دمشق تواصل عملياتها العسكرية متحدية المراقبين الدوليين

تصعيد الهجوم على حمص وإدلب ودرعا وأكثر من 47 قتيلا أمس

TT

لم يحل بدء المراقبين الدوليين مهمتهم في دمشق دون توقف عمليات القتل واستهداف عدد من المدن والبلدات السورية، مما أسفر في محصلة أولية عصر أمس عن مقتل 47 شخصا، أغلبهم في إدلب تحديدا، بعد تعرض المدينة والمناطق المجاورة لها خصوصا بلدة بنش، لقصف عنيف منذ يومين استخدمت خلاله الأسلحة الثقيلة من مدفعية ودبابات ومروحيات حربية مقاتلة، وفق ما أعلنه المجلس الوطني السوري في بيان أصدره فجر أمس.

وقال المجلس الوطني إن «المدينة تخضع لعقاب جماعي يتمثل في انقطاع الاتصالات والكهرباء والماء وإغلاقها بشكل كامل وعزلها عن المناطق المجاورة لها، مع استمرار إرهاب سكان المدينة وضواحيها بتحليق الطيران الحربي فوقها». وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بأن «تعزيزات عسكرية كبيرة اتجهت أمس من أريحا إلى جبل الأربعين في جبل الزاوية في إدلب».

وقال ناشطون إن ثلاثة مدنيين قتلوا بنيران القوات النظامية في منطقة أريحا وقرية سرجة في جبل الزاوية. كما تجاوز عدد المدنيين الذين قتلوا في مدينة إدلب الأربعة والثلاثين شخصا بينهم ثمانية جرى إعدامهم ميدانيا، وقال ناشطون إن القوات النظامية استخدمت الرشاشات الثقيلة والحوامات المجهزة برشاشات وقذائف الهاون في عملياتها في إدلب.

وفي درعا، تجدد القصف على منطقة اللجاة، وسمعت أصوات إطلاق نار في بلدة بصر الحرير، بعد قصف ليلي أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وجرح 28 شخصا بينهم طفلان و6 نساء، إضافة إلى تدمير 30 منزلا وحرق 17 آخرين، وتضرر 52 منزلا، وفق ما أعلنته لجان التنسيق المحلية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «ثلاثة قتلى على الأقل سقطوا أمس وأصيب العشرات نتيجة قصف قوات الأمن على بصر الحرير في محاولة للسيطرة عليها. وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون سحبا من الدخان الأبيض تتصاعد من أمكنة مختلفة لدى سقوط القذائف.

وقالت مصادر محلية إن القصف على مدينة بصر الحرير استمر ليومين «بمعدل متوسط 5 قذائف في الدقيقة بين قذيفة هاون أو مدفعية، أعنفها القصف الآتي من كتيبة التسليح، في ظل وضع إنساني سيئ وقطع للكهرباء والماء». وأضافت المصادر أن «عدد المنازل المتضررة تجاوز الـ72 منزلا، كما تجاوز عدد الجرحى المائة جريح، فيما قتل طبيب ومواطن، كما قامت القوات النظامية بمنع الأطباء من القيام بعملهم الإنساني في تطبيب الجرحى، واعتقلت بعضهم، وقامت بسرقة وتحطيم بعض الصيدليات».

وناشد أهالي مدينة بصر الحرير البعثة الأممية إيقاف القصف لمدة ساعة حتى يستطيع الأهالي دفن شهداءهم ومداواة جرحاهم. كما تعرضت منطقة اللجاة أيضا في درعا لقصف وإطلاق نار من الرشاشات الثقيلة.

وكانت مظاهرة سارت فجر أمس في خربة غزالة في درعا «تضامنا مع بصر الحرير واللجاة»، رفع خلالها المتظاهرون لافتة كتب عليها «بشرى للعالم: النظام السوري يستقبل طلائع المراقبين بقصف نوعي على حوران بصر الحرير». وبدا في شريط مصور نشره ناشطون على موقع «يوتيوب» نحو خمسين شخصا فجرا يهتفون على وقع قرع الطبل: «يا بصر نحن معك للموت».

وفي حماه، نفذت قوات الأمن السورية انتشارا أمنيا واسعا وتفتيشا دقيقا للسيارات والأفراد في أحياء عدة. وقالت «لجان التنسيق» إن وجودا أمنيا كثيفا شهدته بلدة الجاجية، وترافق ذلك مع حملة تفتيش للمنازل امتدت إلى زهرة المدائن ولحايا، التي اقتحمتها قوات الأمن وشنت حملة دهم واعتقالات عشوائية وأقامت حواجز أخضعت المارة لتفتيش دقيق.

وفي حمص، واصلت قوات الأمن قصفها أحياء عدة في المدينة، وتحديدا في حيي الخالدية والبياضة. وأفاد ناشطون أن قوات الأمن استهدفت الخالدية والبياضة بقذائف الهاون، وقالوا إن أكثر من مائة قذيفة هاون تتساقط على الحي خلال الساعة الواحدة.

وبدت في شريط فيديو بث صباح أمس سحب من الدخان الأبيض تتصاعد من أمكنة مختلفة لدى سقوط القذائف على أحياء حمص، وقال ناشطون إن «الصواريخ كانت تتساقط كالمطر على منازل المدنيين ودمر عدد كبير من منازل الحي، كما أصيب العشرات من المدنيين هناك». ونقلت قناة «الجزيرة مباشر» مشاهد للقصف العنيف على حي الخالدية، فيما أكد سكان هناك أن الأهالي «هرعوا إلى الملاجئ تحت وطأة القصف العنيف». كما تعرضت أحياء البياضة والقصور والقرابيص للقصف أيضا.

وفي أحياء جوبر والسلطانية قال ناشطون إن القصف استمر هناك منذ خمسة أيام وسط انقطاع تام عن الإعلام، وإن هناك العشرات من الجرحى والقتلى والبيوت والمحال المدمرة، كما توجد صعوبة كبيرة في إيصال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية، بالإضافة إلى عدم وجود أطباء يساعدون في إسعاف الجرحى، حيث يتم نقل الحالات الخطيرة إلى خارج المنطقة بصعوبة بالغة.

وفي ريف حمص تعرضت بلدة جوسية لقصف عنيف بعد ظهر أمس بمعدل أكثر من عشرين قذيفة هاون خلال نصف ساعة، بينما شهدت قرية تل النبي مندو إطلاق رصاص كثيفا وقصفا عنيفا، أدى إلى نزوح عدد كبير من الأهالي إلى القرى القريبة، بعد اقتحام القرية بالدبابات، وقامت قوات الجيش النظامي بتجريف المقبرة، الموجودة بأعلى التل حيث تم تمركز الدبابات هناك. وفي تلكلخ، قتل الشاب حسن عمر برغلي برصاص قوات الأمن التي أصابته في رأسه.

وفي ريف دمشق، واصلت قوات الأمن حملتها العسكرية ضد عدد من البلدات والقرى، حيث أفيد بسقوط إصابات في إطلاق رصاص وحملة مداهمات في مناطق مختلفة في معضمية الشام، وتحديدا في أحياء الروضة والزورة العمري والزيتونة. وفي دير العصافير، اقتحمت قوات الأمن البلدة بالمدرعات في ظل إطلاق النار بشكل عشوائي أسفر عن سقوط جرحى، كما نفذت حملة اعتقالات واسعة. وقال مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إن قوات الأمن اقتحمت بلدة جديدة عرطوز بأعداد كبيرة جدا واعتقلت عددا من المواطنين منذ الساعة السادسة فجرا.

وقال ناشطون إن حملة مداهمات جرت في مدينة عربين في ريف دمشق، وذلك عقب وصول تعزيزات جديدة إليها، حيث تم تكثيف الوجود بمنطقة «الأربع مفارق» على أطراف مدينة عربين مع حملة تفتيش دقيق للمارة.

وخرجت مظاهرات في عدة مناطق في البلاد للتعبير عن الموقف من وصول المراقبين الدوليين إلى دمشق؛ إحداها في مدينة سقبا في ريف دمشق رفعت خلالها لافتة كتب عليها: «وصلت طلائع المراقبين إلى بلد يحرقه جيشه. يا لها من مهزلة أممية». كما خرجت مظاهرة نسائية حاشدة في مدينة دوما في ريف دمشق.

وسجلت مظاهرات أيضا في أحياء من مدينتي حلب وحماه، وفي وسط العاصمة دمشق بدأت مجموعة من الشباب حملة سموها «تنظيف الشارع العام» تهدف إلى إزالة صور الدعايات الانتخابية لمجلس الشعب. وقالوا إنهم قاموا بإزالة «صور مرشحي مجلس الدمى»، في أحد أحياء العاصمة التجارية.

أما في دوما، فقد نفذت قوات الأمن السورية انتشارا في شارع حلب المركزي وشارع الجلاء ومنطقة المساكن ومحيط مشفى اليمان وساحة الشهداء وساحة المجاهدين، بالتزامن مع حملة دهم واعتقالات عشوائية طالت أكثر من عشرة شبان عند جامع «حوى» وشارع الجلاء، كما صودر عدد من السيارات.