لبنان: سجال حاد حول الوضع السوري كاد يفجر الجلسة النيابية ويوقع تشابكا بين النواب

حلفاء دمشق استشاطوا غضبا من اتهامات نواب المعارضة ضد الأسد

TT

كاد الخلاف على مقاربة الوضع السوري يفجر جلسة مجلس النواب التي بدأت صباح أمس، والمخصصة لمناقشة الحكومة، خصوصا بعدما احتدم السجال بين نواب فريق الحكم الموالي لسوريا، ونواب فريق «14 آذار» الذين يمثلون المعارضة.

وكادت كلمة النائب مروان حمادة العالية النبرة أن تطيح بالجلسة، وتؤدي إلى تشابك بالأيدي بين عضو «جبهة النضال الوطني» (التي يرأسها النائب وليد جنبلاط) النائب أكرم شهيب، وعضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إميل رحمة، لولا تدخل بعض النواب واستعمال رئيس مجلس النواب، نبيه بري، مطرقته وحسم الجدل بينهما على قاعدة شطب كل العبارات التي سيدلي بها أي نائب وتشكل استفزازا للطرف الآخر، وتنبيه النواب لعدم الإساءة إلى رئيس أي دولة صديقة أو شقيقة، وكان ذلك ردا على الاتهامات التي ساقها نواب المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد بقتل شعبه.

فبعد أن افتتحت الجلسة بكلمة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عدد فيها إنجازات وأعمال الحكومة التي قامت بها خلال توليها السلطة، أهمها أنها «حفظت الاستقرار في الجنوب بالتعاون مع قوات (اليونيفيل)، وقامت بعملية التمويل اللازمة للمحكمة الدولية، بالإضافة إلى سياسة النأي بالنفس تجاه ما يحدث في المنطقة»، معتبرا أن «هذه السياسة ليست تهربا، بل هي المسؤولية بحد ذاتها وهي التي حمت لبنان»، مبشرا بـ«قرب موعد البدء بالتنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية».

بعدها أعطي الكلام لنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري (من فريق المعارضة)، الذي رأى أن «المطلوب اليوم صدمة كهربائية لإحياء البلد»، ناصحا ميقاتي بالاستقالة، وسأل: «كيف يقبل رئيس الحكومة أن يصبح وزير الخارجية اللبناني (فايز غصن) محامي دفاع عن النظام السوري؟ كيف يقبل رئيس الحكومة أن يفتح وزير الخارجية على حسابه مورطا لبنان في مواقف تخالف الإجماع العربي والدولي؟».

وقال: «إن النأي بالنفس لا يكون إزاء الانتهاكات السورية للسيادة اللبنانية، وسقوط أرواح لبنانية بسبب هذا النأي بالنفس، وآخرهم مصور تلفزيون (الجديد) علي شعبان، وكل ذلك هو ثمن إهمال الحكومة وتغاضيها عن الاختراقات السورية السابقة، وتساهلها إزاء هذه الانتهاكات».

وبعدما توالى على الكلام عدد من نواب الموالاة والمعارضة، كانت الكلمة الأقوى للنائب مروان حمادة، الذي لفت إلى أن «البلد يعيش انهيارا مدويا للحكم والمؤسسات في ظل حكومة مشلولة في بعضها، ومتواطئة في بعضها الآخر، وفي ظلها تتحول المقاومة في الجنوب ستارا للانقلاب السلطوي». وإذ رأى أنه «بالنسبة إليهم (الحكومة)، فالرئيس السوري (بشار الأسد) دائما على حق والشعب السوري دائما على خطأ، والأمم المتحدة دائما منحازة والدول العربية متآمرة»، مؤكدا أن «الجواب سيكون عبر الانتخابات النيابية والشعب سيرد، وإن كان البعض قد يُقتل قبل الانتخابات النيابية»، ومحذرا «اللبنانيين من انتخابات تجري تحت السلاح أيا كان القانون، نسبيا كان أم أكثريا».

وهنا قاطعه عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب غازي زعيتر، الذي احتج على تسمية الرئيس بشار الأسد واتهام النظام السوري بالقتل من دون إثباتات، وحصل هرج ومرج، عندها تعهد رئيس المجلس بشطب كل عبارة تسيء إلى رئيس أي دولة شقيقة أو صديقة، ولدى تعقيب النائب حمادة على كلام زميله إميل رحمة الذي اتهم الحكومة السابقة بإعطاء ترخيص لمحطة اتصالات في جبل الباروك تتجسس لصالح إسرائيل، وتذكيره بأن أصحاب هذه المحطة هم عونيون ومعهم شريك من حزب الله، اعترض النواب العونيون على هذا الاتهام وانبرى النائب رحمة معتبرا أن هذا الكلام فيه تجنٍّ على تكتل سياسي غير مسموح به، فرد عليه النائب أكرم شهيب بالنبرة نفسها، وهنا اقترب النائبان بعضهما من بعضه وكادا يشتبكان بالأيدي لولا تدخل زملائهما النواب للفصل بينهما، واستعمال بري مطرقته داعيا كل نائب أن يعود إلى مقعده، وعدم الكلام من دون إذن.

ولدى استكمال المناقشات شن النواب العونيون هجوما عنيفا على تيار «المستقبل» وما سموها «حكومات آل الحريري»، متهمين إياها بـ«إغراق البلد بالديون». جاء الرد من عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف الذي اعتبر أن «الحكومة خلاقة في الفشل». ورأى أنها «حكومة معطرة برائحة صفقات المازوت الأحمر، وهي حكومة رئيس تكتل نيابي كبير فيها (ميشال عون) كان على علم بأن أقرب المقربين إليه متهم بالعمالة لإسرائيل ولم يتحرك لها جفن». وبعد رفع الجلسة الأولى اكتفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقول، ردا على أسئلة الصحافيين: «إن الجلسة جيدة، والهجوم الذي تعرضت له الحكومة هو من باب الجو الديمقراطي». وردا على سؤال عما إذا كان يخاف أن تتعرض الحكومة لهجوم عنيف، قال: «أنا لا أخاف إلا من رب العالمين». وعلق النائب شهيب على السجال الكلامي الذي دار بينه وبين النائب مروان حمادة من جهة، وعضوي تكتل «التغيير والإصلاح» النائبين إبراهيم كنعان وإميل رحمة من جهة ثانية، بالقول: «لم نتعود أن نكون في المجلس النيابي في موقع يُتهم فيه الجبل ولا نرد». ورأى أن «استحضار موضوع (محطة الاتصالات الموجهة نحو إسرائيل) في جبل الباروك ودور إحدى الشركات في الماضي كان في غير مكانه، وكان هناك رد لزميلنا مروان حمادة عليه، ولكن عندما صعد حمادة للكلام حاول إبراهيم كنعان الضغط عليه في موضوع لا شأن لنا به، علما بأن الرخصة لإقامة هذه المحطة أعطاها الوزير جان لوي قرداحي الذي كان من فريق الرئيس إميل لحود».