الرئيس الجزائري يتعهد لعبد الجليل بعدم تكرار أي تصرف معاد لليبيا من عائشة القذافي

رئيس موريتانيا: سنتخذ قرارا بشأن السنوسي بمجرد انتهاء الإجراءات القضائية * الكيب لـ«الشرق الأوسط»: لدينا قناعة أن نواكشوط ستستجيب لطلب طرابلس

TT

قال مصطفى عبد الجليل، رئيس «المجلس الوطني الانتقالي» الليبي، إنه بحث مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قضية أفراد أسرة القذافي اللاجئين بالجزائر، مشيرا إلى أنه «متيقن بأن الجزائر لن تحتضن من يشكل خطرا على ليبيا».

وذكر عبد الجليل أمس للصحافة بالجزائر العاصمة، في ختام زيارة رسمية دامت يومين، أن محادثاته مع بوتفليقة «انتهت إلى أن كل ما يشكل خطرا على ليبيا سواء بالتمويل أو التحريض، سوف لن يكون له مكان بالأراضي الجزائرية». وأوضح أن «هناك اتفاقيات قضائية سيتم تفعيلها في هذا الشأن بخصوص حق من تطاله المتابعة الجنائية»، وفهم من تصريحات مصطفى عبد الجليل شيئان على الأقل: الأول أن الجزائر تعهدت له بأن لا يكرر أفراد أسرة القذافي، خصوصا عائشة القذافي، تصريحات معادية للسلطات الجديدة بالدعوة إلى التمرد عليها، والثاني أن طرابلس لن تتردد في المطالبة بتسليمهم للمحاكمة، في حال بدر منهم أي تصرف لا تقبله.

ومعروف أن زوجة الراحل معمر القذافي ونجليه محمد وهانيبال وابنته عائشة، دخلوا إلى الجزائر في أغسطس (آب) الماضي، في عز الحرب الأهلية التي دارت رحاها بالبلاد. وقالت الجزائر حينها: إنها وافقت على دخولهم إلى ترابها لـ«دواع إنسانية»، مرتبطة أساسا بحالة عائشة الصحية التي كانت على وشك وضع مولود. وذكر عبد الجليل بهذا الخصوص: «نحن نقدر الموقف الإنساني للجزائر بشأن إيواء الأسر، خاصة النساء والأطفال».

وأفاد المستشار عبد الجليل بأنه جاء إلى الجزائر لتوطيد أواصر الصداقة والأخوة بين الشعبين الجزائري والليبي، وأضاف: «نحن نتطلع إلى مستقبل واعد مع الجزائر»، مشيرا إلى أنه تناول مع بوتفليقة «الكثير من المواضيع من أهمها المحور الأمني ومراقبة الحدود الجزائرية، حماية لأمن الجزائر وليبيا من خلال الموقف الداعم للحكومة الجزائرية لهذا الأمر، باعتبار أن ليبيا ما زالت في طور التنشئة والإعداد لجهازي حرس الحدود والأمن الوطني».

يشار إلى أن الجزائر تعهدت بمساعدة الليبيين على هيكلة أجهزتهم الأمنية، عن طريق إيفاد مدربين إلى ليبيا. وقد تم بحث هذا الجانب خلال زيارة وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال إلى الجزائر الشهر الماضي.

وتحدث المستشار عبد الجليل عن «العلاقات التاريخية الراسخة التي تجمع الشعبين الليبي والجزائري»، وقال: «إن البلدين يشتركان في أمور عدة هي الإسلام والعروبة والانتماء إلى الفضاء المغاربي». وأضاف أن زيارته مناسبة لتقديم تعازي بلاده في وفاة أول رئيس للجزائر أحمد بن بيلا.

وذكر وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي، مساء أول من أمس في ختام مباحثات مع عضو المجلس الانتقالي سالم قنان، أن «إرادة سياسية قوية ونظرة واضحة تجمع الجانبين لتطوير التعاون بينهما». وقال: إن زيارة عبد الجليل «تفتح آفاقا جديدة لهذا التعاون في شتى المجالات والميادين».

إلى ذلك، ظهر أمس خلاف علني بين ليبيا وموريتانيا حول الحالة الصحية لعبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي رئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، حيث كشف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز النقاب عن أن السنوسي الذي اعتقل في موريتانيا الشهر الماضي وتسعى كل من ليبيا وفرنسا والمحكمة الجنائية الدولية لتسلمه مريض. لكن مصادر ليبية اعتبرت في المقابل أنه يجب تسليمه بغض النظر عن وضعه الطبي.

وأبلغ الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا «الشرق الأوسط» أنه على قناعة وثقة بأن موريتانيا ستسلم السنوسي إلى السلطات الليبية في نهاية المطاف لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها على مدى عقود بحق الشعب الليبي.

وقال الرئيس الموريتاني، في حديث أدلى به لقناة «تي في 5» الفرنسية نقلته وكالة رويترز، إن السنوسي (62 عاما) كان يعاني بالفعل من مشاكل صحية عندما وصل إلى نواكشوط جوا الشهر الماضي بجواز سفر مزور.

وأضاف: «حالته مستقرة ولا تبعث على القلق. وسنتخذ قرارا (بشأنه) بمجرد انتهاء الإجراءات القضائية معه».

ولم يكشف الرئيس الموريتاني عن المرض الذي يعاني منه السنوسي الذي يعتبر الصندوق الأسود لنظام القذافي وأحد أبرز معاونيه على مدى نحو 3 عقود، لكن مصادر مطلعة على حالته رجحت إصابته بالسرطان.

وزاد الرئيس الموريتاني قائلا: «حالته قيد الدراسة. لدينا عدد من الأسئلة نريد توجيهها إليه ولم نفرغ منه بعد. لم نتخذ قرارنا حتى الآن».

وربط رئيس الوزراء الليبي المؤقت بين تصاعد الاشتباكات العسكرية بين قبائل ليبية وعربية في جنوب وغرب ليبيا واعتقال السنوسي الشهر الماضي قادما من المغرب إلى نواكشوط، مشيرا إلى أن تطورات الأحداث تشي بتورط بعض أبناء القذافي وبقايا نظامه الهاربين في الخارج فيها.

ورغم أن كلا من المحكمة الجنائية الدولية وفرنسا طلبت أيضا بشكل رسمي من الرئيس الموريتاني تسليمهما السنوسي لمحاكمته بشأن قضايا وقعت خارج ليبيا، إلا أن رئيس الوزراء الليبي بدا مطمئنا وهو يؤكد عبر الهاتف أن لديه قناعة بأن موريتانيا ستستجيب لطلب حكومته وتسلم لها السنوسي لمحاكمته على الأراضي الليبية.

وقال الكيب: «أملنا كبير في أشقائنا في موريتانيا وأيضا في المجتمع الدولي الحر على أننا سنتسلم هذا المتهم».

ومع أنه لاحظ مدى الصعوبة التي يتسم بها الموقف خاصة في ضوء المطالب التي تسلمتها نواكشوط من جهات أخرى، إلا أن الكيب مضى يقول: «في اعتقادي أن موريتانيا ستستجيب لنا، ونعتقد جازمين أننا بعون الله سنتسلم هذا المتهم».

واتهم الكيب من وصفهم بأزلام نظام القذافي وأعوانه الفارين في الخارج بمحاولة ضرب الاستقرار وزعزعة الأمن في ليبيا، مشيرا إلى أنهم يستخدمون الأموال التي سرقوها من الشعب الليبي لتحقيق هذا الهدف، على حد تعبيره..

وقال الكيب: «نقول لكل من لديه بقايا من النظام السابق.. نرجو منكم أن تراعوا الصداقة والأخوة والقانون الدولي في التعامل مع هؤلاء المجرمين.. هؤلاء الناس مطلوبون. نحن نريد أن نعطيهم الفرصة لمحاكمة عادلة ونسعى لكف شرهم عن شعبنا حتى يتفرغ لبناء دولته الديمقراطية الجديدة».

وأضاف: «لدي قناعة بأن موريتانيا ستسلمه إلينا في نهاية المطاف.. هذا اعتقادي. وأعتقد أنهم سيستجيبون. ولكن كما ذكرت هذه قضية حساسة فيما يخص بعض الدول والجهات الأخرى».

على صعيد آخر، نفى مصدر رسمي بالمجلس الانتقالي صدور أي قرار عن المجلس بإقالة الكيب من منصبه لكنه لمح في المقابل إلى وجود مداولات بين أعضاء المجلس حول أداء وعمل الحكومة الانتقالية.

وقال المصدر في تصريح بثته وكالة الأنباء الليبية إن هذا حق أصيل للمجلس الانتقالي في متابعة ومراجعة أداء الحكومة وقراراتها، مشيرا إلى أن قرار إقالة الحكومة أو رئيسها من عدمه يتطلب اجتماع المجلس بكامل أعضائه.