الفلسطينيون يحيون يوم الأسير.. ومئات الأسرى يشرعون في الإضراب عن الطعام

«الانقسام» عنوان الإضراب.. ووزير الأسرى: شيء مؤسف وينذر بالفشل

TT

يحتفي الفلسطينيون اليوم بيوم الأسير الفلسطيني، في الوقت الذي شرع فيه المئات من الأسرى في سجون الاحتلال بإضراب مفتوح عن الطعام؛ احتجاجا على الممارسات الإذلالية التي يتعرضون لها في السجون، وللمطالبة بتحسين ظروفهم الاعتقالية.

ومن المتوقع أن يكون نحو 1600 معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال قد شرعوا صباح اليوم في إضراب مفتوح عن الطعام، بعد أن رفضت سلطات مصلحة السجون الاستجابة لمطالبهم التي تتمثل في: وقف سياسة عزل عدد كبير من المعتقلين في زنازين انفرادية، ووقف سياسة التفتيش العاري والمذل للأسرى، والسماح لذوي الأسرى وأبنائهم بزيارتهم في السجون.

ولم تستطع الحركة الأسيرة الفلسطينية داخل السجون الإسرائيلية الانتصار على واقع الانقسام خارجها، ووجدت نفسها ضحية له مرة أخرى، أو تكاد تجذره من حيث لا تحتسب. وبينما كان ينتظر أن يبدأ الأسرى، داخل السجون الإسرائيلية، إضرابا جماعيا تاريخيا، هو الأول منذ 8 سنوات، حتى تحقيق مطالبهم، وجدوا أنفسهم منقسمين بشأنه، آلاف يتبعون حماس والجهاد، والجبهتان اتخذتا القرار، وآلاف يتبعون فتح يفضلون الانتظار.

ويبدأ فعليا أسرى حماس ومعهم أسرى الجهاد الإسلامي، وبعض أسرى الجبهة الشعبية والديمقراطية، الإضراب اليوم في ذكرى يوم الأسير، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني في أول عملية تبادل بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 1974، ويقول أسرى فتح إنهم يريدون انتظار نتائج حوار مفتوح مع إدارة السجون.

ومن غير المعروف ما هو عدد الذين سيدخلون الإضراب، ويقدر بنحو 1600، وهذا يعني أن سجونا لم تحسم أمرها بعد، وقد يزيد العدد بحسب مشاورات اللحظة الأخيرة. وحذر وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، من فشل إضراب الأسرى، وقال في مؤتمر صحافي: «للأسف الشديد، ولأول مرة يكرس الانقسام في صفوف الحركة الأسيرة في مشروع استراتيجي هام، وهو الإضراب المفتوح عن الطعام». وأضاف «شيء مؤسف». ويريد الأسرى الفلسطينيون، وعددهم نحو 5000، تحسين ظروف اعتقالهم داخل السجون الإسرائيلية، لكنهم اختلفوا حول الوقت. ويطالب الأسرى إدارة السجون الإسرائيلية بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، وإعادة إمكانية التعليم الجامعي والثانوي، ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى، والسماح بالزيارات العائلية، وخاصة لأسرى قطاع غزة، وتحسين العلاج الطبي للأسرى المرضى، ووقف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز، والسماح بإدخال الكتب والصحف والمجلات، ووقف العقوبات الفردية والجماعية بحق الأسرى.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حاورت لجنة من ممثلي الأسرى إدارة السجون الإسرائيلية، ومسؤولين من الاستخبارات، ووعدوا بإعطاء رد على مطالب الأسرى خلال أيام. وأصر أسرى حماس والجهاد على بدء الإضراب، فيما تريد فتح إعطاء الحوار مهلة أفضل. وفشلت كل الجهود المتعلقة بتأجيل إضراب حماس والجهاد أو تبكير إضراب فتح.

ودعا قراقع الأسرى للتوافق على موقف واحد. وأضاف: «نريد لهذه المعركة أن تنجح، لأن انكسار الإضراب سيعيد الأوضاع لأسوأ مما هي عليه الآن».

وتابع: «من الخطأ والخطر أن تدخل مجموعة الإضراب وتبقى مجموعة خارجه، فانقسام الحركة الأسيرة يشكل خطرا على إمكانية نجاحها».

وأردف: «لا يجوز الاختلاف حول مثل هذه الخطوة النوعية، لأن إدارة السجون قد تستغل فرصة عدم وجود توافق على الإضراب لكسر شوكته، والاستفراد بالمضربين».

ويحيي الفلسطينيون في مثل هذا اليوم من كل عام يوم الأسير، وانطلقت أمس فعاليات إحياء اليوم بإضاءة شعلة الحرية في بلدة عرابة في جنين في الضفة الغربية، وأمام مقر الصليب الأحمر في قطاع غزة.

ودعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى أوسع حملة تضامن وطنية ودولية لإسناد الأسرى في سجون الاحتلال، لتحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة المتماهية مع القانون الدولي والإنساني واتفاقية جنيف الرابعة. وحيت المنظمة في بيان، الأسرى وصمودهم، وقالت: «إن سياسة القمع والإذلال التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى لن تنال من عزيمتهم وصمودهم وإصرارهم على المضي في نضالهم من أجل انتزاع حقوقهم المشروعة في التعامل معهم وفق القانون الدولي والإنساني».

وأضافت: «إن إسرائيل تمارس أبشع وأقسى أساليب الاعتقال والإهانة بحق 4600 أسير، بينهم 180 طفلا و6 نساء، واتخذت منهم عنوانا للانتقام من الشعب الفلسطيني وإرادته في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة والقدس الشريف عاصمة أبدية لها».

وأكدت المنظمة أنه لن يكون سلام ولا استقرار في المنطقة دون الإفراج الكامل عن جميع الأسرى في سجون الاحتلال، داعية العالم للوقوف إلى جانبهم لتحقيق أهدافهم الإنسانية والقانونية.

كما دعا رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، في غزة، كل الفصائل الفلسطينية، إلى «وضع الخطط والبرامج وتوفير ما يلزمها من إمكانات مادية، بهدف تحرير أسرانا من سجون الاحتلال بأي وسيلة كانت».

وقال هنية في كلمة له في مستهل الاجتماع الأسبوعي للمقالة أمس: «تحرير الأسرى واجب وطني وشرعي وأخلاقي لا يجوز التفريط به». وأضاف: «ثبت أن المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لإطلاق سراح الأسرى». في هذا الإطار أصدرت حركة «رابطة»، وهي التي تمثل الأسرى من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، بيانا مشتركا مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي، دعت فيه إلى المشاركة في إيقاد شعلة الحرية في بيت أقدم أسير فلسطيني كريم يونس في قرية عارة، وقالت إن السلطات الإسرائيلية تستغل الانشغال العربي والعالمي بأحداث الربيع العربي للبطش بالحركة الأسيرة.

وقد جاء البيان تحت عنوان «لن نترك أسرانا وحدهم»، وأشارت فيه إلى أن الحركة الأسيرة تعيش هجمة حاقدة مستمرة منذ عدة سنوات، ومن الواضح أن هذه الهجمة لم تبلغ ذروتها بعد، بل هي مستمرة ومتصاعدة نحو الأسوأ، وأن الحكومة الإسرائيلية تستغل الانشغال العربي والعالمي بالأحداث العربية، والانقسام الفلسطيني المقيت الذي أصبح مجرد الحديث عنه ممجوجا ومحزنا، حيث تصاعدت هذه الحملة بعيد إتمام صفقة «وفاء الأحرار» (صفقة شاليط) لتبادل الأسرى، التي حررت مئات الأسرى الفلسطينيين والعرب. وعلى الرغم من كل ما صاحب الصفقة من ملاحظات وانتقادات فإن الحكومة الإسرائيلية تعمدت أن لا تكون الصفقة رافعة لقضية الأسرى، بل على العكس تماما، فقد حولتها لذريعة لحملة انتقامية مسعورة بحق الأسرى ومنجزاتهم على مختلف الأصعدة، مناقضة بذلك تفاهمات الصفقة التي نصت على «إلغاء الخطوات الانتقامية بحق الأسرى في حال إتمام الصفقة».