السودان يتهم الجيش الشعبي بقيادة مؤامرة للعدوان على أراضيه

الخرطوم وجوبا تبدآن فتح ملف التعويضات بالطرق القانونية لخسائر المعارك في هجليج

TT

اتهم الدكتور نافع علي نافع، مساعد الرئيس السوداني، أمس، الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان وحركات دارفور بتدمير منشآت النفط في منطقة هجليج. وقال الدكتور نافع «الحركة الشعبية تقود مؤامرة لتحقيق هدف اللوبيات الغربية لخلق جنوب جديد في ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق يكون منصة للعدوان على الشمال».

وأكد الدكتور نافع، في كلمة في فعالية استنفار الحركة النقابية لدعم المجهود الحربي، والتي نظمها الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، أن الحركة الشعبية لا تستطيع البقاء في هجليج، وتبحث الآن عن مخرج.

من جانبه، أكد البروفسور إبراهيم غندور، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، أنه لا حوار الآن إلا حديث البندقية. وقال العبيد أحمد مروح، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية، في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» معه في سوازيلاند أمس «إن السودان بدأ تحركا دبلوماسيا تجاه دول الجنوب الأفريقي لشرح اعتداء دولة جنوب السودان على أراضيه، حيث التقى علي كرتي وزير الخارجية السوداني والمبعوث الرئاسي للرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما، وسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني عمر البشير حول تطورات أحداث اعتداء الجيش الشعبي على منطقة هجليج واحتلالها. واستمع الرئيس زوما باهتمام لشرح المبعوث الرئاسي، ووعد بإجراء اتصالات مع الرئيسين البشير وسلفا كير ومشاورات مع الاتحاد الأفريقي لممارسة ضغوط على حكومة جوبا للانسحاب من هجليج والعودة إلى طاولة المفاوضات لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين». وأضاف مروح أن «المبعوث الرئاسي السوداني سيسلم رسائل من الرئيس البشير إلى ملوك ورؤساء دول الجنوب الأفريقي، سوازيلاند وموزمبيق وناميبيا، لشرح تطورات الأحداث واعتداء دولة جنوب السودان على هجليج».

إلى ذلك، دعا رؤساء أحزاب المعارضة حكومة الجنوب للانسحاب فورا من منطقة هجليج السودانية، وطالبوا حكومتي الخرطوم وجوبا بإيقاف العدائيات، وحسم القضايا العالقة بينهما عبر الحوار لتجنيب البلدين شبح الانزلاق في حرب شاملة. وفي الوقت نفسه، رفضت المعارضة اتهامات المؤتمر الوطني لها بـ«العمالة والطابور الخامس». وغاب الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي عن الاجتماع على الرغم من التزامه بالحضور في وقت سابق. وحمل رؤساء أحزاب المعارضة بقيادة الدكتور حسن الترابي، في بيان عقب اجتماعهم بدار المؤتمر السوداني بأم درمان أمس تلاه القيادي بالتحالف وجدي صالح، المؤتمر الوطني الحاكم المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية بالبلاد، والفشل في الحفاظ على السيادة الوطنية. وأدانت المعارضة هجوم الجيش الشعبي لدولة الجنوب على منطقة هجليج، ودعت جوبا للانسحاب فورا من المنطقة، مؤكدة رفضها لأي عدوان على البلاد، وقالت إن دفاعها يأتي من منطلق المسؤولية الوطنية وليس دفاعا عن الحزب الحاكم. ودعت المعارضة حكومتي الخرطوم وجوبا لحسم القضايا العالقة، ووقف كل العدائيات بينهما عبر الحوار.

من جهته، عبر بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن انزعاجه بشأن تقارير عن حشود ميليشيا في منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، بين السودان وجنوب السودان، فيما تقترب الخرطوم وجوبا من الدخول في حرب شاملة. ولم يذكر بيان الأمم المتحدة تفاصيل عن الحشد الذي أشار إليه حول أبيي، ولم يذكر من أين جاءت هذه التقارير، لكنه وصفها بأنها تنتهك اتفاقية يونيو (حزيران) التي ذكر الجانبان فيها أنهما سيسحبان قواتهما من المنطقة.

وقال المتحدث باسم كي مون في البيان «يشعر الأمين العام بالانزعاج بشأن التقارير التي تلقاها في مطلع هذا الأسبوع عن حشد ميليشيات مسلحة في منطقة أبيي»، وأضاف «يدعو الأمين العام حكومة السودان إلى ضمان الانسحاب الكامل والفوري لتلك العناصر من المنطقة».

من جانبه، شدد فيليب أقوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، على أن حكومته لن تسحب قواتها من هجليج، وأن المنطقة تتبع لدولته. وقال إن البلدة ما زالت تحت قبضة قوات الجيش الشعبي، نافيا التقارير التي تتحدث عن سيطرة الجيش السوداني عليها. وتابع «الجيش السوداني على بعد 24 كم من هجليج». وقال إن الخرطوم إذا حاولت استردادها بالقوة فإن ذلك لا يعني نهاية المعركة.

من جهة أخرى، فتحت دولتا السودان وجنوب السودان ميدانا جديدا لنزاعهما المستمر إلى جانب العمليات الحربية، حيث أعلنت الخرطوم وجوبا الاتجاه إلى المؤسسات القانونية ليحمل كل طرف الطرف الآخر ما نجم عن خسائر بشرية ومادية بسبب المعارك على بلدة هجليج النفطية التي سيطرت عليها قوات جنوب السودان، في وقت عبر فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه لحشود ميليشيات حول منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين البلدين، فيما نفت جوبا أي صلة لها بتلك الحشود واتهمت الخرطوم بحشد ميليشيات لقبيلة المسيرية ذات الأصول العربية لفرض واقع جديد في المنطقة.

وأعلن محمد بشارة دوسة، وزير العدل السوداني، أمس، أن حكومته ستشرع في الإجراءات القانونية أمام المؤسسات الإقليمية والدولية ضد دولة جنوب السودان لتدفع التعويضات عن الأضرار البشرية والمادية جراء اعتدائها على منطقة هجليج والسيطرة عليها. وقال إن بلاده لها الحق في الدفاع عن نفسها ورد العدوان وفق مواثيق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. وأضاف أن وزارته تعمل مع الجهات ذات الصلة في رصد الخسائر والتكييف القانوني للاعتداءات والانتهاكات وإجراء التحقيقات وعرضها للمؤسسات القانونية الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن لجانا من وزارته يتم تكوينها لنشرها على طول الشريط الحدودي مع جنوب السودان لحسم أي مخالفات يمكن أن تتم وفقا للقانون السوداني.

من جانبه، أكد الدكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، لـ«الشرق الأوسط»، أن حكومته بدأت تحركاتها للمؤسسات الدولية، وأنها كانت ترصد الخسائر البشرية والمادية. وقال «نحن رصدنا وما زلنا نرصد الخسائر البشرية والمادية والبنيات التحتية التي تم تدميرها بواسطة القوات السودانية التي ما زالت تقصف بطائراتها داخل أراضي الجنوب»، مشيرا إلى قوات بلاده لم يحدث أن اعتدت على أي بنيات تحتية لدولة السودان. وأضاف «لم نقصف الآبار النفطية في هجليج بالطائرات لأننا لا نملكها، وهذه ليست من سياساتنا في الحركة الشعبية لأننا نتعشم علاقات قوية مع السودان وشعبه». وقال إن حكومته ستتقدم بدعواها إلى المحاكم الدولية ليدفع السودان الخسائر التي تعرضت لها دولة جنوب السودان.

وذكرت صحيفة «سودان تريبيون» أن قوات الجنوب أسقطت طائرة مقاتلة من طراز «ميغ 29» الليلة قبل الماضية في منطقة هجليج السودانية التي سيطرت عليها قوات جنوب السودان الأسبوع الماضي.