البرلمان العراقي يؤجل التصويت على أعضاء محكمة التمييز وتمديد عمل مفوضية الانتخابات

خبير قانوني لـ «الشرق الأوسط»: التأجيل يكشف حجم الخلل السياسي

TT

أدت الخلافات السياسية الحادة بين الكتل السياسية للحيلولة دون حسم واحدة من القضايا الهامة في العراق، وهي التصويت على أعضاء محكمة التمييز على الرغم من مرور عدة سنوات على بقاء هذه المسألة معلقة. وبينما كان مقررا أن يتم التصويت على أعضاء محكمة التمييز البالغ عددهم 20 عضوا أمس طبقا لمبدأ التوافقات السياسية المعمول به، فإن تصاعد حدة الخلافات التي تزامنت مع اعتقال رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري الأسبوع الماضي قد أدت إلى تأجيل عملية التصويت إلى جلسة غد الخميس.

وقال مجلس القضاء الأعلى إن البرلمان لم يفلح خلال السنوات الماضية في التصويت على قضاة محكمة التمييز الاتحادية على الرغم من إرسال مجلس القضاء عدة قوائم دون جدوى. وقال بيان لمجلس القضاء وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن البرلمان «لم يفلح خلال السنوات الست الماضية في التصويت على قضاة لمحكمة التمييز الاتحادية، إذ قمنا بإرسال عدة قوائم خلال تلك الفترة لكن دون جدوى، وإذا ما نجح النواب في تمرير هذه الأسماء، أو بعض منها، فستكون المرة الأولى منذ عام 2006».

وانتقد البيان إحالة أسماء القضاة المرشحين إلى البرلمان على الرغم من أنها منصوص عليها دستوريا، مشيرا إلى أن «النص الدستوري الذي منح النواب صلاحية التصويت على قضاة التمييز يمس استقلال القضاء والفصل بين السلطات، وبهذه الحالة سيكون القاضي تحت رحمة السياسي»، ونفى البيان «خضوع ترشيح قضاة محكمة التمييز لملف التوازن الذي يجري العمل به في مؤسسات الدولة». وتابع: «هناك شروط موضوعية يجب تطابقها مع الأشخاص المراد تعيينهم في هذا المنصب، هذا الأمر سيضع الباب مفتوحا لجميع من تتوفر فيه الشروط من دون النظر إلى الخلفيات الطائفية أو الإثنية أو المعتقدات». وفيما يتعلق باتهامات بعض السياسيين لمرشحي المحكمة التمييزية، لفت البيان إلى أن «هذه ليس من مسؤوليتنا، نحن ننظر إلى الشروط الموضوعية، أما هذا الأمر فتتحمله الجهات ذات العلاقة، أي هيئة المساءلة والعدالة التي يجب عليها إرسال مخاطبة إلى مجلس النواب قبل أن تتم عملية التصويت».

من جهته اعتبر الخبير القانوني طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية التأجيل على التصويت على أعضاء محكمة التمييز تكشف في الواقع حجم الخلل السياسي في البلاد قبل الخلافات السياسية؛ لأن الخلافات موجودة وبعضها ربما يكون موضوعيا أو مبررا». وأضاف حرب أن «المسألة فيما يتعلق بقضاء محكمة التمييز، وهم من خيرة القضاة، وقد تم اختيارهم بأسلوب مهني صرف وضوابط صارمة، أمر ينبغي أن يأخذ مجرى آخر، حيث إن جميع الكتل إما أسهمت في ترشيح بعضهم أو الموافقة عليه، وبالتالي فإنه لا اعتراض في النهاية على مجمل المرشحين من قبل الكتل السياسية الممثلة في البرلمان».

وردا على سؤال بشأن الأسباب التي حالت طوال السنوات الماضية دون التصويت عليهم طالما لا توجد خلافات، قال حرب إن «هناك خللا سياسيا يتمثل في كون أي كتلة، حتى لو كانت وافقت على قاض من هؤلاء، فإنه في حال حظي بموافقة كتلة أخرى فإن هذا يمكن أن يكون مدعاة للشك به، وهو ما يجعلها تعيد النظر به، وهذا ما حصل خلال الفترة الماضية، وما حصل اليوم حيث إن التأجيل مع عدم وجود خلافات على سجل أعضاء محكمة التمييز، فإن العملية لا تخرج عن هذا الإطار، بالإضافة إلى أن هناك من لا يريد حصول استقرار في حلقات معينة وهامة في البلاد لكي يظل باب المزايدات السياسية مشرعا». وبشأن آلية الترشيح قال حرب إن «لدينا في العراق 16 رئاسة استئناف، وإن المرشح لهذا الموقع يجب أن لا يقل عن درجة نائب رئيس محكمة استئناف، وقد تم ترشيح الكثيرين الذين عرضوا على البرلمان وهم خلاصة المرشحين، وفقا للضوابط، ولذلك فإن المشكلة ليست في القضاة وإنما داخل الكتل السياسية».

على صعيد متصل قرر البرلمان أيضا تأجيل التصويت على تمديد عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى يوم غد الخميس، بسبب عدم إنجاز اللجنة المكلفة باختيار أعضاء المفوضية الجدد أعمالها. وقال مقرر اللجنة المكلفة باختيار أعضاء مفوضية الانتخابات الجدد، مؤيد الطيب، في تصريح صحافي، إن «رئاسة مجلس النواب قررت خلال الجلسة الـ35 من الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثانية التي عقدت، اليوم (أمس) تأجيل التصويت على تمديد عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى يوم الخميس المقبل».