مجلس التعاون الخليجي يندد بزيارة نجاد إلى «أبو موسى».. والرئيس الإيراني يصعد

طهران تحذر في «يوم الجيش» من أي مساس بوحدة وسلامة أراضيها.. وتنوي تحويل الجزيرة لمنتجع سياحي نموذجي

TT

نددت دول الخليج العربية أمس بزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى المتنازع عليها مع الإمارات، واعتبر وزراء الخارجية بعد اجتماعهم في العاصمة القطرية الدوحة أمس أن الزيارة تمثل «استفزازا وانتهاكا لسيادة الإمارات».

ولم يسفر عن الاجتماع الاستثنائي الذي عقد أمس بطلب من دولة الإمارات اتخاذ إجراءات صارمة بحق إيران، في حين دعا البيان الخليجي طهران للاحتكام للتفاوض المباشر مع أبوظبي أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية، إلا أنه وعلى الضفة الأخرى، رفع الرئيس الإيراني من نبرته تجاه دول الخليج محذرا مما سماه «أي مساس بوحدة وسلامة الأراضي الإيرانية». وقال الرئيس الإيراني في خطاب بمناسبة «عيد الجيش» أمس أن إيران تؤيد التعاون لحفظ السلام في الخليج لكنها ستدافع «بتصميم» عن سلامة أراضيها ضد أي اعتداء. وقال أحمدي نجاد إن «الشعب الإيراني يؤيد الاعتدال والسلام.. لكن العالم يجب أن يعرف أنه سيرد بتصميم على أي عدوان على وجود إيران ووحدة وسلامة أراضيها».

وقال الرئيس الإيراني إن «وحده التعاون» يمكن أن يضمن أمن المنطقة «الحساسة جدا»، منتقدا «التدخلات الأجنبية التي لا تجلب سوى عدم الأمان والانقسامات» في المنطقة.

من جهتها، قالت صحيفة «طهران تايمز» الإيرانية إن حكومة طهران وافقت على تحويل جزيرة أبو موسى إلى منتجع سياحي نموذجي، حسب ما أكده رئيس المنظمة الإيرانية للتراث الثقافي والصناعة التقليدية والسياحة حسن موسوي. وقال موسوي للصحيفة إن منظمته تخطط لتوفير التسهيلات لتشجيع السياح لزيارة الجزيرة. وقال موسوي إن أبو موسى هي واحدة من الجزر الإيرانية الأكثر جمالا في الخليج الذي يتوقع أن يستقطب الكثير من السياح الإيرانيين والأجانب.

وقال بيان وزراء خارجية الدول الخليجية إن «الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى المحتلة استفزاز وانتهاك لسيادة الإمارات». واحتضنت العاصمة القطرية الدوحة أمس الاجتماع الاستثنائي الـ39 لوزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية برئاسة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري. وشارك في الاجتماع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني.

وقال بيان للمجلس الوزاري الخليجي إن دول المجلس «تستنكر بشدة زيارة الرئيس الإيراني إلى جزيرة أبو موسى باعتبارها عملا استفزازيا وانتهاكا صارخا لسيادة الإمارات العربية على جزرها الثلاث».

كما اعتبر المجلس الوزاري في ختام الاجتماع الذي عقد بدعوة من الإمارات أن الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني يوم الأربعاء الماضي «تتناقض مع سياسية حسن الجوار التي تنتهجها دول الجوار في التعامل مع إيران ومع المساعي السلمية التي دأبت دول المجلس بالدعوة إليها من أجل حل قضية احتلال الجزر».

وإذ اعتبر وزراء الخارجية أن زيارة أحمدي نجاد للجزيرة «لا تغير شيئا من الحقائق التاريخية»، دعوا إيران إلى الحوار مع الإمارات أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وهو موقف ما انفكت الإمارات تكرره في السنوات الأخيرة. وطالب المجلس الوزاري «الجانب الإيراني بإنهاء احتلال هذه الجزر والاستجابة إلى دعوة دولة الإمارات بإيجاد حل سلمي وعادل عن طريق المفاوضات أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية».

كما أعلنت دول المجلس «تضامنها الكامل مع دولة الإمارات وتأييدها لكل الخطوات التي تتخذها من أجل استعادة حقوقها وسيادتها على جزرها» مشددة على أن «الاعتداء على السيادة أو التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من دول المجلس يعد تدخلا واعتداء على كافة دول المجلس».

ورأى المجلس الوزاري أن زيارة الرئيس الإيراني «قوضت التهدئة التي قامت بها الإمارات» وشدد على ضرورة «الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية» للدول الأخرى، وعلى أهمية هذه المبادئ من أجل «تجنب تداعيات عدم الاستقرار في هذه المنطقة المهمة من العالم على الأمن والسلم الدوليين».

وقد تصاعد التوتر في منطقة الخليج بعد زيارة غير مسبوقة قام بها أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى، وهي الزيارة التي لقيت تنديدا شديدا من الدول الخليجية، وقد أدانت دول الخليج العربي زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى المتنازع عليها بين إيران والإمارات العربية، وأبو موسى هي كبرى الجزر الثلاث التي سيطرت عليها إيران غداة انسحاب البريطانيين منها في 1971 وتؤكد الإمارات سيادتها عليها.

وكانت الإمارات دعت مرارا إلى حل مسألة الجزر عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية. واستدعت أبوظبي الخميس سفيرها لدى إيران للتشاور كما استدعت سفير إيران لديها للاحتجاج. وفي تصريح نقلته وكالة الأنباء الإماراتية، قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية إن عدم التوصل إلى حل للنزاع بين الإمارات وإيران حول الجزر الثلاث في الخليج قد يمس «بالأمن والسلم» الدوليين. مؤكدا: «لا نستطيع أن نترك الأمر (النزاع حول الجزر) إلى الأبد وقد يكون له تأثير على الأمن والسلم الدوليين، ولا أنظر للمسألة على أنها مسألة بين الإمارات وإيران فقط».

وقال الرئيس الإيراني في خطاب بمناسبة «عيد الجيش» أمس إن إيران تؤيد التعاون لحفظ السلام في الخليج لكنها ستدافع «بتصميم» عن سلامة أراضيها من أي اعتداء. وقال أحمدي نجاد إن «الشعب الإيراني يؤيد الاعتدال والسلام (...) لكن العالم يجب أن يعرف أنه سيرد بتصميم على أي عدوان على وجود إيران ووحدة وسلامة أراضيها». وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي استبق اجتماع المجلس الوزاري الخليجي بالتحذير مما وصفه بأن تصبح الأمور «معقدة للغاية» إذا لم تتعامل هذه الدول بحذر بشأن الخلاف الدائر حول إحدى الجزر المتنازع عليها بين إيران والإمارات العربية.

وفي تصريح لوكالة الأنباء الطلابية الإيرانية «إسنا»، قال صالحي إن إيران ترغب في إقامة علاقات جيدة مع الإمارات وإنها مستعدة لإجراء مناقشات بهذا الشأن، ولكن «حكمنا لهذه الجزر غير قابل للتفاوض، وسيادة إيران على هذه الجزر مؤكدة وموثقة». وأضاف: «نأمل في أن تتصرف الأطراف الأخرى بشأن سوء التفاهم الذي يمكن أن ينشأ، بصبر وبصيرة وحكمة، وإلا، فإن الأمور قد تصبح معقدة جدا».