جوبيه يدعو مجلس الأمن إلى ردود «سريعة وحازمة» على إخلال دمشق بالتزاماتها

مجموعة العمل الدولية حول العقوبات توصي بـ«تدابير إضافية» بحق النظام السوري

TT

أوصت مجموعة العمل الدولية حول العقوبات على سوريا أمس، في اجتماعها الذي استضافته وزارة الخارجية الفرنسية برئاسة ثلاثية من فرنسا والاتحاد الأوروبي والمغرب (ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن الدولي) - باتخاذ «تدابير إضافية» بحق النظام السوري.

بينما قال مسؤول فرنسي أمس إن فرنسا ستستضيف اجتماعا لوزراء خارجية في باريس غدا الخميس تشارك فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لبحث الهدنة الهشة في سوريا. وأضاف أن الاجتماع الذي سيحضره أيضا وزيرا خارجية تركيا وقطر يهدف لزيادة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للوفاء بتعهداته بموجب خطة السلام التي تدعمها الأمم المتحدة.

وحضر الاجتماع ممثلو 56 دولة، بينها 27 دولة أوروبية، و19 دولة عربية باستثناء لبنان والمغرب، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية واليابان وسويسرا وكندا وتركيا وكوريا الجنوبية، وكل البلدان التي فرضت عقوبات على النظام السوري، فضلا عن ممثلين عن الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والمجلس الوطني السوري المعارض.

ويأتي اجتماع أمس تنفيذا لقرار اتخذ في مؤتمر إسطنبول لأصدقاء الشعب السوري بغرض تقييم نتائج العقوبات المتنوعة التي اتخذت بحق النظام السوري ورجالاته ومؤسساته، والتنسيق بين الجهات التي قررتها وتبادل الخبرات واستشراف السبل لدعم اقتصادات الدول المتضررة من تطبيقها.

وافتتح وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أعمال الاجتماع بكلمة شدد فيها على الحاجة للاستمرار في الضغوط التي تمارس على النظام السوري، الأمر الذي يمر «عبر تشديد العقوبات التي لها تأثير على السلطات السورية».

ورأى جوبيه في اللقاء «رسالة سياسية» للنظام السوري، فحواها أن عليه «أن يفهم أنه لا يمكنه مواصلة القمع من غير عقاب، كما أنه لا يستطيع رفض عملية الانتقال السياسية المنصوص عليها في خطة (المبعوث العربي - الدولي كوفي) أنان التي ينتظرها السوريون». وكانت باريس من أولى العواصم التي طالبت بتنحي الرئيس الأسد، لكن منذ أن طرح أنان خطته سداسية النقاط، اعتمدت فرنسا تعبير «عملية الانتقال السياسية» ذات المفهوم الأوسع الواردة في الخطة.

ودعا جوبيه، إلى جانب المواقف السياسية الصادرة عن الأسرة الدولية المتمثلة بفرض العزلة على النظام السوري في المحافل الإقليمية والدولية، إلى «تشديد العقوبات» التي وصفها بأنها «الوسيلة الأكثر فعالية لحرمانه من الموارد المالية التي يستخدمها لتمويل ميليشيات الشبيحة والتزود بالأسلحة».

وأشار جوبيه إلى العقوبات المتلاحقة التي أقرها الاتحاد الأوروبي والتي استهدفت 150 شخصية بارزة في النظام السوري من المسؤولين عن القمع وعشرات المؤسسات السورية.. ومن نتائج العقوبات، بحسب الوزير الفرنسي، تراجع الملاءة المالية للنظام بنسبة النصف.

غير أن جوبيه نبه إلى أن السلطات السورية تسعى إلى الالتفاف على العقوبات عبر الدول التي تعلن تأييدها الواضح للنظام أو عبر دول أخرى تفتح أسواقها البديلة بوجهه بشكل أو بآخر. ولذا، دعا إلى «مواجهة» هذه المناورات، التي هي أحد أهداف الاجتماع، عبر تبادل المعلومات والجهود والخبرات بهدف المساهمة بـ«فعالية» في إضعاف نظام «أرسى شرعيته على الخوف والتضليل والدعاية».

واتهم جوبيه النظام السوري بالاستمرار في «المناورات والأكاذيب والتلاعب»، مستدلا على ذلك باستمرار القصف والقتل والقمع رغم قبوله خطة أنان. وفي رأيه، فإن الحكم على النظام السوري يجب أن يكون على «أفعاله» وليس على أقواله، داعيا مجلس الأمن إلى رد فعل «سريع وحازم» على كل إخلال للسلطات السورية بالتزاماتها.

وتحدث في لقاء أمس باتريس باولي مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية، وأحمد طازي مدير دائرة المشرق والخليج والمنظمات العربية والإسلامية في الخارجية المغربية، وهوغ مينغارلي مدير عام الشرق الأوسط والجوار الأوروبي في المفوضية الأوروبية. وعرض سفير الجامعة العربية في باريس الدكتور ناصيف حتى العقوبات التي أقرتها الجامعة العربية، بينما فعل الشيء نفسه فرنشيسكو فيني عن الاتحاد الأوروبي، ولوك برونين مساعد سكرتير الخزانة عن الولايات المتحدة الأميركية. ومثلت المجلس الوطني السوري ماريا الشطي.

ودعت المجموعة، كما جاء في خلاصات اللقاء التي وزعتها الخارجية الفرنسية، «كل أعضاء مجموعة أصدقاء الشعب السوري وكل البلدان التي لم تمارس حتى الآن ضغوطا اقتصادية، إلى الانضمام إلى جهودها، وفرض عزلة متزايدة على النظام السوري». وندد البيان بأي دعم مالي أو «من أي نوع آخر» يقدم له، مستهدفا بشكل خاص استمرار مبيعات السلاح إليه. وجاء في الفقرة نفسها «ترحيب» بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والولايات المتحدة وتركيا والنرويج وسويسرا وموناكو وكرواتيا وآيسلندا وكندا وأستراليا واليابان.

وتستهدف المجموعة، كما جاء في البيان، ليس فقط تنسيق المواقف والتشارك في الخدمات والمعلومات، بل «اقتراح تدابير إضافية يتم تنفيذها على قاعدة اختيارية». غير أن البيان خلا من أي إشارة لمثل هذه التدابير.. لكنه في المقابل شدد على أهمية التدابير التي تطال القطاع المصرفي ومبيعات الطاقة.

وأشارت خلاصات اللقاء إلى أن العقوبات «لا تستهدف المدنيين السوريين»، وأن غرضها زيادة الضغوط على الأشخاص والهيئات المسؤولة عن القمع، وحرمان النظام من موارده المالية. واستدراكا لما يمكن أن يصيب المدنيين جراء العقوبات، أشارت المجموعة إلى أن مسؤولية الصعوبات الاقتصادية تقع على عاتق النظام.

ودعا المجتمعون رجال الأعمال الذين يدعمون النظام ماليا إلى قطع أي علاقة لهم معه، كما حثوا منظمات المجتمع المدني إلى إعلان الابتعاد علنا عن ممارسات النظام القمعية التي ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ومن جهة أخرى، أكد المجتمعون استعدادهم لرفع العقوبات عن الشخصيات الموجودة على اللوائح، إذا ما جاءوا بالبرهان على وقوفهم ضد القمع الجاري في سوريا.