المعارضة السورية تؤكد انتهاك النظام للهدنة.. و«سانا» تتهم «مجموعات إرهابية» بتفجير حافلة عسكرية

نائب قائد «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: التزامنا كامل بوقف إطلاق النار لكن الدبابات تربض في المدن

صورة مأخوذة من موقع «يوتيوب» لسوريين في إدلب أمس يتظاهرون ضد النظام السوري
TT

لم يلتزم النظام السوري، أمس، التزاما كليا بهدنة وقف إطلاق النار التي نصت عليها خطة المبعوث الأممي إلى دمشق؛ كوفي أنان، والتي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ عند السادسة من صباح أمس. وعلى الرغم من عدم قيام قوات الأمن السورية بعمليات عسكرية موسعة أمس، فإن المعارضة السورية أكدت أن النظام لم يسحب آلياته العسكرية من المدن السورية ولم يلتزم بالوقف الكامل لإطلاق النار، وهو ما أظهرته مقاطع فيديو عدة بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي حين أعلنت لجان التنسيق المحلية في سوريا عن مقتل 15 شخصا برصاص قوات الأمن السورية في حماه وإدلب وريف دمشق وحلب، حتى الساعة السادسة من مساء أمس، أعلن التلفزيون الرسمي السوري أن «ضابطا في الجيش السوري قتل وأصيب 24 شخصا، بينهم ضباط وجنود ومدنيون في تفجير عبوة ناسفة قامت به مجموعة إرهابية مسلحة» في حلب. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن عبوة ناسفة استهدفت الحافلة التي كانت تقل الضباط والجنود نحو الساعة الثامنة صباحا إلى عملهم في إحدى الوحدات العسكرية في حلب، متهمة «المجموعات الإرهابية المسلحة بمواصلة تصعيد عملياتها الإجرامية التي تستهدف المدنيين والعسكريين ومحاولة ضرب استقرار سوريا والعمل على نسف أي جهود لإيجاد حل سياسي للأزمة».

ونفى نائب قائد «الجيش السوري الحر»، العقيد مالك الكردي، لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون للجيش الحر «أي علاقة باستهداف الحافلة العسكرية في حلب»، وقال: «نكاد نجزم أن هذا التفجير هو من أفعال النظام وأجهزة استخباراته التي لا تتردد في القيام بأي شيء مماثل»، مشددا على أنه «لا يمكن الركون لهذا النظام الذي يستهتر ويهزأ بأنان وبالأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) ومجلس الأمن، لأنه واثق من دعم كل من روسيا والصين وإيران له إلى ما لا نهاية».

وأكد الكردي أن «الدبابات والآليات العسكرية لم تتحرك أمس، وهي لا تزال تربض في مكانها في المدن والبلدات، محولة سوريا إلى ثكنة عسكرية كبيرة»، مبديا تخوف «الجيش الحر» من أن يكون النظام يعد لتصعيد كبير يتمثل بهجوم على كل المدن والبلدات في وقت واحد، نظرا للتعزيزات الأمنية الكبيرة التي قام بها وللإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي اتخذها في عدد من المناطق. وقال إن «الجيش الحر» التزم التزاما كاملا بالهدنة على كامل التراب السوري، لكن النظام الغادر لم يتردد في خرقها في مناطق عدة، كاللاذقية وحمص وإدلب والزبداني، إذ أنه يجد نفسه في اختراق المبادرات ويسعى للتصعيد من أجل السيطرة على الثورة المباركة.

وعلى الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم يطرأ أي تعديل على عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المناطق السورية، حيث قالت الناطقة باسم اللجنة في دمشق رباب الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المبكر الحديث عن تطورات فيما يتعلق بتوسيع دائرة عملنا الذي لا يزال مستمرا على صعيد توزيع المساعدات الإنسانية في المناطق».

وأوضحت أنه «لم تجر أي اتصالات أمس مع أي جهة سورية، لا من النظام ولا من المعارضة بعد وقف الهدنة»، وآملت أن «ينعكس الوضع الجديد إيجابا على توسيع دائرة عمل الفريق في الأيام المقبلة»، لافتة إلى أن «عمل الفريق في حمص يتولاه فقط الهلال الأحمر السوري».

ميدانيا، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إن «الهدوء ساد في كل المناطق في سوريا بعد ساعتين على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ»، لكنه أشار في الوقت عينه «إلى سماع انفجارات في منطقة الزبداني في ريف دمشق»، موضحا أنه «لم تتم ملاحظة أي انسحاب لدبابات».

وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون ولجان التنسيق المحلية في سوريا استمرار تمركز الدبابات والآليات العسكرية في معظم المناطق السورية التي تشهد احتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأكدوا اتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة في بعض المناطق، فضلا عن تحصين الدبابات بسواتر ترابية في أكثر من مكان.

وفي حماه، قالت لجان التنسيق المحلية إن الحواجز الأمنية شهدت انتشارا أمنيا كثيفا، وأخضعت السيارات للتفتيش، في ظل قطع أنواع الاتصالات كافة عن المدينة، لافتة إلى أن قوات الأمن أطلقت النار من رشاشات ثقيلة من حاجز الكركات في قلعة المضيق لمنع الأهالي من الخروج في مظاهرة. وأكد ناشطون أن قناصة تمركزوا على سطح المجمع الطبي، وقالوا إن قتيلا سقط برصاص الأمن عقب وقف إطلاق النار في الصفصافة في ريف حماه.

وفي حي القصور في حمص، نشر ناشطون مقاطع فيديو لجثة مواطن يدعى أمين حدود، قالوا إنه قتل جراء «القصف المستمر» على مدينة حمص، كما أظهر مقطع آخر جثة طفلة تدعى أحمد جمرك قتلت في القصير في حمص، أمس. وقالت لجان التنسيق المحلية إن «5 قذائف سقطت أمس على المدينة القديمة، بعد إطلاقها من قلعة حمص حيث يتمركز الجيش السوري النظامي»، وأشارت إلى رصدها «إطلاق نار كثيفا من قناصة على أحياء حمص القديمة»، فيما «تجدد القصف المدفعي على حي القرابيص».

وفي ريف دمشق، أفادت لجان التنسيق المحلية بدخول تعزيزات عسكرية جديدة تضم عربات ومصفحات وسيارات محملة برشاشات مضادة للطيران، فيما أعلن مجلس قيادة الثورة عن «بقاء المدرعات والدبابات في مدينة الغوطة الشرقية، مع تحصينها بسواتر ترابية وتشديد أمني غير مسبوق على الحواجز»، فيما وصفه بأنه «تصعيد جديد في المدينة». وذكر أن الآليات العسكرية في الزبداني واصلت أمس استهدافها للسهل، حيث أطلقت أكثر من عشر قذائف باتجاهه صباحا.

أما في حلب، فقد أكد ناشطون أن «المتظاهرين في حي الميريديان تعرضوا لإطلاق نار كثيف»، وذكرت لجان التنسيق أن «قناصة تمركزوا في مداخل حيان وبيانون على جميع المباني المطلة على أوتوستراد حلب - أعزاز».

وفي جامعة حلب، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة طلابية خرجت في الجامعة، في وقت استمر فيه الوجود العسكري والقناصة على أسطح مبان عدة في الأتارب.

وفي إدلب، قال ناشطون إن شخصين اثنين قتلا أمس في الجانودية خلال تصدي قوات الأمن لمظاهرة حاشدة خرجت في البلدة بعد وقف إطلاق النار، كما تم اعتقال خمسة متظاهرين على الأقل. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن قتيلين سقطا برصاص الأمن في مدينة سراقب، وتعرض متظاهرون في مدينة البوكمال في دير الزور لإطلاق نار كثيف.

وتجدر الإشارة إلى أنه كان من المقرر أن تنهي الحكومة السورية، بموجب المرحلة الأولى من خطة أنان، عملية سحب عتادها العسكري من المحافظات السورية كافة يوم الثلاثاء الماضي، غير أن ذلك لم يحدث وفق ما أكدته المعارضة السورية.

وكانت صحيفة «الوطن» السورية، القريبة من دوائر الحكم، قد وصفت في عددها الصادر صباح أمس «الحديث عن انسحاب الجيش من المدن بأنه اعتداء سافر على السيادة السورية»، مشددة على أن «الجيش هو مسؤول عن حماية المناطق والمواطنين، وهو أداة بسط سلطة الدولة وحفظ الاستقرار العام، خصوصا عندما تتعرض الدولة لمؤامرة خارجية وأعمال إرهابية».

وأكدت الصحيفة أن «الجيش يقوم بالمهام المنوطة به في مواجهة مؤامرة خارجية تتوسل القتل والإرهاب الموصوف»، لافتة إلى أنه «عندما ينتهي الجيش من مهامه في اجتثاث الإرهاب الذي يهدد حياة الناس، سيكون في ثكناته حكما».