أنقرة تطالب بقرار أممي لحماية المدنيين السوريين وتلمح إلى إنشاء منطقة عازلة

تعرض مخيم للاجئين في تركيا لإطلاق نار جديد من الأراضي السورية

لاجئون سوريون من مخيم كيليس التركي على الحدود مع سوريا يتظاهرون احتجاجا ضد النظام السوري (أ.ف.ب)
TT

طالبت تركيا بإصدار قرار من الأمم المتحدة يقضي بحماية المدنيين في سوريا في ظل استمرار العنف في البلاد والتصعيد المفاجئ للتوتر على الحدود التركية - السورية، ولمحت إلى إمكانية إنشاء منطقة عازلة لاحتواء اللاجئين على الأراضي السورية، فيما اعتبره البعض مؤشرا لشبح «إعلان حرب» بين أنقرة ودمشق.. بينما أفادت وسائل الإعلام التركية أن قوات الأمن السورية أطلقت النار مجددا باتجاه مخيم للاجئين على الحدود في تركيا ليلة أول من أمس.

وقال متحدث باسم الخارجية التركية أمس في أنقرة: إن النظام السوري لم يسحب قواته كما وعد من المدن، كما أنه ما زال يستخدم أسلحة ثقيلة، وأضاف أن العنف كان يجب أن يتوقف بحلول أول من أمس (الثلاثاء) «ولما لم يحدث ذلك، فنحن ننتظر وبشكل ملح أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يتضمن الإجراءات اللازمة لحماية الشعب السوري».

وبعد التصعيد المفاجئ للتوتر على الحدود التركية - السورية، لمحت أنقرة إلى إمكانية إنشاء منطقة عازلة لاحتواء اللاجئين على الأراضي السورية.

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من الصين، حيث كان يقوم بزيارة: «لا تدفعونا إلى حدود قدرتنا، لا نريد أن نفكر بالدخول إلى هناك. لكن إن كانت من جهة قادرة على إجبارنا على قرار كهذا فهي النظام السوري»، بحسب ما نقلته عنه وسائل الإعلام التركية. ورأت الصحف في هذه التصريحات الغامضة توجها لدى أنقرة لإنشاء منطقة عازلة على الأراضي السورية من أجل احتواء تدفق هائل من اللاجئين الساعين إلى دخول الأراضي التركية. وتثير تلك التوقعات قلق المعارضة التركية، والتي تخوفت من «فوضى» في حال قررت تركيا خوض الأزمة السورية وحدها عبر إنشاء منطقة عازلة.. وذلك كون إنشاء منطقة مماثلة يتطلب وجود الجنود الأتراك في سوريا.

وقال الكاتب محمد علي بيراند في صحيفة «حرييت ديلي نيوز» إن «الاسم الرسمي لهذا النوع من الأمور هو اجتياح سوريا. وفي حال اجتياز مرحلة إضافية، سينتهي الأمر بالقول: إن سوريا وتركيا في حالة حرب».

كما أشارت الصحف إلى أن أردوغان يعتزم مواصلة جهوده الرامية إلى التوصل إلى إجماع دولي بشأن الصراع في سوريا، وقالت: إن أردوغان العائد من زيارة للصين يعتزم التوجه غدا إلى السعودية، كما أنه يدرس القيام بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو.

وأقر دبلوماسيون أتراك أن «جميع الخيارات مطروحة»، ما يلمح إلى أن تركيا ستبحث عدة سيناريوهات في حال عدم احترام دمشق المهلة لوقف القتال بالكامل في 12 أبريل (نيسان) عملا بخطة المبعوث الدولي كوفي أنان، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي سياق متصل قد يسهم في تفاقم الأوضاع، أفادت وسائل الإعلام التركية أن قوات الأمن السورية أطلقت النار ليل الأربعاء - الخميس باتجاه مخيم للاجئين على الحدود في تركيا. وعرضت شبكة «سي إن إن تورك» صورا لرصاص يتم إطلاقه من سلاح رشاش مصدره مبنى لمراقبة الحدود عليه العلم السوري باتجاه الأراضي التركية في منطقة كيليس (جنوب شرق).

وأفادت شبكات تركية عدة أن القوات السورية أطلقت النار على سوريين حاولوا عبور الحدود للجوء إلى تركيا، وأن الرصاص أصاب المخيم الواقع بمحاذاة الحدود دون أن يؤدي إلى سقوط جرحى، لكنه أثار الذعر بين المقيمين في المخيم.

وتؤوي تركيا حاليا نحو 25 ألف لاجئ فروا من النزاع في سوريا وتعرب بانتظام عن قلقها من وصول نازحين إضافيين، وأكد أردوغان أن مساعدة اللاجئين كلفت حتى الآن 150 مليون دولار.

وشهدت الأوضاع على الحدود السورية - التركية الاثنين الماضي تصعيدا مفاجئا، حيث أدى إطلاق نار من سوريا تجاه مجموعة من نحو 100 سوري لمنعهم من الدخول إلى تركيا إلى إصابة 4 سوريين وتركيين اثنين في كيليس التركية التي تضم مخيما للاجئين السوريين، وذلك بعض وصول الرصاصات إلى المخيم. وأعاد أردوغان وزير خارجيته أحمد داود أوغلو الذي كان يرافقه من بكين إلى أنقرة على وجه السرعة، حيث اتصل الأخير بنظرائه في الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.. بينما رد وزير الخارجية السوري وليد المعلم باتهام تركيا بنسف خطة أنان، عبر مساعدة المعارضين الذين تؤويهم على أراضيها وتساعدهم على تهريب الأسلحة إلى سوريا؛ والنقطة الأخيرة نفتها مصادر بالمعارضة والجيش السوري الحر.

إلى ذلك، ذكر موقع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أن عضوي مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون ماكين وجو ليبرمان التقيا عددا من قادة «الجيش السوري الحر» أثناء زيارتهما أول من أمس لمخيم اللاجئين السوريين بإقليم هاتاي التركي.

وقال الموقع إن ماكين وليبرمان التقيا العقيد رياض الأسعد، قائد «الجيش السوري الحر»، واللواء مصطفى الشيخ، قائد المجلس العسكري، موضحا أنهما أول عضوين بالكونغرس الأميركي، وأعلى مسؤولين أميركيين شأنا، يلتقيان قادة من «الجيش السوري الحر».

ويعد ماكين وليبرمان من أبرز المسؤولين الأميركيين المتحمسين لاتجاه تسليح «الجيش السوري الحر»، وهو الأمر الذي لم توافق عليه الإدارة الأميركية صراحة حتى الآن.