«أولاد أبو إسماعيل».. «دراويش» مرشح رئاسي بروح جماهير الكرة

تجمهروا في الميادين وقاعات المحاكم ويخططون لإطلاق حزب سياسي

أنصار الداعية السلفي حازم أبو إسماعيل في مظاهرة بميدان التحرير ضد الاستبعاد النهائي لمرشحهم الانتخابي (أ.ب)
TT

رغم استبعاد المرشح «حازم أبو إسماعيل» من القائمة الأولية لمرشحي الرئاسة في مصر؛ فإن أنصاره يمثلون ظاهرة جديدة ومقلقة في الساحة السياسية في مصر، كونهم جمهورا عريضا لشخصية عامة تنافس سياسيا، تماما مثلما تحظى أندية كرة القدم بروابط لمشجعيها يجوبون وراءها أينما حلت وارتحلت.

فأنصار الداعية السلفي تصدروا المشهد السياسي بداية من قيامهم بلصق مئات الآلاف من الملصقات الدعائية له بطول البلاد وعرضها، مرورا بتظاهرهم أمام قاعات المحاكم لأول مرة في تاريخ مصر، ومحاصرتهم لمقر لجنة الانتخابات الرئاسية، وانتهاء بالتهديد المبطن باتخاذ رد فعل أكثر عنفا حال الاستبعاد النهائي لمرشحهم، الذي يشدد على أنه سيطبق الشريعة الإسلامية، وهو ما يراه أنصاره سببا مقنعا لتأييدهم المطلق له.

ورغم استبعاد الشيخ من جانب اللجنة العليا للانتخابات مؤخرا؛ ينفرد «أبو إسماعيل» بأنصاره شديدي الولاء له، وهو ما يفتقده بقية المتنافسين، بل وحتى أحزاب سياسية قائمة تنشط منذ عقود، وفقا لمراقبين.

اللافت، أن «أبو إسماعيل» يحظى بجمهور حقيقي وروابط مختلفة لدعمه، حيث تشكلت مجموعات باسم «حازمون»، و«لازم حازم»، و«ألتراس أبو إسماعيل»، و«ائتلاف طلاب الشريعة»، لمناصرته، بالإضافة إلى دعم مئات الآلاف من التيارات السلفية له، وهي الحركات التي تشكل حملة انتخابية موازية لحملته الانتخابية المركزية.

ورغم إثارة أزمة حمل والدة المرشح السلفي للجنسية الأميركية، وهو سبب استبعاده، فإن أنصاره لم يقتنعوا سوى بتأكيده على زيف تلك الاتهامات، وتبني العديد من أنصاره كونها مؤامرة أميركية وغربية لإقصاء مرشحهم من السباق.

ويقول أحمد عبد الله، عضو لجنة العمل الميداني في حملة «أبو إسماعيل» المركزية، إن أنصار الشيخ الحقيقيين هم عوام الناس في الشارع المصري وليس المنتمون للتيار السلفي فقط. مؤكدا أنهم يقومون بالدعاية له دون تنسيق، وهو ما يعتقد أنه ساهم في نجاح حملة «أبو إسماعيل» الانتخابية بشكل كبير.

وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ائتلافات كثيرة تدعم الشيخ حازم.. وكلهم من المتطوعين المقتنعين بفكره»، كاشفا أن ما ينفقه جمهور «أبو إسماعيل» على الدعاية يتجاوز ما تنفقه الحملة المركزية بأضعاف مضاعفة.

وقال مصطفى قمر (41 عاما) تاجر مجوهرات: «أدعم الشيخ حازم بكل ما أملك.. هو يمثل لي الشخص الوحيد القادر على تنفيذ حلم تطبيق الشريعة في مصر». ويكشف قمر، الذي يضع ملصقات لأبو إسماعيل على كافة أركان سيارته باهظة الثمن، عن أنه تبرع بما يفوق المائة ألف جنيه (نحو 33 ألف دولار) للدعاية للشيخ حازم.

وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن أنصار «أبو إسماعيل» يفكرون جديا في إطلاق حزب سياسي يجمع مناصريه وداعميه تحت مظلة أفكار وبرامج الشيخ، بعدما أنشأ أنصاره صفحة رسمية على «فيس بوك» بعنوان «حازمون المصريون» كنواة أولية لحزب سياسي، وأكد أكثر من عضو من حملة «أبو إسماعيل» أن الموضوع طرح للنقاش الجدي. لكن أيمن إلياس، وكيل الشيخ حازم، نفى لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الشيخ حازم له علاقة بالأمر.

وعبر ثلاثة أسابيع سبقت استبعاد الشيخ؛ احتشد أنصار حازم أبو إسماعيل، أو كما يحلو لبعضهم تسمية أنفسهم «أولاد أبو إسماعيل»، في مناسبات مختلفة بأعداد ضخمة، بدءًا من تقديم «أبو إسماعيل» لأوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية في نهاية مارس (آذار) الماضي، حيث خرج الآلاف من أنصاره في مسيرات ضخمة من غرب القاهرة حيث المسجد الذي يلقي فيه درسه الأسبوعي وحتى شرق القاهرة حيث مقر اللجنة الانتخابية في مشهد اعتبره مراقبون استعراضا للعضلات، وبعدها بأسبوع احتشد أنصاره بالآلاف مجددا في ميدان التحرير للاعتراض على ما أثير عن حمل والدته الراحلة للجنسية الأميركية، تلاه تظاهرهم أمام مقر مجلس الدولة حيث كان ينظر في دعوى قضائية، وقد قاموا بمحاصرة المحكمة لساعات وحتى صدور الحكم في ساعة متأخرة من الليل.

ويقول سامر أبو النصر، (46 عاما)، تاجر سيارات، إنه يدعم الشيخ حازم بسبب ثقته الكبيرة فيه وفي آرائه وخاصة موقفه من المجلس العسكري. فيما يعتقد أحمد علي (27 عاما) أن الشيخ حازم هو الأصلح للرئاسة لأنه يجمع بين كونه قائدا، وثائرا، ومفكرا وحازما في الوقت نفسه. ولا يكف علي، الذي يعمل محاسبا قانونيا ويحوز شهادة من جامعة أميركية، عن الدعاية للمرشح السلفي، باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن كون الشيخ حازم داعية بارعا ساهم في حشد أنصاره وارتباطهم به بهذا الشكل، وأضاف عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع أيضا له علاقة مباشرة باختلاط الدين بالسياسة.. عبر تحمس الناس له بعد أن وعد بتطبيق الشريعة الإسلامية»، وتابع: «المثير أنه لم يوضح محتوى فكرة تطبيق الشريعة».

ويعتقد عبد ربه أن ظاهرة أنصار «أبو إسماعيل» لها نقطتان سلبيتان، أولاهما العودة لتقديس الأشخاص وليس الأفكار، حيث يتعاملون مع المرشح وكأنه «خيار شبه مقدس»، والثانية هي التحيز السافر للرأي واستبعاد حكم القانون لصالح شخص واحد، مستشهدا كيف أنه مع استبعاد «أبو إسماعيل» من القائمة الأولية للمرشحين الرئاسيين بسبب جنسية والدته، هاج وثار أنصاره، وهدد الكثير منهم بالانتقام لمرشحهم معتقدين أنه تعرض لظلم بين. وهو ما يرى مراقبون أنه يخرجهم من «أنصار» مرشح سياسي إلى مجرد «دراويش» لا يمكن النقاش معهم.