مجلس الأمن يقر بالإجماع مشروع قرار لإرسال مراقبين إلى سوريا

حذر من اتخاذ خطوات أخرى إذا لم توقف دمشق العنف * رايس: قصف حمص يطرح «شكوكا» حول رغبة النظام في وقف إطلاق النار * بان كي مون: يجب على حكومة سوريا سحب قواتها

TT

وافق مجلس الأمن بالإجماع على إرسال ما يصل إلى 30 مراقبا أعزل إلى سوريا لمراقبة هدنة هشة هناك، وانضمت روسيا والصين إلى الأعضاء الثلاثة عشر الآخرين في مجلس الأمن في التصويت بالموافقة على مشروع القرار الغربي - العربي بعد أن عدل وحذفت منه النقاط التي كانت روسيا والصين اعترضتا عليها. وبموجب القرار 2042 بات بإمكان الأمم المتحدة خلال الأيام القليلة المقبلة إرسال «فريق طليعي من نحو 30 مراقبا عسكريا، على الأكثر، غير مسلحين»، على أن يتم لاحقا إرسال كامل بعثة المراقبين التي يمكن أن يصل عدد عناصرها إلى 250، حسب تقديرات الأمم المتحدة. إلا أن نشر هؤلاء سيحتاج لأسابيع عدة، ولا بد من قرار جديد لمجلس الأمن لإرسالهم. وهذا القرار هو الأول الذي يصدر عن مجلس الأمن بشأن سوريا, إذ سبق أن حالت روسيا والصين، مرتين في السابق، دون صدور قرار عبر استخدامهما حق النقض.

إلا أن مجلس الأمن سبق وأصدر ثلاثة «إعلانات رئاسية» تتعلق بالوضع في سوريا. ويطلب قرار مجلس الأمن من السلطات السورية ضمان أمن المراقبين وحرية تحركهم التي يجب أن تكون «كاملة من دون عقبات وفورية», كما يشير القرار إلى ضرورة أن تكون الاتصالات بين المراقبين سرية.

وجاء في القرار أيضا أن مجلس الأمن يحتفظ لنفسه بحق «اتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة» في حال لم يتم تطبيق هذا القرار. كما تطلب الدول الـ15 من الحكومة السورية في هذا القرار الالتزام بوعودها بسحب قواتها من المدن طبقا لخطة الموفد الخاص الدولي - العربي إلى سوريا كوفي أنان. ودعا مشروع القرار الذي تتبناه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وكولومبيا والمغرب، سوريا، إلى إعطاء المراقبين الحرية الكاملة للحركة في مختلف أنحاء البلاد دون أي عائق. وقد صوتت روسيا خلال جلسة أمس لصالح المشروع الذي أصبح قرارا نافذا، وكذلك فعلت الصين التي كانت وروسيا قد استخدمتا مؤخرا حق النقض (الفيتو) ضد مشروعي قرارين سابقين بشأن الأزمة السورية.

والقرار الذي وافق عليه المجلس يندد بالانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان على أيدي السلطات السورية، وكذلك بأي انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي جماعات مسلحة، مذكرا بأن أولئك المسؤولين عن الانتهاكات سيحاسبون. ويدعو القرار جميع الأطراف، بما في ذلك المعارضة، إلى وقف فوري للعنف المسلح بكل أشكاله. من جهتها اعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، أمس, أن عودة العنف إلى سوريا، وخصوصا قصف حمص، «تطرح من جديد شكوكا جدية حول رغبة النظام» السوري في الالتزام بوقف إطلاق النار. وقالت رايس بعد صدور قرار بالإجماع عن مجلس الأمن يجيز إرسال مراقبين إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار: «على النظام السوري أن يفي بكل التزاماته وليس الحد الأدنى منها! وعليه أن يفعل ذلك على الفور», مضيفة «نأمل جميعا أن يستمر الهدوء, لكننا لا نتوهم كثيرا».

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، إن على الحكومة السورية المسؤولية الرئيسية عن وقف العنف في البلاد وسحب قواتها من المدن عملا بخطة السلام التي قدمها الوسيط الدولي كوفي أنان.

وأصدر بان وعنان اللذان اجتمعا لمدة 90 دقيقة في جنيف بيانا يشيد بإصدار مجلس الأمن الدولي قرارا يفوض إرسال فريق أولي من المراقبين لمراقبة الهدنة في سوريا، وقالا إنهما سيفعلان ما في وسعهما لنشر المراقبين في أقرب وقت ممكن. وقال البيان «كرر الأمين العام أن على الحكومة السورية المسؤولية الرئيسية عن وقف العنف وسحب قواتها». وكانت سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، قادت خطوات وإجراءات التصويت في مجلس الأمن الدولي. وكانت روسيا عارضت خطة لإصدار قرار من المجلس يطلب من حكومة الرئيس بشار الأسد «فورا» سحب القوات والأسلحة الثقيلة من المدن. وكان السفير الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي شوركين، قال إنه ليس «راضيا تماما» عن المحادثات التي جرت في الأمم المتحدة قبيل صدور قرار مجلس الأمن. وكانت روسيا والصين استخدمتا الفيتو ضد اثنين من قرارات مجلس الأمن السابقة عن سوريا. وظلتا تعرقلان مساعي المجتمع الدولي، ليس فقط لوقف عنف حكومة الأسد ضد شعبه، ولكن أيضا لإجراء تحويلات سياسية لإنهاء نظام الأسد. وصباح أمس، على الرغم من العراقيل الروسية، قال شيركين إن روسيا لن تعارض قرارا من مجلس الأمن بهدف «تعزيز وقف إطلاق النار». وكانت السفيرة الأميركية رايس قالت في البداية إنها ليست متأكدة من أن مجلس الأمن سيصدر القرار الذي تؤيده، وكانت قالت: «من الحكمة عدم إعلان تنبؤات». وكان جيرارد ارود، سفير فرنسا في الأمم المتحدة، قال: «ما يحدث الآن هو مفاوضات، ولا يوجد حتى الآن توصل إلى اتفاق. الأمر صعب جدا». وكان دبلوماسي في مجلس الأمن قال: «ليس مستبعدا الفيتو. وسيكون كارثة بالنسبة لسوريا إذا حدث ذلك». وصباح أمس، كان أعضاء مجلس الأمن يتبادلون مشاريع قرارات ومذكرات تفسيرية.

وفي جانب، قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار يفصل إرسال مساعدات إنسانية، وضمان أمن المراقبين، وضمان تجولهم في حرية، وتأسيس منطقة آمنة. ودعا النص المقترح من هذه الدول، بالإضافة إلى المغرب وكولومبيا، إلى: «حرية التنقل الكاملة، ودون عوائق، وفورا للمراقبين». وأيضا، «تنفيذ واضح» لكل الالتزامات التي قدمت إلى أنان. وأيضا، إمكانية أن ينظر المجلس في «اتخاذ خطوات مستقبلية، كما سيكون مناسبا».

وفي الجانب الآخر، قدمت روسيا مشروع قرار أصغر حجما. وليست فيه إشارات إلى ضمان أمن وحرية المراقبين، والتحذير من اتخاذ تدابير جديدة، وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. وكان أنان طلب من مجلس الأمن الموافقة على إرسال المراقبين اعتمادا على النقاط الست لخطته التي كان قال إن حكومة الأسد وافقت عليها. لكن قال أنان إن الحكومة السورية لم تسحب القوات والأسلحة الثقيلة من كل المدن، كما كانت وعدته. وكان مصدر دبلوماسي اشترك في المفاوضات قال إن روسيا، الحليف الرئيسي الأخير للأسد، تشددت في «المساومة عن كل عبارة» في مشروع القرار الغربي. وعلى الرغم من استعمالهما حق الفيتو في الماضي، أيدت روسيا والصين خطة كوفي أنان للسلام ذات النقاط الست. وقالت إنهما تزيدان الضغوط على الرئيس الأسد.