برلمان السودان يعتبر حكومة سلفا كير عدوا ويعد باستئصالها.. وجوبا تعتبر البشير «صدام» جديدا

الجنوب يطلق سراح 14 أسيرا من الجيش السوداني استجابة لطلب من القاهرة

الدخان يتصاعد من احدى المنشآت بمدينة بانتيو (جنوب) اثر قصف القوات السودانية لها السبت (أ.ب)
TT

أعلن البرلمان السوداني، أمس، حكومة رئيس جنوب السودان، سلفا كير، «عدوا»، وذلك بعد سيطرة قوات الجنوب على منطقة هجليج الحدودية التي تضم حقل النفط الرئيسي للسودان. وبينما هدد رئيس البرلمان السوداني باستئصال هذه الحكومة ردت جوبا باعتبار الخطوة منافية للقانون الدولي وتنذر بميلاد صدام حسين جديد في المنطقة، في إشارة إلى قيام صدام حسين بغزو الكويت في أوائل التسعينات.

وقال البرلمان السوداني في الخرطوم، في قرار وافق عليه النواب بالإجماع بعد أن تلاه رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس: «نعتبر حكومة جنوب السودان عدوا للسودان، وعلى مؤسسات الدولة السودانية معاملتها وفق لذلك». وعقب التصويت أعلن رئيس البرلمان، أحمد إبراهيم الطاهر، أن السودان سيصادم الحركة الشعبية (الحزب الحاكم في جنوب السودان) حتى ينهي حكمها للجنوب الذي أعلن استقلاله رسميا في يوليو (تموز) 2001 بعد حرب أهلية مدمرة استمرت من 1983 إلى 2005، وأضاف: «نعمل للملمة كل مواردنا لتحقيق هذا الهدف».

من جانبه قال وزير الإعلام في جنوب السودان، برنابا مريال بنجامين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن إعلان البرلمان السوداني بعدم الاعتراف بحكومته شأن يخصه، وأضاف: «لكن الحديث عن اقتلاع حكومة في دولة مستقلة ومنتخبة من شعبها مجرد أوهام من الحزب الحاكم في السودان، ويعبر عن عدم معرفة بالقانون الدولي»، وتابع: «البرلمان السوداني يريد أن يستنسخ صدام حسين آخر بهذه التهديدات في المنطقة الذي قام بغزو الكويت في عام 1991»، وأضاف: «هل يمكن أن تعيد الخرطوم الكرة مرة أخرى وتقوم بحماقات صدامية أخرى؟».

إلى ذلك, أصدر رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، قرارا بإطلاق سراح أسرى الجيش السوداني وميليشيا الدفاع الشعبي الذين تم أسرهم في هجليج الثلاثاء الماضي، على أن يتم تسليمهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإيصالهم إلى بلادهم، في استجابة لطلب مصري خلال زيارة وزير خارجيتها إلى جوبا، وأعلنت جوبا ترحيبها بالدور المصري لحل الأزمة، نافية وجود طلب من القاهرة بسحب قوات الجيش الشعبي من هجليج، وشددت على أنها طالبت مصر بتقوية منبر الاتحاد الأفريقي الذي يقوده رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة، ثابو مبيكي، في وقت أكدت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في هذه الدولة حديثة الاستقلال أن الطائرات السودانية قصفت موقعا تابعا للبعثة في منطقة ميوم، في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، دون خسائر في الأرواح، في غضون ذلك اعتبر البرلمان السوداني حكومة جوبا عدوا للخرطوم، وصفتها حكومة الجنوب استنساخ جديد للرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين.

وقال دكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الدولة سلفا كير ميارديت أصدر قرارا، أمس، بإطلاق سراح جميع الأسرى التابعين للجيش السوداني الذين تم أسرهم في المعارك التي دارت بين جيشي البلدين في منطقة هجليج، والتي سيطرت عليها القوات الجنوبية، وأضاف أن قرار كير جاء بناء على طلب وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، الذي زار جوبا، أمس، وأضاف أن الأسرى تم نقلهم إلى جوبا أول من أمس وعددهم 14 أسيرا كان تلفزيون الجنوب قد صورهم في مطار جوبا، وقال إن الأسرى المطلق سراحهم سيتم تسليمهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لترحيلهم إلى السودان عبر القاهرة.

ورحبت جوبا على لسان بنجامين بالدور المصري في أعقاب زيارة قام بها وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، إلى جوبا قادما من الخرطوم لنزع فتيل الأزمة بين الدولتين الجارتين، وقال إن الدور المصري مهم لكنه لا بد أن يقوي منبر الاتحاد الأفريقي الذي يتفاوض عليه وفدا البلدين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مشيرا إلى أن الوزير المصري سيعمل على النظر في مواقف الأطراف، وقال: «نحن لا نريد منابر أخرى خلاف منبر الاتحاد الأفريقي ولكن الدور المصري مهم في تقوية هذا المنبر»، نافيا وجود طلب مصري لحكومته بسحب قواتها من هجليج، وأضاف: «ليس صحيحا أن القاهرة طلبت منا سحب قواتنا من هجليج لأنها لم تطلب ذلك إطلاقا، وأن الوزير نفسه قال ذلك بأنه لم يعلن موقف من بلاده في هذا الشأن»، وقال إن الوزير المصري زار الخرطوم وجوبا لسماع وجهات نظر البلدين حول الأزمة لتقديم تصور لمساعدة وتسهيل مهمة ثابو مبيكي، وأوضح أن بلاده أوضحت موقفها بأن الانسحاب من هجليج يتم عبر نشر مراقبين دوليين في المناطق المتنازع عليها بما فيها هجليج وترسيم الحدود بين الدولتين.

من جهته قال وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، في تصريحات صحافية في جوبا، إن بلاده تأمل الاضطلاع بدور لها لحل الأزمة بين جوبا والخرطوم للتوصل إلى حلول سلمية حول كل القضايا العالقة، نافيا وجود مبادرة من حكومته للبلدين، لكنه أشار إلى وجود ترحيب كبير من رئيس السودان عمر البشير، ورئيس جنوب السودان سلفا كير، وأن الأخير أجرى اتصالا مع طنطاوي، وقال إن زيارته لعاصمتي الدولتين لسماع وجهات نظرهما لتكوين فكرة حول الأزمة وبعدها ستبدأ القاهرة في التحرك مع الأطراف كافة.

وأشار بنجامين إلى أن طائرات سلاح الجو السوداني قصف معسكرا لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في بلدة ميوم، في ولاية الوحدة، مشيرا إلى غارة أخرى وقعت في بانتيو عاصمة الولاية وميوم، وقد أوقع القصف 7 قتلى بينهم نساء وأطفال وإصابة أكثر من 14 آخرين، مشيرا إلى أن القصف الجوي السوداني دمر منشآت النفط في منطقة هجليج التي تسيطر عليها قواته، وقال: «إنهم يقصفون منشأة المعالجة المركزية والصهاريج في هذه اللحظة التي نتحدث فيها ويحولونها إلى أنقاض»، وقد أكد المتحدث باسم بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان عملية القصف، لكنه قال: «لم نسجل سقوط ضحايا»، بينما نفت وزيرة الدولة للإعلام، سناء حمد، في السودان هذه الاتهامات، مؤكدة أن بلادها لم ولن تدمر المنشآت النفطية، من جانبها أدانت فرنسا قصف القوات السودانية لمعسكر تابع للأمم المتحدة في ولاية تابعة لدولة جنوب السودان، وعبر المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو في بيان صحافي عن أسفه لقصف جيش الخرطوم معسكر للبعثة الأممية، وأن بلاده تدين هذا العمل غير المقبول، وتؤكد تضامنها مع القوات الدولية.

في غضون ذلك استبعد زعيم حزب المؤتمر الشعبي، الدكتور حسن الترابي، ترشيح خليفة للرئيس عمر البشير الذي تنتهي ولايته عام 2015، مؤكدا أن قيادات الحزب لن تجرؤ على اتخاذ هذه الخطوة، ولمح إلى عدم وجود قيادي مؤهل لملء المقعد. وقال في تصريحات نشرتها صحيفة «المجهر السياسي» الصادرة في الخرطوم، أمس، إن الأسماء التي يتم تداولها في مجلس الإسلاميين، وهم: «النائب الأول للرئيس علي عثمان طه، ومساعد البشير الدكتور نافع علي نافع، ومستشاره غازي صلاح الدين ومصطفى عثمان إسماعيل، إلى جانب رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، ووزير الخارجية علي كرتي، ووزير السدود والكهرباء أسامة عبد الله»، جميعهم غير مؤهلين لمنصب رئيس السودان، واصفا طه - بحسب الصحيفة - بالحريص والحذر، وأن الشخص الأول يحتاج أن يقترح على الناس ويعبر عن القرارات، وقال إن نافع «قلبه أبيض من لسانه»، وإنه غير سياسي ودخل الحركة الإسلامية لمهام أمنية، وأضاف: «إن إدارة السياسة تستند على حجج وحيثيات ومبادرات، ولربما لا يبلغ هذا المقام»، وقال إن رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر وكرتي وأسامة عبد الله ومصطفى إسماعيل متأخرون عن هؤلاء في الترشح.