البرلمان المصري يقر قانونا يمنع عمر سليمان من الترشح للرئاسة

بعد جلسة عاصفة ومرتبكة ورفض من الحكومة

TT

بعد سجال دستوري وقانوني وفي جلسة استثنائية ساخنة ومرتبكة، أقر البرلمان المصري أمس تعديلا على قانون مباشرة الحقوق السياسية، يحظر على نائب الرئيس السابق عمر سليمان والفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، مباشرة حقوقهما السياسية، ومن بينها حق الترشح في الانتخابات الرئاسية.

وكان سليمان وشفيق قد تقدما بأوراق ترشحهما إلى اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل، عبر تأييدات شعبية. ولم تعلن اللجنة بعد القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات التي تقدم لها 23 مرشحا.

ويحظر التعديل في قانون مباشرة الحقوق السياسية على من شغل، خلال العشر سنوات السابقة على يوم 11 فبراير (شباط) العام الماضي، منصب رئيس الجمهورية، أو نائب رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء، أو رئيس الحزب الوطني المنحل، أو أمينه العام أو أعضاء أمانته العامة، حق مباشرة الحقوق السياسية لمدة عشر سنوات من التاريخ المشار إليه (11 فبراير 2011 وهو يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك).

وأثار ترشيح نائب الرئيس السابق سليمان، الذي عمل على مدار الـ20 سنة الماضية كرئيس لجهاز المخابرات العامة، غضب قوى سياسية سارعت بدفع مشروع تعديل القانون إلى البرلمان، لكن قوى سياسية أخرى رفضته قائلة إنه «قانون استثنائي ولا يصح لبرلمان الثورة إصداره»، كما رفضت الحكومة مشروع التعديل قائلة إنه «محفوف بالعوار الدستوري من كافة جوانبه». وارتبك نواب البرلمان في مناقشات إقرار القانون، وعقب التصويت بالموافقة على توسيع الحظر ليشمل نائب رئيس الوزراء والوزراء وأعضاء أمانة السياسات في الحزب الوطني المنحل وافق البرلمان، وعاد بعض النواب وطالبوا بالتمسك بالنص الأصلي المقترح، فاضطر رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) الدكتور سعد الكتاتني لفتح باب المداولة من جديد بعد أن تقدم عشرة نواب من حزب الإخوان بطلب لنقاش توسيع الحظر وأعاد البرلمان التصويت على مشروع القرار بصفه نهائية بحسب نصه الأصلي، المقدم من اللجنة التشريعية، وسط اعتراضات عدد من النواب. وفي مباراة قانونية بين المعترضين على التعديل ومؤيديه، انبرت الحكومة في تبرير رفض تعديل القانون عبر ممثليها وزير مجلسي الشعب والشورى المستشار محمد إبراهيم عطية، ووزير العدل المستشار عادل عبد الحميد.

وقال عطية: «الحكومة تريد أن تعرف مقاصد هذا التشريع.. نجد أن الغرض منه شخص معين بالذات (في إشارة للواء عمر سليمان)»، وتابع: «كنا ندرس لطلبة في سنة أولى حقوق أن القانون يجب أن يوافق قاعدة أن يكون عاما ومجردا»، وخلص عطية إلى أن هذا التعديل تنتفي عنه صفة القانونية.

وعلق الكتاتني رئيس مجلس الشعب على كلمة الحكومة، قائلا إنه يرفض اللمز في كلامها، والإيحاء أن النواب لا يدركون ما يدرس لطلبة كلية الحقوق، مؤكدا أن البرلمان لا يمارس انحرافا تشريعيا.

وانتزع المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان تصفيق النواب بعد تعليقه على رفض الحكومة للتعديل، وقال الخضيري الذي يعد أحد أقطاب تيار استقلال القضاء، وكان رئيسا لنادي قضاة الإسكندرية إن «هذا القانون أكثر القوانين التي حيرتني على مدار 46 عاما من العمل في القانون.. لكنني سألت نفسي هل نحن في لحظة عادية أم استثنائية.. نحن ثوار وهذه لحظة استثنائية، ولا بد من أن ندافع عن أنفسنا».

وتابع: «لو جاء سليمان إلى الرئاسة سيدخل سعيد الحظ منا إلى السجن، والآخرون سيعلقون على المشانق». وتساءل الخضيري: «هل اتهم أحد ثوار ليبيا بقتل القذافي الذي قتل في مصراتة وحدها 50 ألف شخص».

وأصرت الحكومة على رفض التعديل وقال وزير العدل إن التعديل المطروح محفوف بالعوار الدستوري من كافة جوانبه لشبهة عدم الدستورية، لأنه يتعلق بحق طبيعي للمواطن كحق الانتخاب والترشيح. ورد حسين إبراهيم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين قائلا: «إذا كانت الحكومة حريصة على دستورية القوانين فلماذا أجرت انتخابات برلمانية هناك طعن بعدم دستوريتها.. الحكومة هي من تضع الألغام في طريق الثورة وليس البرلمان».

وتفصل المحكمة الدستورية العليا الأسبوع المقبل في الطعن على دستورية انتخابات البرلمان بعد أن قضت محكمة مصرية بعدم دستورية الانتخابات التي جرت مطلع العام الماضي بنظام الثلثين للقوائم الحزبية والثلث لنظام الفردي، وسمح لممثلي الأحزاب بالتنافس على المقاعد الفردية.

ورجح مصدر قضائي رفيع أن تقضي المحكمة الدستورية العليا إذا ما عرض عليها تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بعدم دستوريته، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولات البرلمان لتجنب عدم دستورية المادة المضافة للقانون عبر توطينه في قانون مباشرة الحقوق السياسية لا يعفيه من شبهة عدم الدستورية كما أنه يخالف نص المادة 26 من الإعلان الدستوري التي تنظم الانتخابات الرئاسية».

ويحتاج القانون من أجل تطبيقه إلى تصديق المجلس العسكري. كما يحق للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ 11 فبراير من العام الماضي، الاعتراض على القوانين بموجب نص الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس نهاية مارس (آذار) من العام الماضي. وفي غضون ذلك، بدأت قوى سياسية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين التحضير لفعاليات مظاهرة مليونية في ميدان التحرير اليوم (الجمعة)، لمساندة التعديل الذي أقره البرلمان أمس، والضغط على الحكومة والمجلس العسكري للإسراع بالتصديق على التعديل.

ورفضت قوى سياسية المشاركة في مظاهرات اليوم، وأعلن حزب التجمع اليساري الذي رفض تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية أنه رغم رفضه لترشيح رموز النظام السابق «لن نشارك في المظاهرة». وقال الحزب في بيان له أمس إن الدعوة للتظاهرة اليوم (الجمعة) لا تخص القوى الثورية. ورغم تأييد قوى ثورية لمطالب مليونية اليوم، قررت حركات وقوى عدم المشاركة في المظاهرة، وقالت إنجي حمدي المتحدث الإعلامي باسم حركة شباب 6 أبريل لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة لن تشارك في هذه الدعوة، مشيرة إلى أن الحركة تستعد لتنظيم مظاهرة مليونية يوم 20 أبريل (نيسان) الحالي من أجل إلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري والتي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها.