مصراتة تعرض تسليم المحتجزين لديها إلى وزارة العدل الليبية.. بعد انتقادات

تحدثت عن استحالة التعايش مع مدينة تاورغاء الآن.. ودعت للبحث عن بدائل

TT

رفض المجلس المحلي المنتخب مؤخرا لإدارة مدينة مصراتة الواقعة إلى الشرق من العاصمة الليبية طرابلس، تقارير حقوقية تحمل ثوار المدينة، الذين أسهموا بقوة في إسقاط حكم العقيد الراحل معمر القذافي أواخر العام الماضي، مسؤولية أعمال تعذيب وانتهاكات لمحتجزين يقدر عددهم بثلاثة آلاف، وإجبار سكان مدينة تاورغاء المجاورة، ويصل عددهم لنحو ثلاثين ألفا، على الهجرة لاتهامهم بالتعامل مع كتائب القذافي.

وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية الدولية إن قيادات بمصراتة يمكن أن يحاسبوا جنائيا على جرائم ترتكبها القوات التابعة لقيادتهم. وقال مسؤول عسكري في مصراتة، تعليقا على عدد المحتجزين، إنه أقل بكثير مما ذكرته «هيومان رايتس ووتش»، بينما رد المجلس المحلي لمصراتة على تقرير المنظمة الحقوقية، بقوله في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، إن المجلس على استعداد لـ«تسليم المحتجزين إلى وزارة العدل (الليبية) في أي وقت»، مشيرا إلى أن هذا «تم الاتفاق عليه مع وكيل وزارة العدل»، وأنه قد تم بالفعل تسليم «بعض السجون إلى الشرطة القضائية ونقلت تبعية الأشخاص المشرفين على هذه السجون إلى الشرطة القضائية».

وحذرت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقرا لها من احتمال إحالة «قياديي ميليشيات مصراتة على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب جرائم ارتكبت تحت أوامرهم». وسارع نائب رئيس المجلس المحلي لمصراتة، محمد الجمل، لنفي ذلك في تصريحات، الليلة قبل الماضية، قائلا إنه لا صحة لما ورد في تقرير المنظمة، ودعا المنظمات المحلية والدولية لزيارة مقار الاحتجاز في مصراتة.

وقال «محلي مصراتة» إن المجلس «يدين أية انتهاكات لحقوق الإنسان ترتكب في ليبيا»، مشيرا إلى أن «المعاملة داخل السجون في مدينة مصراتة معاملة جيدة وفقا للإمكانات المتاحة، خاصة أن أماكن الاحتجاز هي مواقع مدنية، وقد طالبنا الحكومة بضرورة تجهيز سجن يتفق والمعايير الدولية لحجز المتهمين فيه».

وأضاف «محلي مصراتة» أنه طالب الحكومة أيضا بالإسراع بتقديم المتهمين إلى محاكمات عادلة بعد مراجعة ملفاتهم من قبل النيابة العامة والتحقق من توافر الأدلة الكافية.

وقال مجلس محلي مصراتة أيضا إنه شكل عقب انتخابه لجنة أمنية للعمل على مراعاة حقوق المتهمين في المدينة ومتابعة علم السجون لمنع أية انتهاكات تحدث داخلها. وتتكون اللجنة الأمنية الجديدة من بعض أعضاء المجلس المحلي ورؤساء اللجان الأمنية بالمدينة ومديري السجون.

ووجه «محلي مصراتة»، «رسالة إلى جميع الثوار الحقيقيين الذين انتفضوا ضد الظلم والاستبداد أن يراعوا حقوق المتهمين»، وذلك حتى «يُقدموا إلى محاكمات عادلة لينال المخطئ جزاءه وفقا لأحكام القانون».

وأوضح المجلس المحلي أنه «إن كانت هناك تجاوزات أو انتهاكات، لا تعدو أن تكون تجاوزات فردية غير ممنهجة، وقد عملنا ونعمل على منعها، ونحن على استعداد لتقديم أي شخص يثبت في حقه ارتكاب تجاوزات مهما كانت صفته أو موقعه إلى القضاء»، معربا عن استعداده «للتعاون مع كافة المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية».

وقال مجلس محلي مصراتة: «هناك بعض الكتائب الموجودة خارج مصراتة وتنسب إلى ثوار مصراتة وهذه الكتائب لا تخضع لسلطة المجلس المحلي لمدينة مصراتة ولا لمجلسه العسكري وبالتالي فهذه الكتائب لا تمثل بحال مدينة مصراتة ولا ثوار مصراتة، خاصة أن أغلب منتسبيها من المدن الأخرى وأي أعمال ترتكبها لا يمكن أن تنسب إلى ثوار مصراتة». وكانت «هيومان رايتس ووتش» أشارت في تقرير لها قبل أيام إلى أعمال تعذيب وإساءات في مراكز احتجاز بمصراتة وحولها، وتحدثت عن اعتقالات وتعذيب واختفاءات مستمرة بحق أفراد من بلدة تاورغاء. ومنذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي هجر غالبية السكان مدينتهم. وكثير من سكان المدينة من الليبيين ذوي البشرة السمراء. وأوضح «مجلس محلي مصراتة» في بيانه الأخير أنه لا يوجد ما يمنع أهل مدينة تاورغاء، من العودة إلى مدينتهم.

وأشار الجمل بقوله: «لم نهجر أي شخص من تاورغاء». ومن جانبه شدد المجلس على أنه «على الرغم من أن أحدا لم يمنع أهل تاورغاء من العودة إلى ديارهم، لكننا نعلم أن أهل تاورغاء يعتمدون كليا على مدينة مصراتة في حياتهم».

وتعتبر مصراتة تاريخيا موطن العمل والتزود بالأطعمة بالنسبة لسكان تاورغاء. ويقول مجلس محلي مصراتة إن هذا «يجعل من عودتهم دون أن توفر لهم مواطن شغل في أماكن وجودهم أمرا شبه مستحيل لأنهم سيكونون كلاجئين في مناطق سكناهم».

وتحدث مجلس محلي مصراتة عن مستقبل هذه القضية الاجتماعية التي أثارت انتباه الكثير من المنظمات الدولية، وقال المجلس: «ولاستحالة التعايش بين المنطقتين (تاورغاء مع مصراتة)، في الوقت الحالي، نرى ضرورة البحث عن حلول بديلة تكون مناسبة ومقبولة من أهل تاورغاء وهذه دعوة إلى الحكومة وكل الوطنيين لحل المشكلة على المستوى الوطني».