شهدت المواجهات في جنوب اليمن أمس، تطورا نوعيا بمشاركة الدبابات فيها، وتفجير عدد من المواقع، في وقت تواصلت فيه لليوم الرابع على التوالي، المواجهات العسكرية العنيفة في مديرية لودر بمحافظة أبين، بين القوات الحكومية ومعها مسلحو اللجان الشعبية، من جهة، ومسلحو تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم القاعدة، من جهة أخرى.
ويواصل مسلحو «القاعدة» السعي للسيطرة والاستيلاء على مدينة لودر بشتى السبل، وقد استخدموا الآليات العسكرية التي استولوا عليها في الهجمات التي شنوها على معسكرات الجيش في أبين، في محاولتهم السيطرة على المدينة. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء المسلحين استخدموا الدبابات في قصف عدد من المباني الحكومية، وإن مبنى مؤسسة الكهرباء شوهد وهو يحترق بالكامل، وهي المبنى الذي يقع في جنوب المدينة.
وفي المقابل، يواصل المسلحون من أفراد اللجان الشعبية المنظمين في إطار «ملتقى شباب لودر» استبسالهم في الدفاع عن المدينة، وباتت مواقفهم وقتالهم لعناصر «القاعدة» حديث الأوساط في الساحة اليمنية ومحل إعجاب وإشادة من كافة المناطق والأطراف.
وقتل في استمرار المواجهات العشرات من مسلحي «القاعدة» والجنود وأفراد اللجان الشعبية. وقال مصدر محلي في لودر لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين المهاجمين ينقلون جرحاهم إلى مدينة جعار، عاصمة مديرية خنفر، التي يسيطرون عليها، ولديهم كادر طبي، وبينهم جنسيات عربية وأجنبية. وتشير المصادر إلى عدم قدرتهم على نقل الكثير من جثث زملائهم المنتشرة في أطراف مدينة لودر التي أخرجوا منها بالقوة على يد شباب المدينة في يوليو (تموز) الماضي، بعد أن خضعت لسيطرة هذه الجماعات المتشددة.
وما زال الجدل دائرا في الساحة اليمنية بشأن الإمكانيات الكبيرة والنشاط المحموم لـ«القاعدة» في الآونة الأخيرة في جنوب اليمن ومصدر تمويلهم، حيث توجه أصابع الاتهام إلى أطراف في النظام السابق بتقديم الدعم لهذه الجماعات، إضافة إلى أن مصادر ترجح وصول معظم المقاتلين الأجانب إلى أبين عبر البحر قادمين من الصومال. وفي السياق ذاته، قتل مسلحون مجهولون أمس، 8 من الجنود وأصابوا ضابطا و5 جنود آخرين في هجوم نفذوه على الشكيل التابعة للواء «23 ميكا» بمحافظة حضرموت، واتهمت وزارة الداخلية اليمنية تنظيم القاعدة بالوقوف وراء الهجوم، وقالت إن المهاجمين استخدموا قرابة 10 شاحنات، كما استخدموا عددا من السيارات لتنفيذ الهجوم الذي وصفته بالغادر، والذي قالت إنه كان يهدف إلى السيطرة على النقطة العسكرية المهمة والقريبة من منطقة العبر الاستراتيجية والقريبة من الحدود اليمنية - السعودية. وقتل المئات من الضباط والجنود اليمنيين في هجمات متفرقة استهدفتهم الآونة الأخيرة، في المحافظات الجنوبية والشرقية، إضافة إلى سلسلة واسعة من عمليات الاغتيالات التي نفذها مسلحون مجهولون بحق عدد غير قليل من ضباط أجهزة المخابرات اليمنية.
على الصعيد السياسي، أقر مجلس الوزراء اليمني، أمس، تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزيرة حقوق الإنسان، حورية مشهور، تكون مهمتها «إجراء حوارات تمهيدية مع الشباب في ساحات وميادين الحرية والتغيير والقوى والأطراف السياسية غير الموقعة على المبادرة الخليجية، في إطار التحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل»، الذي تتجه إليه الأنظار وتتوقع انعقاده في القريب العاجل. وأكدت الحكومة اليمنية أن على اللجنة الوزارية سرعة البدء في عملها وتشكيل لجان فرعية للنزول إلى أمانة العاصمة وكافة المحافظات، وبما يساعد على عملية التحضير الجيد للحوار الوطني الذي سيناقش كافة القضايا على الساحة الوطنية بكل شفافية ودون إقصاء لأحد باتجاه المصالحة الوطنية الشاملة. ودعت «كافة القوى والأطراف السياسية إلى التفاعل الجاد وغير المشروط مع الحوار الوطني الشامل باعتباره المخرج الأمثل من الظروف الحالية الصعبة التي يمر بها الوطن، والحاجة الملحة للتوافق الوطني لتجاوز كل هذه الأوضاع والانطلاق نحو بناء الدولة المدنية الحديثة التي يسودها الاستقرار والحرية والعدالة الاجتماعية».