سعي دولي لـ«توحيد المعارضة» السورية

من أجل تحقيق «الشق الدبلوماسي» لخطة أنان

TT

بينما يراقب السوريون وكل مهتم بالشأن السوري الأحداث على الأرض في سوريا، منذ بدء تنفيذ الهدنة بموجب خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان أمس، فإن هناك جهودا حثيثة تبذل لتوحيد صف المعارضة السورية سعيا لإنجاح الشق السياسي من الخطة. وعلى الرغم من شكوك وسط دوائر صنع القرار في عواصم عربية وغربية من إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي مع النظام السوري، فإن خطة أنان المدعومة من مجلس الأمن والجامعة العربية تحدد ضرورة بدء عملية سياسية شاملة للبلاد في حال تم الالتزام بالهدنة الهشة.

وفي اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا الأول، الذي تم عقده في تونس في 24 فبراير (شباط) الماضي، تم اعتبار المجلس الوطني السوري «ممثلا شرعيا» للشعب السوري، لكن مع التأكيد على أنه ليس الممثل الشرعي الوحيد. وقد عملت الولايات المتحدة ودول أوروبية ودول أخرى مثل قطر وتركيا على تقديم الدعم السياسي للمجلس الوطني السوري، مع الإصرار على شمل أطراف أخرى بالعملية السياسية. وشكل اجتماع اسطنبول نهاية الشهر الماضي، والذي جمع بين أكبر عدد من المعارضين السوريين، نقطة مفصلية في تقديم رؤية للمعارضة من خلال ميثاق يتفق عليه معارضون من فصائل أخرى. وتم الاتفاق في إسطنبول وبعد اجتماع «أصدقاء الشعب السوري» في الأسبوع نفسه، على أن تعقد المعارضة مؤتمرا شاملا بدعوة جامعة الدول العربية هذا الشهر. إلا أنه حتى يوم أمس لم يتم الاتفاق على موعد محدد للاجتماع، ولم تتبلور صورة واضحة لتوحيد صفوف المعارضة، الأمر الذي تطالب به دول عدة. وهناك جهود لعقد المؤتمر قبل الاجتماع المقبل لأصدقاء الشعب السوري المزمع عقده في باريس الشهر المقبل، لكن أيضا لم يتم تحديد موعد له.

وقال مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «إنه من الصعب تقيم مدى توافق أطياف المعارضة السورية المختلفة، وإمكانية توحيد صفوفها، فهناك الجيش السوري الحر والمجلس الوطني والتنسيقيات وغيرها، بالإضافة إلى من يريدون ثورة سلمية وآخرين يفضلون المواجهة المسلحة»، مضيفا «لا أريد وصف طرف أو آخر بأنه على الصواب، لكن علينا الإقرار بوجود جهات عدة في المعارضة». وعلى الرغم من الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للشعب السوري، فإن الإدارة الأميركية ما زالت تريد إنجاح فكرة توسيع التمثيل في المعارضة السورية من خلال توسيع المكتب لتنفيذي من 12 إلى 20 عضوا يمثلون فئات سورية مختلفة.

وأفادت مصادر غربية عدة تحدثت إليها «الشرق الأوسط» حول المعارضة السورية بأن الاختلافات بين فئات المعارضة ما زالت قائمة وجوهرية، لكنها في الوقت نفسه شددت على أهمية مواصلة العمل على التنسيق بينها. ولكن عضو المجلس الوطني السوري أديب شيشكلي اعتبر أن هذه «حجة»، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «وحدة المعارضة أو عدم اتحادها لا يقف في وجه وقف إطلاق النار أو إغاثة اللاجئين، وهذا ما نطالب به». وأضاف «وحدة قرار المجتمع الدولي أهم من توحيد المعارضة».

وينعكس أمر الانقسام في المجتمع الدولي حول سوريا في تعاملها مع المعارضة السورية في هذه المرحلة الحساسة، حيث تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى «توحيد المعارضة» لاعتبارها بديلا للنظام السوري، وتعتبر المجلس الوطني السوري التجمع الأكثر وحدة، بينما روسيا تسعى إلى جعل الانقسامات بين المعارضة حجة في التعامل معها. ولفت شيشكلي إلى أن الروس يضغطون على المجلس الوطني السوري للعمل مع «هيئة التنسيق» والتي يعمل الجزء الأكبر منها داخل دمشق. لكن شيشكلي كعدد من أقطاب المعارضة السوري يشككون في هيئة التنسيق ويخشون من أنها «مخترقة» من قبل النظام السوري بحسب قوله.

وتؤكد المصادر الغربية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن «عدم وجود صف موحد للمعارضة أمر طبيعي بعد وجود نظام منع العمل السياسي لأكثر من 40 سنة»، لكن في الوقت نفسه هناك رغبة في عواصم أوروبية وعربية وفي واشنطن في تنظيم المعارضة بشكل جدي أكثر خلال المرحلة المقبلة. وهناك انتقادات للمجلس الوطني السوري بعدم ضم أكبر عدد ممكن من المعارضين في صفوفه مثل هيثم مناع وغيره، في وقت تعتزم فيه أطراف غربية عدة دفع المجلس الوطني خلال الأيام المقبلة على اتخاذ خطوات لدعم فكرة توسيع التعاون مع الأطراف الأخرى، وذلك استعدادا للاجتماع الذي من المرتقب أن تعقده الجامعة العربية. وهناك أمل أن يسمح اجتماع الجامعة العربية بدور أكبر للأكراد الذين تتحسس تركيا من دورهم بسبب قضية الأكراد الداخلية لديها، وهو أمر أيضا يصب في مجال الانقسام الدولي حول المعارضة السورية.

ولفت المسؤول الأميركي إلى أن هناك «مشكلة جوهرية» في أن وجوه المعارضة الأبرز هي في الخارج، مقارنها مع المعارضة الليبية والمجلس الانتقالي الليبي «الذي كان أعضاؤه غالبهم يعملون من داخل ليبيا وتحديدا في بنغازي، مما جعل من الأسهل التمحور حولهم». وبينما يؤكد شيشكلي وغيره من أعضاء المجلس الوطني السوري بدء تمويل تسليح المعارضة، فهناك أيضا مطالب بتعزيز الدعم المالي للمعارضة من حيث الدعم اللوجيستي، خاصة أجهزة الاتصالات، من أجل سد الفجوة بين المعارضة في الخارج والداخل. وهذا أمر تم الاتفاق عليه علنا في مؤتمر إسطنبول، ولكن لم يبدأ بعد.

وفي النهاية، هناك اتفاق دولي على أن المعارضة يجب أن تكون «جزءا من الحل» في قضية المرحلة الانتقالية المقبلة، سواء تحت خطة أنان أم لا في حال فشلها والانتقال إلى المرحلة المقبلة.