دمشق تدعو اللاجئين للعودة إلى منازلهم وتعد بالإفراج عمن لم تتلطخ أيديهم بالدم

معارضون: كيف نعود لمن ذبح أولادنا واغتصب نساءنا؟ .. وهل نسكن في الشوارع بعد أن دمروا منازلنا؟

لاجئون سوريون في احد الباصات في طريقهم الى احدمعسكرات اللاجئين في مدينة كيليس التركية الحدودية (رويترز)
TT

بالتزامن مع حديث النظام السوري عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ تطبيقا لمهمة المبعوث الدولي كوفي أنان، دعت وزارة الداخلية السورية اللاجئين السوريين الذين فروا من أعمال العنف للعودة إلى منازلهم. وأورد التلفزيون السوري أن وزارة الداخلية «تدعو المواطنين الذين اضطروا رغما عن إرادتهم إلى مغادرة بيوتهم، سواء داخل القطر (السوري) أو إلى دول مجاورة، إلى العودة إليها وعدم الالتفات للدعايات والأخبار المضللة»، كما قال في وقت لاحق، إن وزارة الداخلية «تدعو المسلحين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى أقرب مركز شرطة وسيتم الإفراج عنهم ووقف التبعات القانونية بحقهم».

وفور انتشار دعوة النظام للاجئين للعودة إلى منازلهم، ارتفعت أصوات هؤلاء الموجودين في لبنان وتركيا والأردن وغيرها من الدول، مؤكدة أنه «لا عودة إلى سوريا قبل سقوط نظام الأسد». وعمت الحملات الرافضة لمبدأ العودة في هذه المرحلة صفحات التواصل الاجتماعي، وتساءل اللاجئون «ما الذي يضمن لنا ألا ينتقم النظام منا، وهو يعتبرنا فضحنا أمره ونقلنا مجريات ما يحصل من جرائم للرأي العام العالمي؟!».

وإذ أكد المعارض السوري هيثم المالح أن «لا أحد سيعود قبل سقوط النظام»، وضع الدعوة للعودة في هذه المرحلة في خانة «حملة التضليل التي ينتهجها النظام»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يطلبون من اللاجئين العودة وكل السوريين فقدوا الثقة ومنذ وقت طويل بنظام الأسد؟!.. لن يعود أحد إلى الداخل السوري قبل سقوط العصابة الحاكمة».

وفي سياق متصل، دعا المالح السوريين لـ«الخروج وبكثافة في مظاهرات في كل أنحاء سوريا كي يعرف النظام أن السوريين يرفضون بقاءه وحتى ولو أيدوا مبادرة أنان»، وأضاف أن «هذه المبادرة ستلحق بسابقاتها من المبادرات لكون النظام لم يلتزم بأي من البنود.. هو لا يزال يعتقل أكثر من 200 ألف شخص، ولا تزال دباباته تحاصر المدن والمناطق، وهو - بعكس ما يدعي - لم يلتزم بوقف إطلاق النار».

ومن منطقة وادي خالد في الشمال اللبناني، جزم أمين سر هيئة إغاثة النازحين السوريين في المنطقة أحمد سليمان، بأنه «لا أحد من النازحين في المنطقة، الذين يقدر عددهم بـ7 آلاف، سيلبي دعوة النظام بالعودة»، لافتا إلى أن هؤلاء يعتبرون هذه الدعوة «ملطخة بالدماء والرصاص».

وأكد سليمان أنه «لا أحد من اللاجئين في المنطقة يتجرأ أصلا على العودة خوفا من عمليات انتقامية قد يقدم عليها النظام»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يتوقع النظام أن يعود السوريون الذين ذبح أطفالهم واغتصب نساءهم إلى كنفه؟! وفي حال قرروا العودة إلى أين يذهبون وهو أحرق أراضيهم ودمر منازلهم؟!. أيسكنون الشوارع؟!».

ونقل سليمان عن اللاجئين تأكيدهم أنهم لن يعودوا قبل سقوط النظام، مشددين على أن دعوته لن تلقى آذانا مصغية.

في المقابل، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، أن «الحكومة السورية ملتزمة بشكل عام بنجاح خطة (موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي) أنان طالما أن الجانب الآخر ملتزم»، معربا عن «أمله أن يتم التفاهم، ويعود الهدوء إلى سوريا».

واعتبر مقدسي أن «هناك من يريد إفشال خطة أنان، ولا يريد الحل السياسي في سوريا». وحول إمكانية إقامة منطقة عازلة من قبل تركيا، قال: «لا نتخوف من أي شيء، فعمر الأزمة 14 شهرا، ورأينا الكم الهائل من التصريحات في هذا الاتجاه ولكن لا يمكننا منع ارتكاب أي حماقة من قبل أي دولة، لكننا سندافع عن أي شبر من سوريا».

ورد رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون على ما سماها «ادعاءات النظام بالالتزام بخطة أنان»، مشيرا إلى أن «جيش النظام أطلق النار بالأمس كما أنه لم يسحب دباباته»، وأضاف: «لقد قلنا إننا سنلتزم بوقف إطلاق النار، ولكن بشكل مطلق الجميع يحق له الدفاع عن نفسه إذا تعرض للهجوم».

وإذ طالب غليون بـ«دخول المراقبين إلى سوريا، وبسرعة كبيرة»، قال: «نحن ملتزمون مع بعثة أنان بألا يكون هناك إطلاق للنار»، مشددا على أن «الخطوة التالية هي السماح للشعب أن يعبر عن نفسه بديمقراطية والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم»، وأضاف: «على منظمات الإغاثة ووسائل الإعلام أن تدخل إلى البلاد بحرية».

وفي السياق ذاته، شدد غليون على ضرورة أن «تنسحب قوات النظام من المدن»، معتبرا أنه «من الواضح أن هناك نية سيئة للنظام، ومنذ اللحظة الأولى»، مؤكدا أن «المظاهرات في سوريا لم تتوقف لا قبل الخطة (خطة أنان) ولن تتوقف بعد الخطة، فالثورة السورية مستمرة».

وفي تعليقه على تصريحات النظام السوري، قال أحد الناشطين من المعارضة السورية ساخرا: «نشكر سيادة الرئيس بشار الأسد على كل ما فعله من أجلنا.. قتل إخوتنا واغتصب نساءنا ودمر منازلنا، ثم سامحنا بطيبة قلب ووعد بالعفو عنا!»، ثم أضاف بغضب: «الأسد لم يتبق له مكان يذهب إليه إلا الجحيم، وعليه أن يشغل باله الآن بهذا الأمر، وليس بعودتنا أو العفو عنا».