يوم الأسير: المعتقلون يبدأون «إضراب الكرامة».. وفلسطينيو الضفة وغزة يتضامنون معهم

عباس: قضيتكم في قلبي وعقلي وأوصيكم بالوحدة.. وهنية: المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لتحريرهم

TT

بدأ نحو 1600 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، أمس، غالبيتهم من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إضرابا مفتوحا عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة بتحسين ظروف الاعتقال، بينما حذر أسرى حركة فتح، إدارة السجون الإسرائيلية، من أنهم سيلتحقون بالإضراب في الأول من مايو (أيار) القادم، إذ لم تنفذ مطالب الأسرى.

وقال رائد عامر، مسؤول العلاقات الدولية في نادي الأسير لـ«الشرق الأوسط»، إن سجونا بأكملها بدأت الإضراب، بينما ستنضم سجون أخرى بداية مايو.

واختار الأسرى، يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف 17 أبريل (نيسان) من كل عام، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني، في أول عملية تبادل مع إسرائيل عام 1974، لتنفيذ الإضراب الذي حمل عنوان «إضراب الكرامة». وقال بيان لقيادة الحركة الأسيرة «إن الإضراب المفتوح هو إضراب أقرته الحركة الأسيرة بالتوافق التام، ويقضي بالامتناع عن الطعام والشراب، عدا الماء حتى تتحقق كافة المطالب، التي انطلق من أجلها الإضراب».

وحدد البيان مطالب الأسرى «بإغلاق ملف العزل الانفرادي، الذي يقضي بموجبه أسرى، مضى على عزلهم أكثر من 10 سنوات متتالية في زنازين انفرادية تفتقر لمقومات الحياة البشرية والنفسية والمادية، والسماح لأهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم الذين حرموا منها منذ 6 سنوات متتالية، وتحسين الوضع المعيشي في السجون، الذي تداعى بقرارات سياسية وقوانين جائرة، مثل ما يسمى (بقانون شاليط) الذي حرم الأسرى من أبسط الحقوق، كالتعليم ومتابعة الإعلام من خلال سحب الكثير من القنوات الفضائية وكل الصحف المكتوبة، ووضع حد لسياسة الإهانة والإذلال التي تقوم بها مصلحة السجون بحق الأسرى وذويهم، من خلال التفتيش المهين العاري، والعقوبات الجماعية، والاقتحامات الليلية».

ورغم عدالة المطالب، لم تتمكن السجون من الاتفاق على موعد محدد بسبب خلافات بين فتح وحماس. وسبب الخلافات أن ثمة حوارا جرى بين إدارة السجون الإسرائيلية، وممثلي الأسرى، تريد فتح انتظار نتائجه.

وقال عامر: «حتى في حماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديمقراطية، هناك أسرى في سجون لم يدخلوا الإضراب. للأسف الانقسام ألقى بظلاله على السجون أيضا». واستدرك: «ولكن مع ذلك فإن المساندة الشعبية تبدو عظيمة وموحدة، لقد كان يوما عظيما».

وأحيا آلاف من الفلسطينيين، يوم الأسير الفلسطيني، بمظاهرات في الضفة الغربية وغزة، بينما تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالعمل على إطلاق سراح الأسرى حتى آخر واحد فيهم، وحثهم على التوحد.

وقال أبو مازن مخاطبا الأسرى: «أؤكد لكم أن قضيتكم في قلبي وعقلي وأعماق وجداني وضميري، وأنني لأحملها والقيادة الفلسطينية، حيثما حللت وارتحلت، وهي على رأس سلم الأولويات الفلسطينية، ولن يهدأ لنا بال إلا بنيلكم جميعا حريتكم، بحيث لا يبقى في السجون الإسرائيلية أسير من أسرى الحرية».

وأضاف: «سنتوجه بهذا الشأن للدولة الراعية لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب، لنطالب بتطبيق بنود الاتفاقية على الأرض الفلسطينية المحتلة من كافة جوانبها، ولا سيما فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، ليعاملوا كأسرى حرب، ولكي ينالوا كافة الحقوق الإنسانية لأسرى الحرب طبقا لروح ونص الاتفاقية، وللقانون الدولي الإنساني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكافة المواثيق والشرائع التي تقضي بعودتكم لأهلكم وأسركم وذويكم سالمين».

ودعم أبو مازن قرار الأسرى بالإضراب قائلا: إن الإضرابات «تعري وجه الاحتلال الإسرائيلي القبيح». وطالب بمزيد من «الصمود والثبات والتمسك بحقوقنا ووحدة الصف والكلمة»، وأضاف: «ومن هنا فإنني أناشدكم، أيها الأحبة الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بأن تحافظوا على وحدة الحركة الأسيرة داخل السجون، والمستفيد الوحيد من الانقسام الفلسطيني هو إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، وهو سجانكم في سجونكم الصغيرة، مثلما هو سجان شعبكم، الذي أحال أرض وطننا إلى سجن كبير، فالوحدة الوحدة أوصيكم».

ودعا رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية الفصائل الفلسطينية إلى «وضع الخطط والبرامج وتوفير ما يلزمها من إمكانات مادية، بهدف تحرير أسرانا من سجون الاحتلال بأي وسيلة كانت». وفي كلمة له بالمناسبة قال: «تحرير الأسرى واجب وطني وشرعي وأخلاقي لا يجوز التفريط به، لقد ثبت أن المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لإطلاق سراح الأسرى».

وأكدت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، أنها ستنتزع حرية الأسرى «بحد السيف وقوة الحق الذي لا يضيع». وقال أبو عبيدة الناطق باسم الكتائب في تصريح لموقع القسام أمس: «قضية الأسرى قضيتنا المركزية وهي جزء من مشروع التحرير، وأولوية من الأولويات المطلقة للمقاومة»، مشددا على أن القسام ستعمل على تحرير الأسرى بكل الوسائل.

ويخشى أبو مازن ومعه معظم الفلسطينيين من فشل الإضراب إذا لم يكن موحدا، وهي مخاوف عبر عنها وزير الأسرى عيسى قراقع قائلا: «إنه شيء مؤسف وقد يفشل الإضراب».

وأضاء الفلسطينيون شعلة الحرية من أمام مقر الصليب الأحمر في جنين، أقصى شمال الضفة الغربية ومدينة غزة. وناشد المتظاهرون أمس في شوارع الضفة وغزة، الحركة الأسيرة بالتوحد، ورفع متظاهرون في رام الله شعارات «إضراب النصر أو الموت» و«جائعون للحرية»، وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبد الرحيم ملوح: «يجب أن تتوحد الحركة الأسيرة، لأن ذلك سيشكل رافدا يصب في إطار إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية».

وفي مدينة غزة أضاءت الأسيرة المحررة المبعدة هناء الشلبي شعلة الحرية ليلا أمام مقر الصليب الأحمر وسط حشد جماهيري من المؤسسات والقوى والفصائل. وعبرت الشلبي عن اعتزازها لإضاءة الشعلة من غزة بعد تحررها من الأسر، مطالبة بمساندة الأسرى وتحديدا خلال خطوة الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأ أمس. وقالت الشلبي إن التفاعل الجماهيري المساند للأسرى من العوامل المهمة لنجاح إضرابهم وتحقيق مطالبهم، وطالبت بتحشيد كل الإمكانيات الداعمة لقضية الأسرى وأبرقت تحيات العز والشموخ لكل الأسرى والأسيرات على صمودهم.