الجزائر: انطلاق حملة الانتخابات التشريعية وسط مخاوف من تدني المشاركة

«جبهة التحرير» تعاني الانقسام الداخلي.. والإسلاميون يتحدثون مقدما عن الفوز

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى حضوره أمس مناسبة لتكريم الجنود الجزائريين الذين حاربوا بجانب الجيش الفرنسي في الحرب الجزائرية (رويترز)
TT

تنطلق اليوم في كل ولايات الجزائر الـ48، حملة التنافس على 21 مليون صوت تحسبا لانتخابات البرلمان التي ستجرى في العاشر من مايو (أيار) المقبل. وتبدي الحكومة الجزائرية والأحزاب الكبيرة تخوفا من عزوف الجزائريين عن الانتخاب، بسبب الفتور الذي يميز تعاطيهم مع الموعد المرتقب.

يشارك في المنافسة 44 حزبا وعشرات المرشحين بصفة مستقلة، سيخوضون معركة كسب ثقة الناخبين خلال 21 يوما، هي المدة التي ستستغرقها الحملة الانتخابية، التي تعهدت الحكومة بتوفير كل شروط وضمانات نجاحها. كما وعدت بضمان نزاهة الاقتراع الذي سيفرز برلمانا جديدا، سيكون مدعوا لمناقشة إعداد مشروع دستور جديد، يعرض على الاستفتاء قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة عام 2014.

وأكثر ما يميز المشهد السياسي، عشية الاقتراع التشريعي التعددي الرابع في تاريخ البلاد، الانقسام الخطير الذي يعيشه حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» الذي يقوده وزير الدولة عبد العزيز بلخادم، ويرأسه شرفيا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وانتفض قياديون ضد بلخادم ويسعون حاليا إلى الإطاحة به، على أساس أنه اختار مرشحين لا يمكنهم الصمود أمام مرشحي التيار الإسلامي. واتهم هؤلاء، وبينهم وزراء تابعون للحزب، بلخادم بـ«عقد حلف مع الإسلاميين يقوم على تمكينهم من الفوز بالانتخابات البرلمانية، مقابل تزكية ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة»، وهو ما ينفيه أمين عام «الجبهة».

ويتميز المشهد أيضا بميلاد تحالف بين ثلاثة أحزاب إسلامية هي: «حركة مجتمع السلم» المشاركة في الحكومة، و«حركة النهضة»، و«حركة الإصلاح الوطني». والثلاثة أسسوا الشهر الماضي «تكتل الجزائر الخضراء»، وسيدخلون الانتخابات تحت مظلته بلوائح مرشحين موحدة. وبدأ قادة هذه الأحزاب الحديث مقدما عن فوز التحالف الإسلامي، وأكدوا أنهم سيحصدون أغلبية مقاعد البرلمان (462 مقعدا)، «إلا إذا تدخلت أياد آثمة وزورت النتائج»، على حد تعبير زعيم «حركة مجتمع السلم» أبو جرة سلطاني. ويتنافس على أصوات التيار الإسلامي حزبان آخران هما «جبهة العدالة والتنمية» بقيادة عبد الله جاب الله، و«جبهة التغيير» بزعامة وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة.

وتشهد المنافسة مشاركة «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، لأول مرة بعد أن قاطعت انتخابات 2002 و2007. وكان السبب حينها، حسب مسؤوليها، أن الانتخابات «مزورة مسبقا».

وفي مقابل القوة النسبية التي يتمتع بها الإسلاميون، يبدو ما يسمى بـ«التيار الديمقراطي المعارض» أضعف ما يكون بمناسبة هذه الانتخابات، بسبب غياب قطبيه عن السباق، «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية». ولكن عمارة بن يونس أمين عام «الحركة الشعبية الجزائرية» (حزب حديث النشأة)، صرح بأنه سيمثل هذا التيار في الانتخابات، التي يشارك فيها أيضا حزب الوزير الأول أحمد أويحيى «التجمع الوطني الديمقراطي»، وحزب السيدة لويزة حنون التي ترشحت للرئاسة مرتين «حزب العمال» (يسار تروتسكي).

وبينما يقول ملاحظون إن الإسلاميين سيحققون فوزا عريضا، كما حدث عند الجارين المغرب وتونس، تذكر الحكومة الجزائرية أن ذلك غير ممكن بذريعة أن الإرهاب الذي دمر قدرات البلاد، والمنسوب لجماعات إسلامية مسلحة، يدفع بالجزائريين إلى الابتعاد عن الإسلاميين الذين يمارسون السياسة.

وقال رياض بلعوينات، وهو شاب عاطل عن العمل، يسكن بباش جراح بالضاحية الجنوبية للعاصمة، إن موعد 10 مايو «لا يمثل بالنسبة لي سوى محطة جديدة للضحك على الذقون». وسألته «الشرق الأوسط» عن الحزب الذي سيصوت عليه، فقال: «حزبي هو الأغلبية الصامتة التي تعدها السلطة والأحزاب بتحسين أوضاعها المعيشية في كل مناسبة انتخابية، ولكنهم جميعا يخلفون وعودهم». وتعتقد سيدة مناضلة في حزب إسلامي، تسكن بحي المرادية بأعالي العاصمة، أن الانتخابات المقبلة «هامة بكل المقاييس؛ لأن الأشخاص الذين سننتخبهم سيصوغون الدستور الجديد، لذلك سأنتخب ومعي زوجي وكل أفراد أسرتي».