استنفار قضائي وأمني في كردستان بسبب انتحار قائمقام السليمانية

رئاستا الإقليم والحكومة تدعوان لإجراء تحقيقات موسعة لبيان ملابسات الحادث

TT

انشغلت إدارة إقليم كردستان طوال اليومين الماضيين بتداعيات قضية انتحار قائمقام مركز مدينة السليمانية، زانا حمه صالح، الموقوف في سجن دائرة الأمن (الأسايش) بالمدينة على خلفية اتهامه بالضلوع في قضايا فساد إداري؛ فقد تدخل كل من الرئيس جلال طالباني ورئاستي الإقليم والحكومة على الخط ودعوا إلى توسيع إطار التحقيقات الجارية لكشف ملابسات الحادث، بعد أن هدد أقارب القائمقام بتنظيم مظاهرات ضد السلطات المحلية على خلفية الحادث الذي أكدت مديرية الأسايش (الأمن المحلي) بمدينة السليمانية أنه «ناجم عن انتحار القائمقام داخل محبسه» من دون إعطاء المزيد من التفاصيل عن كيفية تمكنه من خنق نفسه داخل غرفة السجن.

كان صالح قد أوقف مطلع الشهر الحالي بقرار من حاكم تحقيق السليمانية بعد اتهامه بتلقي الرِشا في تخصيص قطع أراضٍ لعدد من المواطنين، وبدء التحقيقات الرسمية معه بهذا الشأن، مما أدى بالمئات من أقاربه ومناصريه إلى التجمع أمام محكمة التحقيق في السليمانية، وكذلك أمام المقر التنظيمي للاتحاد الوطني الكردستاني في المدينة للتعبير عن احتجاجهم بتوقيف القائمقام، والمطالبة بإطلاقه فورا، لكن السلطات المحلية امتنعت عن إطلاقه بكفالة لعدم شمول المادة المتهم بها بالكفالة.

في غضون ذلك، أصدرت مديرية الأسايش في السليمانية بيانا إلى الرأي العام أشارت فيه إلى أن «قائمقام المركز أقدم على الانتحار من داخل محبسه، وأن الجهات المختصة من الطب العدلي والأدلة الجنائية والسلطات الطبية بدأت بتحقيقاتها لكشف ملابسات الحادث، وأنها ستعلن نتائج الكشف الطبي في وقت لاحق»، لكن أقارب القائمقام امتنعوا عن دفنه قبل عرضه على السلطات الطبية بدائرة الطب العدلي ببغداد وتسلم نتائج الكشف المحايدة من هناك، لكن الرئيس العراقي، جلال طالباني، أوفد ممثلا شخصيا عنه إلى عائلة القائمقام وأقنعهم بدفنه، مؤكدا أن الرئيس طالباني يهتم شخصيا بالقضية وسيتابعها مع الجهات المختصة، وأنه يتعهد بتلبية جميع مطالب ذوي القائمقام، ولذلك تم إجراء مراسم دفنه في مقبرة سيوان بمدينة السليمانية.

وعلى الرغم من أن أقارب حمه صالح أكدوا أنهم لن يسمحوا لأي مسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني بالمشاركة في مراسم العزاء بوفاته، لكن كلا من كوسرت رسول علي، نائب رئيس الإقليم، والدكتور برهم صالح، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني، قد شاركا في مراسم العزاء الذي أقيم أمس في مدينة السليمانية.

وعلى الصعيد الرسمي، توالت ردود الفعل حول الحادث؛ حيث دعا نائب رئيس إقليم كردستان، كوسرت رسول علي، بموجب أمر رئاسي، إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحادث، وطلب من مجلس القضاء الأعلى بإقليم كردستان تسمية عضو يمثله في اللجنة التحقيقية لهذا الغرض، في ما أوفد رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، وزير داخليته، كريم سنجاري، إلى السليمانية لمتابعة التحقيقات.

وفي ما يتعلق بموقف المعارضة، فقد دعت الأحزاب المعارضة الثلاثة (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة من قبل اللجان الفرعية ببرلمان كردستان لمتابعة القضية مع الجهات المختصة والكشف عن ملابسات الحادث. وفي اتصال مع النائبة بيمان عز الدين عن كتلة التغيير بالبرلمان الكردستاني أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «كتلة التغيير طلبت تشكيل لجنة برلمانية خاصة تضم ممثلين عن جميع الكتل الممثلة بالبرلمان للتحقيق ومتابعة هذه القضية، وعلى الرغم من أن لجنة الداخلية بالبرلمان بدأت بالتحقيق فعلا، لكننا طالبنا بتوسيع إطار التحقيقات البرلمانية بشأن الحادث لتشمل جميع الكتل والمكونات لضمان حيادية التحقيقات».

وفي بيان أصدره المكتب التنظيمي للاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، دعا المركز إلى «تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحادث وتوضيح أسبابه للرأي العام ولمواطني السليمانية على وجه الخصوص». وأكد البيان أنه «على الرغم من تأكيدنا استقلالية القضاء واحترامنا لسيادته، لكننا نطالب الجهات المختصة بتوسيع إطار التحقيقات من أجل توضيح الحقائق للجميع».