين وإلى الوقف الفوري للعنف، وجددوا دعوتهم إلى جميع الأطراف في مالي للبحث عن حل سلمي عبر حوار سياسي ملائم».

كما دانت جامعة الدول العربية عملية خطف الدبلوماسيين الجزائريين في غاو. ودعت الأمانة العامة للجامعة، في بيان لها أمس، الخاطفين وكافة الأطراف التي لها علاقة بهذا الحادث إلى الإفراج الفوري عن الدبلوماسيين الجزائريين.

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «الخبر» الجزائرية أمس أن مفاوضين جزائريين أبلغوا أطرافا في «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، أكبر فصائل حركة تمرد الطوارق في مالي، أن 8 من قادة الفصائل الأزوادية المسلحة سيتحملون مسؤولية سلامة الدبلوماسيين الجزائريين السبعة المختطفين في إقليم أزواد. وأضافت الصحيفة أن المفاوضين الجزائريين رفضوا إتمام صفقة الإفراج عن الدبلوماسيين المختطفين، بعد أن اشترطت حركة «التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا» إتمام عملية الإفراج عن الرهائن الجزائريين على 3 دفعات، تبدأ بالإفراج عن 3 رهائن كدفعة أولى يليها الإفراج عن باقي الرهائن. وأبلغ مفاوضون من «خلية الأزمة» التي شكلتها الجزائر لمتابعة أوضاع دبلوماسييها المختطفين، مفاوضين من أعيان المنطقة وحركة «تحرير أزواد» بأن الجزائر ستضطر لملاحقة بعض قادة الفصائل المسلحة الأزوادية التي أكدت التحقيقات أنها تواطأت مع خاطفي الدبلوماسيين.

ومن جانبها، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس، نقلا عن شهود، بأن عناصر من حركة بوكو حرام النيجيرية التي تبث الرعب في نيجيريا، شاركوا في العملية، وفي المجموع أشير إلى تواجد نحو 100 من عناصرها في المدينة، حسب مصادر متطابقة. وأفادت بعض المصادر أن تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» الذي كثف الاتصالات مع «بوكو حرام» بدأ تعاونا ينذر دول المنطقة والدول الغربية بتواطؤ قد يزيد في زعزعة استقرار المنطقة. واحتج ماليون، خلال مسيرة شارك فيها مئات الأشخاص أمس في باماكو من أجل «تحرير» الشمال، على تواجد عناصر «أجنبية» بين الحركات المسلحة للمنطقة. وهتف المتظاهرون «فليسقط الانفصاليون» ورفعوا لافتة في مقدمة المسيرة كتب عليها «مالي غير قابلة للتقسيم» وتدعو إلى «إنقاذ الوحدة الوطنية والجمهورية». وقالت صفية تراوري، 68 سنة، التي حرصت على المشاركة في المسيرة «إنني مسنة لكنني اليوم سأجد ما يكفي من القوة كي أسير من أجل تحرير شمال مالي».