أربيل تعتبر عزم المالكي تقديم مسودة قانون النفط المثير للجدل للبرلمان «عملا استفزازيا»

مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: من المستحيل تمريره من دون موافقة كردية

نوري المالكي
TT

اعتبر مصدر في حكومة إقليم كردستان خطوة مجلس الوزراء العراقي الذي يترأسه نوري المالكي بتقديم مسودة قانون للنفط والغاز إلى البرلمان العراقي «عملا استفزازيا» ضد القيادة الكردية، مؤكدا «أن أي قانون لا يحظى بإجماع الكتل والمكونات العراقية لا يمكن له أن يحقق النجاح، وخاصة قانون النفط والغاز وهو من أهم القوانين التي تحدد مصير البلد».

وتستعد الحكومة العراقية لتقديم مسودة قانون النفط إلى مجلس النواب بعد تأخر طويل بسبب النزاع الدائر بين الحكومتين المركزية والإقليمية، وهو النزاع الذي يرجع إلى أكثر من 5 سنوات متواصلة جرت خلالها الكثير من المفاوضات العقيمة بين الطرفين من دون التوصل إلى اتفاقات بشأن تمرير هذا القانون الذي تستفرد الحكومة العراقية بتقديمه حاليا إلى البرلمان بالضد من إرادة القيادة الكردية.

وتتمحور الخلافات النفطية بين أربيل وبغداد حول العقود النفطية التي أبرمتها حكومة الإقليم مع أكثر من 40 شركة نفط عالمية تعترض الحكومة العراقية عليها، متذرعة بعدم وجود قانون ينظم مثل هذه العقود والجهات المخولة بإبرامها، وبحسب القانون الذي تزمع الحكومة العراقية تقديمه إلى البرلمان، فإن جميع الصلاحيات المتعلقة بعمليات النفط أصبحت محصورة بيد الحكومة العراقية، ما يعني إلغاء حق الأقاليم والمحافظات، ومنها إقليم كردستان في توقيع أي عقود نفطية مع أي شركة عالمية من دون موافقة الحكومة العراقية، وهذا ما اعتبره الدكتور علي حسن بلو، الخبير النفطي الكردي في وزارة الموارد الطبيعية ورئيس لجنة النفط والغاز السابق بالبرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه «أمر غير قابل للقبول مطلقا». وقال «إن خطوة حكومة المالكي هذه تعتبر عملا استفزازيا ضد القيادة الكردية والشعب الكردي عموما، ففي حين نسعى في الإقليم إلى تطوير مواردنا النفطية، ونحاول جر الشركات العالمية العملاقة للاستثمار في المجال النفطي ودعم البنية التحتية للاقتصاد الكردستاني، وتنويع مصادر الخزينة العراقية، نجد بالمقابل مواقف غير منطقية من الجانب العراقي من خلال رفض الكثير من العقود التي نجحت حكومة الإقليم في إبرامها مع عدد من الشركات العملاقة، وهذا القانون الذي تزمع الحكومة العراقية تقديمه للبرلمان لا يبقي على أي سلطة أو صلاحية للأقاليم والمحافظات المنتجة للتصرف بمواردها، وتحصر جميع الصلاحيات بيد الحكومة العراقية وبشخص رئيسها، وهذا أمر غير مقبول، فرئيس الوزراء الحالي يبسط سيطرته الكاملة على أهم مرافق البلد من المخابرات إلى الأجهزة الأمنية إلى المراكز المالية، ويحاول السيطرة على القطاع النفطي أيضا، وهذا أمر غير منطقي بالمرة».

وحول موقف الأكراد من القانون في حال إصرار الحكومة على تقديمه بمعزل عنهم، قال بلو «من غير الممكن تمرير القانون بالضد من إراداتنا وإرادة بقية المكونات الأخرى، ومن المستحيل أن يمرر قانون كهذا في البرلمان من دون موافقة كردية، فنحن لن نقبل تحت أي ظرف كان أن يستأثر رئيس الوزراء بكل الصلاحيات في كل مفاصل الدولة».

وأشار الخبير النفطي إلى «أن هذا المشروع هو الثامن الذي تعده الحكومة العراقية وتحاول تمريره في البرلمان، وأعتقد أنه سيواجه الفشل كسابقاته ما دام لا يحظى بإجماع عراقي، والمشكلة أن الحكومة العراقية تتعامل معنا بأسلوبين متناقضين، فحين تشعر بالضعف تحاول كل جهدها استرضاء الأكراد وتقديم الوعود والعهود بتلبية جميع مطالبهم، وحين تشعر بشيء من القوة تتنصل وتتنكر لكل تلك التعهدات والوعود، وإلا فنحن بيننا وبينهم اتفاق سابق يقضي بإعداد مشروع مشترك متوافق عليه لقانون النفط والغاز قبل عرضه على البرلمان لكي يحظى بالقبول، وهذا ما تنكرت له الحكومة العراقية الحالية».

وكانت الدبلوماسية الكردية المرافقة لرئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي زار مؤخرا الولايات المتحدة قد سجلت نقطة مهمة لصالحها في الصراع النفطي مع بغداد من خلال نجاحها بإقناع شركة «إكسون موبيل» النفطية الأميركية العملاقة بالمضي في تنفيذ عقدها النفطي الموقع مع حكومة الإقليم في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، متحدية بذلك جميع الضغوط والتهديدات التي أطلقتها الحكومة العراقية عبر نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بحرمانها من العقود العراقية.