الحكومة السورية والمعارضة تترقبان دخول «وقف إطلاق النار» حيز التنفيذ

الغضبان لـ «الشرق الأوسط»: لن نعطي النظام مبررا لتحميلنا مسؤولية خرق الهدنة وإفشال خطة أنان

سوريون يؤدون صلاة الجنازة على ضحاياهم في بلدة كفرزيتا أمس (أ.ف.ب)
TT

من المقرر أن تشكل الساعة السادسة من صبيحة اليوم بتوقيت العاصمة السورية دمشق موعدا لبدء التطبيق الفعلي لخطة المبعوث الأممي إلى سوريا، كوفي أنان، بعد مرور 48 ساعة على الموعد المحدد مسبقا لدخول خطته حيز التنفيذ، والتي تنص في مرحلتها الأولى على وقف إطلاق النار من قبل النظام السوري والمعارضة في آن معا.

وفي حين أكد أنان أمس تلقيه «تأكيدات» من الحكومة السورية بأنها «ستحترم وقف إطلاق النار»، متوقعا في حال التزم طرفا المعادلة السورية بالهدنة بأن «نلاحظ تحسنا واضحا للوضع على الأرض، وقد نشهد تقدما»، شددت المعارضة السورية على أن قرارها واضح ونهائي لناحية الالتزام بالهدنة، وعلى نيتها عدم الانجرار إلى ردود الفعل، بهدف تفويت الفرصة على مساعي النظام السوري بإظهارها وكأنها المسؤولة عن الأعمال العسكرية وقتل المدنيين.

وكان وزير الخارجية السورية وليد المعلم أعلن أول من أمس من موسكو أن سوريا «ستواصل خطوات حسن النية تجاه خطة أنان وستبذل كل جهد لإنجاح المحادثات مع وفده الفني للوصول إلى بروتوكول». وقال: إن من مصلحة حكومته «الوصول إلى وقف مستدام للعنف من أي طرف كان وبكل أشكاله، ولكن بسبب تجربتنا مع بعثة المراقبين العرب نحرص على أن يكون وقف العنف مستداما بوجود بعثة المراقبين الدوليين لمراقبة أي خرق يحصل من أي طرف لهذا الاتفاق».

وفي موازاة إعلان المعلم أن «الحكومة السورية قامت بسحب بعض وحدات الجيش من بعض المحافظات تنفيذا للبند الثالث من خطة أنان»، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «العمليات العسكرية استمرت أمس في أكثر من منطقة»، لافتا إلى أن «انخفاض عدد القتلى أمس لا يعني بالضرورة وقف العمليات العسكرية».

وأكد عبد الرحمن أن «الحكم يكون على الأفعال وليس على الأقوال»، تعليقا على إعلان أنان تلقيه تأكيدات من الجانب السوري، وأضاف: «ننتظر الأفعال لنحكم عليها، لأننا طيلة أكثر من عام رأينا أقوالا لكننا لم نر أفعالا»، معتبرا أن «خطة أنان هي الملاذ الأخير للوصول إلى مرحلة انتقالية».

وجدد «الجيش السوري الحر» تأكيده الالتزام بالهدنة، مقللا في الوقت عينه من جدواها. وقال أحد المتحدثين باسمه لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الهدنة التي أعطيت هي فرصة إضافية لقتل الشعب السوري»، وسأل: «أين الفرصة التي أعطيت لـ(الجيش الحر) ليقيم الهدنة، وهل يبقى مجال لأي هدنة عندما تكون ساكنا وتتعرض لهجوم من كل مكان». وأعرب عن اعتقاده بأن «الهدنة، وإن كنا سنلتزم بها، إلا أنها لن تؤدي غرضها، لأن النظام لن يهادن إلا حين يتمكن من إخماد الثورة، ليثبت حكما أكثر طائفية وعنصرية وديكتاتورية من أي وقت مضى».

وفي الإطار عينه، اتهم قائد «الجيش الحر» رياض الأسعد النظام السوري بأنه «كاذب ولا يطبق أي التزام له»، مشيرا إلى أن النظام «لم يسحب قواته بل قام بإعادة انتشار وهو استخدم كافة الأسلحة الثقيلة في قصف المدن». وقال لقناة «الجزيرة» أمس: «النظام السوري يلعب على بعض الكلمات وبتنا نعرف هذه الأمور»، مطالبا «بتطبيق مبادرة أنان وسحب القوات السورية من كل المدن وإزالة الحواجز الأمنية».

وأكد عضو «المجلس الوطني السوري» الدكتور نجيب الغضبان لـ«الشرق الأوسط» أن المعارضة السورية، بمقوماتها الثلاثة من حراك شعبي و«مجلس وطني» وحتى «الجيش الحر»، تؤيد بالمطلق كل ما يؤدي إلى وقف القتل والدماء والمجازر بحق الشعب السوري، مشددا على أنها «لن تعطي النظام أي مبرر أو فرصة لتحميلها مسؤولية خرق الهدنة ولإفشال مهمة أنان».

وقال: «انتظرنا الكثير ونحن قادرون على الانتظار لساعات، وسنكون واضحين جدا أمام المجتمع الدولي لناحية تأكيد من هو الطرف المسؤول عن عدم الالتزام بوقف إطلاق النار»، مذكرا بأن «النظام السوري أعلن عن قبوله بخطة أنان منذ طرحها لكننا شهدنا تصعيدا عسكريا في الأيام الثلاثة الماضية مع ارتفاع حصيلة الشهداء». وأوضح أن ما قاله المعلم في موسكو «لناحية الانسحاب العسكري الجزئي واللعب على الكلام والدخول في التفاصيل إنما يأتي في إطار لعبة المماطلة التي يتبعها النظام، والتي بات المجتمع الدولي والعربي يدركها جيدا».

وتوقف الغضبان عند ما صدر من مواقف دولية أشارت إلى أن مبادرة أنان هي المبادرة الأخيرة تجاه سوريا، وآمل أن «يكون الروس على استعداد لتعاون إيجابي في مجلس الأمن»، موضحا: «إننا واثقون من أن المجتمع الدولي قادر على حماية المدنيين وله سوابق في البوسنة وكوسوفو».

وفي حين جدد الغضبان التأكيد «على أننا نتابع لحظة بلحظة التطورات، ومستعدون للتعاطي الإيجابي مع مبادرة أنان التي من المهم تطبيقها متكاملة بالشكل الذي جاءت فيه»، حذر في الوقت عينه من أنه «في غياب موقف مسؤول، يبقى لنا خيار الشعب السوري في الدفاع عن نفسه وتقوية تسليح (الجيش الحر)». وقال: إن «ثمة فرصة ضئيلة لالتزام النظام بتطبيق الخطة كاملة، لكن الهدف الأساسي بالنسبة لنا هو وقف القتل وحماية المدنيين، في حين أن الهدف البعيد هو تغيير النظام السوري، والتغيير آت».

من ناحيته، اعتبر عضو المكتب التنفيذي في «المجلس الوطني السوري» سمير نشار، في مقابلة تلفزيونية، أن «خطة أنان ما زالت قائمة نظريا أما عمليا فهي سقطت»، مشيرا إلى أن «الشعب السوري يعرف تماما أن النظام السوري لا يتمتع بأي مصداقية، وأن أنان يأخذ وقته ليتيقن أن النظام ليس صادقا».

ودعا عضو المجلس الوطني الدكتور وليد البني، في حديث صحافي، «مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته، خصوصا بعد انتهاء المهلة التي حددها أنان لوقف العنف، دون إحراز أي تقدم، وأن يتخذ موقفا قويا لإجبار النظام السوري على وقف القتل»، معتبرا أن «المصير الذي ينتظر بشار هو مصير القذافي إذا لم يحترم إرادة الشعب والدم السوري».