مخاوف من تطبيق قانون العزل السياسي على مئات الإعلاميين

صحافيون اشتكوا من منعهم من الكتابة.. وحزب «الإخوان» قال إنه لم يتدخل

TT

سيطرت حالة من القلق على الكثير من الشخصيات الصحافية البارزة التي عملت في وسائل الإعلام المملوكة للدولة في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك بخصوص مستقبلهم المهني، خاصة بعدما صرحت مصادر برلمانية أن حزب الحرية والعدالة (الإخواني)، الذي يحوز على أكثرية المقاعد، بصدد إعداد قائمة لعزل عشرات من الصحافيين البارزين خلال حكم مبارك أسوة بقانون العزل السياسي الذي أصدره البرلمان منذ أيام.

ونقلت تقارير صحافية عن مصادر برلمانية أن حزب الحرية والعدالة بصدد إعداد قائمة موازية تهدف لعزل الإعلاميين الموالين لنظام مبارك، وشملت القائمة المسربة 11 صحافيا من بينهم 4 رؤساء مجالس إدارات مؤسسات قومية سابقين وآخر حالي.

وبالأمس تبادل صحافيون من العهد السابق وقيادات إخوانية الاتهامات بشأن نوايا العزل وإجراءات الحرمان الفعلية لعدد من الصحافيين من الكتابة في صحفهم التابعة للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن حزب الحرية والعدالة سارع بالنفي لنوايا إقصاء الإعلاميين المشتبه في دفاعهم عن النظام السابق قبل سقوطه في احتجاجات مليونية العام الماضي. وقبل أيام، مرر البرلمان المصري قانونا للعزل السياسي يستهدف منع رموز النظام السابق، خاصة من المنتمين للحزب الوطني، خلال السنوات الـ10 السابقة من المشاركة في الحياة السياسية لمدة 10 سنوات قادمة، وهو القانون الذي يحتاج إلى موافقة المجلس العسكري (الحاكم في البلاد) ليصبح ساري المفعول، وطالب عدد من النواب الإسلاميين أثناء مناقشة القانون في البرلمان الخميس الماضي بضرورة تضمين رؤساء الصحف القومية للقانون، وهو ما لم يؤخذ في النص النهائي للقانون.

وعبر عدد من رؤساء التحرير والصحافيين البارزين في عصر مبارك عن تخوفهم وقلقهم من القائمة المزعومة التي ربما تضع حدا لحياتهم المهنية. وقال رئيس تحرير سابق، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، «من يقف وراء تلك القائمة ظلوا يطالبون عقودا بالديمقراطية.. والآن ينفذون الديكتاتورية».

وقال عبد الله كمال، رئيس التحرير السابق لصحيفة «روزاليوسف»، إن القائمة التي أعدتها جماعه الإخوان تعبر عن موقف عدائي من حرية الرأي والتعبير وعن رغبة أكيدة في كتم أي صوت مخالف، مضيفا أن قانون العزل الإعلامي مطبق بالفعل وأن هناك صحافيين وكتابا ممنوعون بالفعل من الكتابة بأوامر من مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان المصري)، الذي تسيطر عليه أغلبية إخوانية.

وكشف كمال عن منع بعض الصحافيين والكتاب حاليا من الكتابة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «بخلاف قانون العزل السياسي والصحافي هو أننا بالفعل ممنوعون من الكتابة ولدى رؤساء تحرير الصحف والمجلات تعليمات من مجلس الشورى بمنعنا من إبداء آرائنا وإلا فإن السادة الزملاء سوف يفقدون مناصبهم إذا سمحوا لنا بأن نكتب».

ومن جانبه شدد سيد أبو زيد، المحامي بمحكمة النقض والمتخصص في قضايا الحريات، أن قائمة عزل الصحافيين المثيرة للجدل تعبر عن تكرار الإخوان لسلوك وممارسات الحزب الوطني، وقال أبو زيد إن «نظام مبارك كان يسيطر سيطرة شاملة على المؤسسات الصحافية.. ومن كان يرفض الكتابة تأييدا للنظام كان يفصل تعسفيا من عمله».

ويفرق أبو زيد بين نوعين من الصحافيين الأول وهو «مفكرو» نظام مبارك والذين دافعوا عنه باستماتة وبشكل عقائدي، والثاني من كانوا مجبرين على الكتابة خشية فقد عملهم، موضحا أنه يؤيد فرض العزل على المنتمين للفريق الأول.

وأوضحت هبة عاطف، مدرسة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن مصر الثورة لا يجب أن تحجر على حرية الفكر والتعبير أيا كان مصدرها، وقالت: «على من يريد مصر ديمقراطية أن يترك الأفكار والآراء في مواجهة بعضها البعض دون رقابة والرأي العام سيختار الأفضل والأحق في النهاية».

ومن جانبها قالت قيادات في جماعة الإخوان إن ما يتردد عن عزمها وضع قائمة سوداء لعزل صحافيين «من نظام مبارك غير صحيح». وأوضح علي فتح الباب، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة في مجلس الشورى، أن هذا الكلام عار تماما من الصحة وليس له أي أساس، مشيرا إلى أن الهدف منه هو إحداث أزمة بين الحزب والإعلام.

ومن جانبه قال صبحي صالح، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم منع كاتب أو صحافي من ممارسة عمله بأوامر من الإخوان المسلمين»، مشيرا إلى أن «الحرية والعدالة» لم يقم بإعداد قائمة تهدف لعزل الإعلاميين السابقين، وقال: إن «الإقصاء والاستبعاد ليس أسلوبنا وليس من عقيدتنا».

يشار إلى أن محمد بديع، المرشد العام لـ«الإخوان» المسلمين، وصف قبل أسابيع الإعلاميين بأنهم مثل «سحرة فرعون»، وهو ما أثار غضبا في الأوساط الصحافية رغم اعتذار بديع عن الأمر لاحقا.