عمر سليمان يفتح النار على الإخوان: المخابرات كانت «الصدر الحنون» لهم

المخابرات المصرية تصدر بيانا نادرا تؤكد فيه وقوفها على مسافة واحدة من المرشحين

TT

انتقل اللواء عمر سليمان، نائب حسني مبارك ورئيس مخابرات مصر السابق من استراتيجيته الدفاعية التي اعتمدها ضد خصومه على مدار الأسبوعين الماضيين، إلى استراتيجية الهجوم، ليدشن بها انطلاق حملته الانتخابية في سباق الرئاسة. لكن سليمان الذي يواجه قانونا سنَّه منافسوه الرئيسيون في انتخابات الرئاسة، جماعة الإخوان المسلمين التي تملك أكثرية المجلس التشريعي، يمنعه من استكمال مسيرته، أجبر المخابرات التي كان يقودها على مدار العقدين الماضيين، على إصدار بيان تنفي فيه صلتها بأي من المرشحين، مؤكدة وقوفها على مسافة واحدة من الجميع.

وألقى سليمان بثقله في جولة ظهوره الأول في الإعلام المحلي، على جماعة الإخوان المسلمين التي تعد أبرز القوى السياسية في البلاد، متهما الجماعة، التي طرحت نائب مرشدها العام كمرشح رئاسي، بأنها قامت بحرق أقسام الشرطة أثناء ثورة 25 يناير 2011 وأنها اختطفت الثورة المصرية لاحقا.

وقال سليمان أيضا إن جهاز المخابرات كان «صدرا حنونا للإخوان»، لكن تصريحات سليمان استتبعت ردا إخوانيا على لسان الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث سليمان مجرد افتراءات مفبركة لا أساس لها من الصحة».

وفي تصريحات له أثناء أول لقاء مع حملته الانتخابية نقلتها صحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة، اتهم سليمان الإخوان بخطف الثورة من الشباب وأنهم يتعاملون بغل وحقد شديدين، قائلا «أرادوا الانتقام فقط وحرق البلد»، كما اتهم الجماعة بأن لديها كوادر مدربة ومسلحة على أعلى مستوى، قائلا «نجحوا بالفعل في حرق أقسام الشرطة والعديد من المرافق الحيوية».

وفي حديث آخر له مع صحيفة «الفجر» الأسبوعية الخاصة، اتهم سليمان الإخوان والتيارات الإسلامية بالسعي للسيطرة على مؤسسات الدولة وتحويل مصر لدولة دينية، مشددا على أن ذلك سيعني عزل المصريين عن الخارج. وقال سليمان: «هم يريدون فرض الدولة الدينية.. ونحن لم نر أبدا دولة دينية حققت نجاحا»، واضعا ذلك ضمن الأسباب التي أجبرته على الترشح للمنصب الرفيع الذي يتنافس عليه 23 مرشحا للرئاسة. ويقول مراقبون إن تصريحات سليمان هي إعادة للخطاب الذي انتهجه النظام السابق في استخدام فزاعة الإخوان لتسويق نفسه محليا وعالميا. لكن اللافت، أن سليمان غير دفة اتهاماته أمس حين قال إن جهاز المخابرات كان «الصدر الحنون» للإخوان نتيجة الضغط الذي كانت تمارسه الأجهزة الأخرى، وقال سليمان إن «المخابرات كانت على اتصال بهم وننصحهم ونتشاور معهم ونناقش معهم المبادرات، أما الأجهزة الأخرى فكان لها أهداف أخرى لمنع الإخوان من الظهور على السطح السياسي»، مضيفا أن «قيادات الإخوان كانوا يرتبطون أحيانا بعلاقات جيدة مع قيادات أمن الدولة على حسب الظرف السياسي الذي تمر به البلد».

وفي بيان نادر له، أكد جهاز المخابرات أمس وقوفه على مسافة واحدة من كافة مرشحي رئاسة الجمهورية، باعتبارهم مواطنين شرفاء يستهدفون المصلحة الوطنية العليا بالأساس خلال هذه المرحلة الهامة من تاريخ مصر. ونظمت جماعة الإخوان المسلمين يوم الجمعة الماضي مليونية تحت عنوان «حماية الثورة» لمواجهة ترشح سليمان وعدد من رموز نظام مبارك في الانتخابات الرئاسية، وحمل أعضاء الجماعة نعشا كبيرا حمل اسم سليمان إشارة إلى موت سليمان سياسيا، وهو ما رد عليه سليمان: «الآن الكل يعرف أن الثورة تم خطفها، حتى هؤلاء الذين خرجوا في مليونية ضدي هم الذين اختطفوا هذه الثورة وأضاعوا هذه الثورة».

بدوره، قال الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم الإخوان، إن ترشيح سليمان هو في الأساس موجه ضد الجماعة لمواجهة الشاطر، موضحا أن الإخوان يعملون في الساحة السياسية منذ فترة طويلة وأن سليمان كان مدير المخابرات لفترة طويلة ومن المفترض أنه يعرف أمور البلاد بالإضافة إلى جهاز أمن الدولة، وقال غزلان: «لقد كانت الأجهزة الأمنية تحصي أنفاسنا، وتتعقب خُطانا، وتسجل لقاءاتنا»، مضيفا: «لو كان لدينا قطعة سلاح واحدة لقطعت فيها رقابنا ودمرونا تدميرا».

وشهدت أحداث الثورة المصرية إحراق 99 قسم شرطة في مختلف المحافظات المصرية، ورد غزلان بقوله إن «إحراق الأقسام حدث أثناء الثورة حين كان سليمان نائبا.. فلماذا لم يتهمنا حينها.. ببساطة لأن هذا محض افتراء».

وشدد غزلان على أن أحدا من جماعة الإخوان لم يلتق بقيادات المخابرات العامة أو أحدا من ضباطها قبل لقاء قيادات الجماعة مع سليمان أثناء الثورة (بصفته نائب الرئيس). وقال غزلان بحدة: «لم يحدث أن التقينا بهم على الإطلاق.. عمر سليمان كان أحد أعمدة النظام السابق». وفيما يعترض سليمان على تطبيق قانون العزل السياسي، رد غزلان قائلا: «الثورات تحمي نفسها بنفسها.. وقضية العزل السياسي معروفة عالميا»، مضيفا بثقة «الثورة الفرنسية مارست العزل بالمقصلة.. والثورة المصرية تمارسه بقانون سلمي». وأفاد استطلاع للرأي نشر السبت أن نحو 40 في المائة من المصريين لم يقرروا بعد من الذي سيصوتون له في الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل إلا أن 20 في المائة من الذين حددوا خيارهم قالوا إنهم سيصوتون لسليمان حال جرت الانتخابات غدا.

لكن غزلان أصر على أن «سليمان رجل ممقوت ومكروه من الشعب المصري.. حتى لو هناك تخويف من الجماعة أو من غياب الأمن فإن رجل الشارع يعرف أنه كان يتلقى المسجونين ليعذبهم وأنه شارك في حصار غزة ويؤيده الإسرائيليون».

ويتابع المراقبون الصراع والتلاسن الدائر بين سليمان والجماعات الدينية. ويعتقد الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الطرفين يشنان حربا قوية ضد بعضهما البعض وأن هذا جزء من الحرب الإعلامية المتوقعة في الانتخابات الرئاسية، وقال حسني: «الإخوان لو خسروا شيئا فإنهم يخسرون من خلال أدائهم السياسي الماضي وليس من اتهامات سليمان»، لكنه استدرك قائلا: «لكنه يطلقها في مناخ لم يعد الرأي العام مرتاحا للإخوان وبالتالي قد تجد صدى لصالح سليمان».