إسرائيل تعلن عن إجهاض حملة «أهلا بكم في فلسطين».. والفلسطينيون يعتبرونها ناجحة

تل أبيب تسلم رسالة لكل متظاهر قبل طرده: اذهبوا للتظاهر ضد الأسد في سوريا

ناشطون إسرائيليون يساريون يشاركون في «مرحبا بكم في فلسطين» بمطار بن غوريون قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي تحدث فيه الفلسطينيون عن نجاح باهر لحملة «أهلا وسهلا بكم في فلسطين»، وذلك رغم الجهود الإسرائيلية الكبيرة وتواطؤ شرطات الطيران، ادعت السلطات الإسرائيلية أنها نجحت في إجهاض هذه الحملة. وقالت إن أقل من ثلث المتضامنين وصلوا إلى إسرائيل، ولم يتح لهم أن يتظاهروا في المطار، «بل أخفوا هوياتهم وأهدافهم واستغلوا الديمقراطية والانفتاح في إسرائيل ودخلوا إليها بالخداع».

وكان منظمو الحملة، وهم قادة 26 منظمة وجمعية فلسطينية تتعاون مع منظمات تضامن مع الشعب الفلسطيني في الخارج، قد خططوا لوصول 2000 – 2500 متضامن أجنبي، بينهم فلسطينيون يحملون جواز سفر للدول الغربية، وذلك للتضامن مع القضية الفلسطينية ضد الاستيطان والتهويد. وتم ترتيب برنامج للمسيحيين منهم لإقامة الصلاة في كنيسة القيامة في القدس والاطلاع على جدار الفصل ومشاريع الاستيطان والتهويد في شتى أنحاء الضفة الغربية.

وقد تباينت التقديرات الإسرائيلية والفلسطينية حول عدد المشاركين الذين نجحوا في الوصول. فقال الإسرائيليون إنهم لم يتجاوزوا ثلث العدد المقرر، بينما قال الفلسطينيون إنهم تعدوا نسبة 60 في المائة، «رغم الحرب التي شنتها حكومة إسرائيل علينا واستخدمت فيها ماكينتها الإعلامية الضخمة وقدراتها الهائلة في التأثير على الحكومات الغربية».

وقد احتجزت سلطات مطار بن غوريون الدولي في اللد، كل من التزم من المتضامنين بقرار المنظمين فأعلن أنه قدم للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأعادته إلى بلاده بعد تحقيق في المخابرات ولم تسمح له بدخول إسرائيل ومتابعة الرحلة إلى بيت لحم. وسلمت كلا منهم رسالة أعدت في مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هذا نصها: «أيها الناشط الفاضل، إننا نشيد باختيارك لإسرائيل كالقضية التي تحظى بهمومك الإنسانية. ولكننا نعلم علم اليقين أن هناك الكثير من القضايا المهمة الأخرى التي تستحق ذلك. كان بإمكانك أن تختار استنكار الوحشية التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه يوما بعد يوم مما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء. كان بإمكانك أن تختار استنكار الحملات الهمجية التي يقوم بها النظام الإيراني ضد مظاهر المعارضة ودعمه للإرهاب في كل أنحاء العالم. كان بإمكانك أن تختار استنكار حكم حماس في غزة حيث ترتكب المنظمات الإرهابية جريمة حرب مزدوجة من خلال إطلاق الصواريخ على مدنيين إسرائيليين والاختباء وراء ظهور المدنيين الفلسطينيين. ولكن، بدلا من كل ذلك، اخترت أن تحتج ضد إسرائيل، وهي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط حيث تتمتع النساء بالمساواة والصحافة تنتقد الحكومة بشكل حر وتعمل منظمات تدافع عن حقوق الإنسان وتتم حماية حرية العبادة للجميع وتعيش الأقليات بلا مخاوف. لذلك نقترح أن تحل أولا المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المنطقة وبعد ذلك ارجع إلينا وشارك معنا تجربتك. نتمنى لك رحلة ممتعة».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد صرفت جهدا كبيرا على مواجهة هذه الحملة. فقد فعلت سفاراتها لممارسة ضغوط على الحكومات الغربية كي تمنع سكانها من المشاركة في الحملة، واصفة إياها بالاستفزازية. ومارست ضغوطا على شركات الطيران كي تلغي تذاكر السفر للمتضامنين المكشوفين. وحسب مصدر إعلامي فإن إسرائيل تعهدت بتغطية نفقات كل غرامة تفرضها المحاكم الغربية لأولئك المسافرين ضد الشركات. وقد استجابت شركة الطيران الفرنسية فألغت تذاكر 500 ناشط، وشركة الطيران البريطانية «جيت2» التي ألغت تذاكر سفر ثلاث متضامنات بريطانيات، كما تجاوبت قبلهما شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» وشركة الطيران الإيطالية «أليطاليا». وفوجئ الفلسطينيون والإسرائيليون بأن شركة الطيران التركية أيضا ألغت التذاكر، ومنعت سلطات المطارات التركية الرسمية نشطاء من الإقلاع إلى إسرائيل حتى في طائرات غير تركية.

وفي إسرائيل نفسها، تم تجنيد قوات ضخمة من حرس الحدود والشرطة والمخابرات، قوامها 600 عنصر، انتشروا في صالات المطار وأوقفوا المتضامنين. وتحول المطار، أمس، إلى ميدان إعلامي كبير بمشاركة مئات الصحافيين الذين حاولوا تغطية الحدث ولكن الشرطة لم تسمح لهم بتجاوز صالة العائدين. وحضر كل من وزير الأمن الداخلي إسحق أهرنوفتش، ووزير الداخلية إيلي يشاي، إلى المطار ليشرفا على عملية التصدي لهم. وأقام حزب «الاتحاد القومي» اليميني المتطرف في المطار «نقطة احتجاج»، بقيادة عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ميخائيل بن آري، فراح هو ورفاقه يشتمون المتظاهرين القادمين ويطالبون الحكومة الإسرائيلية بقتلهم، «لأنهم جاءوا ليدمروا دولة إسرائيل»، حسب بن آري.

وفي المقابل انتقدت الصحافة الإسرائيلية رد الفعل الرسمي على هذه الحملة. ودعت صحيفة «هآرتس» إلى استقبال المتضامنين الأجانب بالورود. وقالت «يديعوت أحرونوت» إن «هناك مجانين في الحكومة الإسرائيلية يجب إلجامهم، لأنهم يظهرون ديمقراطية إسرائيل هشة وهزيلة». وأما عضو الكنيست نحمان شاي من حزب «كديما» المعارض والذي شغل في الماضي منصب الناطق بلسان الجيش، فاعتبر الرد الإسرائيلي على الحملة الفلسطينية «عصبيا وهستيريا وصبيانيا مشينا، مثلما تفعل في قضايا أخرى كثيرة وبذلك تسيء إلى إسرائيل وتنجر وراء مريدي السوء لها».

وأضاف شاي: «الحكومة لا تخاف من هذه الحملة في الواقع، بل من مراقب الدولة في إسرائيل، حتى لا يصدر تقريرا يدينها كما حصل مع حملة (أسطول الحرية) في سنة 2010. ولو تمتعت بالحد الأدنى من الحكمة والذكاء، لكانت استقبلت المتضامنين الأجانب مع الفلسطينيين بالترحاب، وحملتهم على حافلات ركاب فخمة ونقلتهم إلى بيت لحم، التي خططوا للوصول إليها وتركتهم يهتفون ويحملون الشعارات، كما يلائم دولة ديمقراطية.