بوتين يدافع عن إنجازاته.. ونواب من المعارضة يغادرون احتجاجا

قبِل بتحديد فترة الرئاسة بمدتين.. وانتقد سياسات الاتحاد السوفياتي السابق في الشرق الأوسط

أعضاء مجلس الدوما يستمعون إلى خطاب بوتين في موسكو أمس (رويترز)
TT

عبر رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين أمس عن تأييده لتحديد فترة حكم رئيس الدولة بفترتين، مثلما هو معمول به الآن في البلاد، وذلك خلال جلسة في مجلس الدوما شهدت انسحاب نواب حزب «روسيا العادلة» المعارض احتجاجا على تصريحات لبوتين.

واعتبر بوتين أنه من «المنطقي» تحديد فترة حكم رئيس الدولة بفترتين فقط، مشيرا إلى أن موافقته على ذلك لا تعود إلى أن التعديل المقترح لا ينال من وضعيته الدستورية ومن احتمالات ترشحه لفترة رابعة، «نظرا لأن القانون لا يسري بأثر رجعي». وقال بوتين إن ذلك لا يعني أيضا حتمية ترشحه لفترة ولاية رابعة بعد انتهاء ولايته المقبلة في عام 2018، وخصوصا أن هناك الكثير من الأفكار التي تراوده بشأن مستقبله.

وأشار بوتين خلال تقديم تقريره الختامي عن عمل الحكومة في الفترة الماضية إلى نجاح حكومته في تحقيق الكثير من الإنجازات التي ساهمت في تجاوز روسيا للأزمات الاقتصادية التي واجهتها خلال السنوات الأخيرة وبما حققت معه روسيا نسبة نمو تقدر بـ4,3% لتحقق المركز الثالث في العالم بعد الصين والهند، متقدمة على الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي.

وتناول بوتين ما قامت به بلاده لاستعادة قدرات القطاع الزراعي بعد موجة الجفاف التي ضربت روسيا عام 2010. وقال: «دعمنا المزارعين وازدادت فاعلية عملهم، فحققوا الكثير من الإنجازات. وشهد القطاع الزراعي عام 2010 نموا بمقدار 22%»، مشيرا إلى أن بلاده تشغل المركز الثالث في العالم في قائمة مصدري الحبوب.

ومضى بوتين يقول إن ديون الدولة في الولايات المتحدة تجاوزت نسبة 100% وفي أوروبا نحو 90% بينما لم يبلغ دين الدولة في روسيا سوى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعتبر من أفضل المؤشرات في العالم، لا في مجموعة الـ8 الكبار فحسب، بل وضمن مجموعة العشرين ومجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا).

وقال بوتين إن بلاده ستبلغ بعد سنتين أو ثلاث سنوات المستوى الذي يضعها ضمن قائمة الاقتصادات العالمية الخمسة الكبرى. وأشار أيضا إلى أن استحداث الاتحاد الجمركي وتشكيل الفضاء الاقتصادي الأورو - آسيوي يعتبران حدثين جيوسياسيين وتكامليين هامين على الساحة السوفياتية السابقة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وكشف عن أن ما ستقوم به روسيا خلال الفترة القريبة المقبلة سيتركز في إطار «إطلاق مشروع الاتحاد الاقتصادي الأورو - آسيوي عام 2015 مع بيلاروس وكازاخستان وغيرهما من الشركاء المعنيين بتعاون أكثر تقدما».

وتناول بوتين في معرض رده على أسئلة نواب مجلس الدوما علاقات روسيا مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي قال إنها تستهدف في نهاية المطاف حماية مصالح روسيا الاستراتيجية. وكان الشيوعيون انتقدوا توقيع اتفاق تأجير مطار أوليانوفسك لخدمة قوات الناتو في أفغانستان، وهو ما قال بوتين إنه يستهدف تحقيق الاستقرار هناك والحيلولة دون اندلاع الاضطرابات في المناطق المتاخمة لطاجيكستان والحدود الجنوبية للدولة الروسية. أما عن علاقات روسيا مع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قال بوتين إن بلاده لم تخسر كثيرا من جراء ما حدث في هذه المناطق، بينما استعاد بعضا من مشاهد الماضي القريب ومنها علاقات الاتحاد السوفياتي السابق مع مصر. وقال بأخطاء ضخ الاستثمارات وتقديم المعونات دون مقابل، في إشارة لا تخلو من مغزى تجاه التعاون السوفياتي المصري إبان عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. وإذ أعاد إلى الأذهان ما خسره الاتحاد السوفياتي بسبب تحول النظام بعد رحيل عبد الناصر، قال إن ما حدث كان لاعتبارات آيديولوجية خاطئة، وإن تدارك ما قاله ليشير إلى أنه لا يعرف ما كان يمكن أن يقدم عليه لو كان الأمر بيده آنذاك.

أما عن علاقات روسيا خلال الفترة الأخيرة فقال بوتين إن بلاده لم تقدم أية هدايا أو عطايا، أما عن العقود الموقعة مع ليبيا فقال إن مشاورات تجرى مع القيادة الجديدة هناك توحي باحتمالات تحقيق التقدم. وأضاف أن روسيا لم تكن لتستطيع وقف ما جرى في المنطقة من تحولات، وإن بلاده تراعي على الدوام مصالحها الاستراتيجية، وإنها ينبغي أن ترتفع بمستوى اقتصادها وبما يمكن معه استمالة الآخرين إلى التعاون مع روسيا. وكان انتقد وضع بلاده غير الجاذب للاستثمار ووجودها في المركز الـ178 في قائمة الدول ذات المناخ الأكثر استمالة للاستثمار في مجال البناء. وأعلن عن التفكير في إنشاء مركز حماية الاستثمارات الأجنبية والتخفيف من أعباء الضرائب لحفز التطور والتنمية.

وشهدت جلسة أمس مغادرة نواب حزب «روسيا العادلة» المعارض (64 من أصل 450) قاعة مجلس الدوما احتجاجا على تصريحات لبوتين حول إضراب عضو سابق في الحزب، أوليغ تشين، وعدد من أنصاره عن الطعام في استراخان (جنوب غربي روسيا) من أجل التنديد بعمليات تزوير في الانتخابات. ويدين هؤلاء فوز مرشح حزب بوتين في الانتخابات البلدية التي جرت الشهر الماضي في استراخان في انتخابات يقولون إنها شهدت عمليات تزوير. وقال بوتين: «على حد علمي، زميلكم تشين بدأ إضرابا عن الطعام لكنه لم يلجأ إلى القضاء، وهذا غريب بصراحة. لماذا يقوم بإضراب عن الطعام بينما تستطيع المحكمة توضيح الأمور؟»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يعرف تفاصيل القضية. وكتب النائب إيليا بونوماروف على صفحته في «تويتر» أن زعيم حزب «روسيا العادلة» سيرغي ميرونوف «أصدر الأمر بالخروج من القاعة بسبب وقاحة بوتين. نحن راحلون».

كما شهد المحيط المجاور لمجلس الدوما أمس محاولات من جانب ممثلي المعارضة اليسارية للوصول إلى مقربة من المدخل الرئيسي للمجلس احتجاجا على تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية. وقامت الشرطة باعتقال سيرغي أودالتسوف زعيم الجبهة اليسارية المعارضة لدى محاولته الاقتراب من مدخل البرلمان. وقد حالت قوات الشرطة دون استمرار احتجاجات المتظاهرين ومواصلة فعاليتهم التي أطلقوا عليها تسمية «الدوما البيضاء»، في إشارة إلى انتساب حركتهم الاحتجاجية إلى الثورات الملونة التي كانت اندلعت في عدد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق.