إيران تستعد لتقديم «مقترحات جديدة» خلال مفاوضات إسطنبول .. وتحظر بيع النفط إلى ألمانيا وإيطاليا

الدول الغربية تعتبر اجتماع السبت خطوة أولى لعملية إعادة بناء الثقة مع طهران

TT

أعلن كبير مفاوضي الوفد الإيراني سعيد جليلي، أمس، أن بلاده ستقدم «مقترحات جديدة» لمحاولة تسوية الأزمة حول ملفها النووي المثير للجدل، وذلك خلال المفاوضات المقررة السبت المقبل مع الدول الست الكبرى في إسطنبول. وعلى الرغم من الإعلان الإيراني، فإن الولايات المتحدة والدول الأوروبية المشاركة في المفاوضات لا تتوقع التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران في اجتماع نهاية الأسبوع، بل تعتبر اللقاء الأول الذي يجمع مفاوضي الدول الست مع المندوب الإيراني للمرة الأولى منذ 14 شهرا خطوة أولى لإعادة بناء الثقة بين الطرفين للعمل على حل أزمة الملف النووي الإيراني. وصرح جليلي لقناة «العالم» الإيرانية الناطقة باللغة العربية بأن «الوفد الإيراني سيقدم اقتراحات جديدة، ونأمل أن تكون للجانب الآخر مقاربة مشابهة وبناءة لخوض المفاوضات». ولم يحدد جليلي، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران وكبير مفاوضي الملف النووي، طبيعة «المبادرات» الإيرانية. ويجتمع ممثلو مجموعة «5+1»، أي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، مع إيران بعد تبادل رسائل بين ممثلة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وجليلي لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة. ودعت الولايات المتحدة طهران إلى اتخاذ «إجراءات ملموسة» لإقناع القوى العظمى بأنها لا نية لديها في حيازة السلاح النووي. والولايات المتحدة هي أحد محاوري إيران ضمن مجموعة «5+1» التي تضم أيضا روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وأفادت مصادر دبلوماسية أوروبية بأن اجتماع يوم السبت سيكون جوهريا في تحديد ما إذا كانت إيران «جادة» في المفاوضات المقبلة أم لا، مضيفة أن الدول الست لن تقدم مقترحا جديدا لإيران. وقالت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» شرط عدم كشف هويتها إنه من غير المتوقع بحث قضية العقوبات المفروضة على إيران في اجتماع إسطنبول، مشيرة إلى أنه على إيران اتخاذ خطوات ملموسة قبل النظر في قضية العقوبات.

وفي إشارة إلى العقوبات التي عززتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2010 بحظر تجاري ومالي ونفطي، قال جليلي إن «لغة التهديد والضغوط لم تعط نتيجة أبدا، وأدت فقط إلى تعزيز تصميم الشعب الإيراني». إلا أن مسؤولين من الدول الست يعتبرون أن العقوبات والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية دفعت الإيرانيين على العودة إلى طاولة المفاوضات.

في الوقت نفسه، وسعت طهران دائرة الحظر على الصادرات النفطية لتشمل ألمانيا وإيطاليا، وأعلنت عن خطط لحظر الواردات من دول الاتحاد الأوروبي. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أمس أن طهران أوقفت صادراتها النفطية إلى ألمانيا وفرضت عقوبات على مائة شركة في الاتحاد الأوروبي ردا على عقوباته النفطية والمصرفية قبل ثلاثة أيام من استئناف المفاوضات النووية. وذكرت قناة «العالم» أن «إيران أوقفت صادراتها إلى ألمانيا بعد إجراء مماثل يتعلق بفرنسا وبريطانيا»، موضحة أن «الصادرات إلى إيطاليا ستتوقف أيضا». وتابعت القناة نقلا عن مصدر واسع الاطلاع أن «جمهورية إيران الإسلامية قررت أيضا معاقبة مائة شركة أوروبية ومنع استيراد منتجاتها ردا على العقوبات غير الشرعية والأحادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي».

وقالت شبكة «برس تي في» التلفزيونية الإيرانية على موقعها على الإنترنت أمس إنه قد تم فرض حظر حتى الآن على تصدير النفط لبريطانيا وفرنسا واليونان وإسبانيا. ولم تؤكد وزارة النفط حتى الآن سوى الحظر المفروض على اليونان. واعتبرت المصادر الغربية أن تقييم واشنطن اليوم للملف النووي الإيراني يأخذ بالدرجة الأولى التحذيرات الإسرائيلية التي تقول إن تشغيل منشأة فوردو النووية يعني «انتقال إيران من منطق توفير القدرة على إنتاج السلاح النووي إلى منطق اللاعودة وتوفير المناطق الحصينة التي تسمح لإيران بإنتاج القنبلة عندما تقرر ذلك». وتؤكد المصادر الغربية أن قاعدة التفاهم بين مجموعة الست تقوم على ثلاثة أسس: رفض الجميع امتلاك إيران للسلاح النووي، تمسك الكل ببقاء المجموعة الطرف الذي يفاوض إيران، وأخيرا التمسك بالخيار الدبلوماسي في وجه البديل العسكري الذي لا يرغب فيه أحد.

وترمي المصادر الغربية سلفا مسؤولية الفشل على الجانب الإيراني، إذ إنه الوحيد الذي يمكن أن يبادر إلى تعليق الاجتماع، حيث إن مجموعة الست «تريد مواصلة المسار التفاوضي» ما دام الإيرانيون لم يلجأوا إلى الاستفزاز عن طريق طرح المطالب التعجيزية. وتؤكد هذه المصادر أن الغربيين «متفقون في ما بينهم» على نوعية تدابير الثقة المطلوبة من إيران وعلى الهدف النهائي للمفاوضات. لكن «التكتيك» يمكن أن يختلف بين طرف وآخر حول مطالب «تفصيلية». وتعتبر المصادر الدبلوماسية الغربية أن «العامل الإسرائيلي» هو «أحد العوامل وليس المعادلة كلها»، وأن تحديد الإسرائيليين لـ«الخطوط الحمراء» التي يرفضون قبول ما يتخطاها «عناصر يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار»، إذ إن الهدف الأساسي للمجموعة هو «تفادي الحرب». ويشدد مسؤولون أوروبيون على أن «بناء الثقة» عامل جوهري في نجاح عملية تدريجية من المفاوضات، لا تريد ربطها بعامل زمني محدد، ولكن في الوقت نفسه تؤكد أن المفاوضات ليست مفتوحة من دون نتائج ملموسة.