استمرار الجدل بين الحكومة العراقية والبنك المركزي يضعف قيمة الدينار العراقي

اللجنة المالية في البرلمان لـ «الشرق الأوسط»: هناك تجاوز على الدستور

TT

لم تضع الحرب بين الحكومة العراقية والبنك المركزي أوزارها بعد. ففي حين أقر البنك حذف ثلاثة أصفار من العملة العراقية كجزء من السياسة التي قرر البنك اتباعها للمحافظة على الدينار العراقي، فإن استمرار ارتفاع الدولار أمام الدينار العراقي، والذي وصل الآن إلى 130 ألف دينار عراقي للورقة الخضراء الواحدة فئة مائة دولار، بعد أن كان سعر صرفه طوال السنوات الأخيرة شبه ثابت (120 ألف دينار للورقة الخضراء الواحدة) قد فتح شهية التدخل الحكومي على مصراعيها. الحكومة اتهمت البنك المركزي ومحافظه الدكتور سنان الشبيبي بالتمرد على سياسات الحكومة، سواء بتحويل البنك المركزي إلى مجرد وسيط لتحويل العملة الصعبة أو من خلال رفض البنك تمويل العجز في الموازنة المالية والتي بلغت هذا العام 12 مليار دولار من مجموع الموازنة التي بلغت 120 مليار دولار.

البرلمان العراقي ومن خلال هيئة رئاسته أعلن دعمه المطلق للبنك في أن يبقى هيئة مستقلة طبقا للدستور، بينما أعلنت الحكومة وعبر الكثير من مسؤوليها ومستشاريها، أن البنك المركزي هو مستشار الحكومة، وبالتالي لا بد أن ينفذ سياستها. العملية خرجت من دائرة الجدل الفني بين أبو البنوك العراقية والحكومة لتخرج إلى دائرة الجدل السياسي لتعيد إلى الواجهة قصة الهيئات المستقلة والتي يقول خصوم الحكومة، إن الدستور العراقي كان واضحا في ربطها بالبرلمان. القيادي في القائمة العراقية مقرر لجنة النزاهة في البرلمان خالد العلواني حذر نائبا عن القائمة العراقية من إدخال إدارة البنك المركزي تحت الإشراف الحكومي. وقال العلواني في بيان له حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه اليوم، إن «البنك المركزي يعد من الهيئات المستقلة التي تخضع لإشراف مجلس النواب لأنه يحمي الدينار العراقي الذي يعد ملكا للشعب لا للحكومة».

وحذر العلواني «من عملية إدخال البنك المركزي تحت طائلة الإشراف الحكومي ووصفه بالمدمر وفي غاية الخطورة»، موضحا أن «بقاءه كهيئة مستقلة مرتبطة بمجلس النواب أفضل من ربطها بالسلطة التنفيذية». وبين أن «ربط مثل هذه الهيئة المهمة التي لها علاقة بسياسة البلد بالجهة التنفيذية سيحد من توجهها المستقل لمعالجة القضايا بشكل مرن وتفصيلي بالنسبة للمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي»، مشيرا إلى أن «الحكومة تعمل على خلق أزمة جديدة لكي يتسنى لها ربط البنك المركزي بها مباشرة». وتابع قائلا إن «قانون البنك المركزي لعام 2004 ينص في مادته الثانية على ألا يتدخل أي طرف فيه، وخصوصا الأطراف الحكومية، كما أن المادة 103 من الدستور العراقي تنص على ما يأتي: يعد كل من البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، ودواوين الأوقاف، هيئات مستقلة ماليا وإداريا، وينظم القانون عمل كل هيئة منها، ويكون البنك المركزي العراقي مسؤولا أمام مجلس النواب».

من جهته، أكد مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد المساري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدستور واضح في ربط الهيئات المستقلة بالبرلمان وليس بالحكومة ونحن نستغرب من إصرار الحكومة ودولة القانون على الكلام بخلاف ذلك، بينما هم يتحدثون أكثر من غيرهم عن احترام الدستور». وأضاف المساري وهو قيادي في القائمة العراقية، أن «هناك حكمة في ربط البنك المركزي بالبرلمان وليس الحكومة، حيث إن ذلك لم يأت عبثا لأن الحكومة هي جهة صرف، وبالتالي فإن هناك إمكانية للتجاوز على الدستور». وحول ما تردده الحكومة من أن البنك المركزي هو مستشار الحكومة المالي، ولا بد أن ينفذ سياستها، قال المساري «هذا الكلام ليس صحيحا، البنك ليس مستشارا لأحد، وإنما هو هيئة مستقلة، وسوف نظل ندافع عن استقلاليته». ووصف كل ما يجري ضد البنك المركزي بأنه «نوع من الاستهداف السياسي».