تقرير للأمم المتحدة ينتقد قيودا مغربية على بعثتها في الصحراء

الرباط تعتبر مصير النزاع غير مرتبط بتعديل مهمة «مينورسو»

TT

عبرت الأمم المتحدة عن استيائها من تحركات المغرب في الصحراء، وذلك خلال اجتماع عقده مجلس الأمن أول من أمس للبحث عن وسائل للخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه النزاع، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقرير قدمه إلى المجلس، إن اتصالات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو» مع مقر الأمم المتحدة في نيويورك اخترقت.

وقال دبلوماسيون إن التقرير هو واحد من التقارير الأكثر حدة في الانتقادات الموجهة إلى المغرب منذ سنوات بشأن الصحراء التي استرجعها المغرب من إسبانيا عام 1975 بواسطة «المسيرة الخضراء» السلمية. وذكر بان كي مون في تقريره أن «معلومات أشارت إلى أن سرية الاتصالات بين مقر بعثة الأمم المتحدة في الصحراء ونيويورك، في مناسبة واحدة على الأقل، اخترقت».

ولم يشر التقرير إلى الجهة التي اخترقت الاتصالات، لكن مقر الأمم المتحدة يقع في فندق سابق في مدينة العيون كبرى مدن الصحراء. ويحيط بالمجمع 21 علما مغربيا، وتشعر الأمم المتحدة بالاستياء أيضا لأن المغرب يجبر قوات الأمم المتحدة على وضع لوحات تسجيل مغربية، وهذا ما يضطرها لتغيير اللوحات عند المرور إلى مخيمات جبهة البوليساريو الواقعة جنوب غربي الجزائر. وعادة تحمل لوحات آليات الأمم المتحدة في مناطق النزاعات في العالم لوحات تسجيل حيادية.

ورأى كي مون أن الإعلام ولوحات التسجيل «تؤدي إلى مشهد يثير شكوكا في حيادية البعثة»، مشيرا إلى أن «وجود شرطة مغربية خارج المجمع يردع الزوار عن الاقتراب من البعثة بشكل مستقل». وشهد مجلس الأمن جدلا لأن الأمانة العامة عدلت الصيغة الأصلية للتقرير مرتين، وقال دبلوماسيون وجبهة البوليساريو إن المغرب الذي يشغل مقعدا غير دائم في مجلس الأمن حاليا، مارس ضغوطا بدعم من فرنسا من أجل إدخال تعديلات.

وقال سفير جنوب أفريقيا إن هذه التعديلات «مؤسفة جدا»، معتبرا أن التقرير «خفت حدته».

من جهته، دان ممثل جبهة البوليساريو في الأمم المتحدة، أحمد بخاري، ما سماه «الضغط الذي مارسه المغرب وفرنسا بشكل مشترك من أجل تعديل بعض الفقرات أو إضعاف مضمون» التقرير. ونفى ناطق باسم البعثة الفرنسية هذه المعلومات التي قال إنها «ادعاءات لا أساس لها».

وأوصى كي مون بإرسال 15 مراقبا عسكريا إضافيا إلى البعثة التي تضم حاليا 228 شخصا؛ «من أجل تعزيز قدراتها على المراقبة». كما طلب من مجلس الأمن توسيع مهام البعثة لتصبح قادرة على متابعة المعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدا ضرورة التصويت على قرار يمدد مهمة البعثة لعام «قبل نهاية الشهر الجاري».

وفي سياق ذلك، قال محمد لوليشكي، مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، في تدخل بمناسبة مناقشة مجلس الأمن لقضية الصحراء، إن هذه الأخيرة ليست قضية يرتبط مصيرها بتعديل مهمة «مينورسو» مشيرا إلى أن الاعتقاد بذلك ينم عن جهل كبير بالحقائق السوسيولوجية والجيو – استراتيجية، ليس فقط بالصحراء، ولكن أيضا بمجموع المنطقة لأن قضية الصحراء لها تاريخ مرتبط بشكل وثيق بتاريخ المنطقة المغاربية، مبرزا أن «السعي من أجل حجب هذه الحقيقة لن يسهم إلا في تأخير مآل هذا النزاع، مع التركيز على الجانب الشكلي على حساب ما هو أساسي».

ويرى لوليشكي أن «حل النزاع حول الصحراء لن يكون إلا سياسيا، وهو الحل الذي يفرضه المناخ السياسي الراهن وفي المستقبل، ولذلك تم اللجوء إلى مجلس الأمن وتم تعيين مبعوث شخصي من أجل مساعدة الأطراف على التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه».

وبخصوص التقرير الذي أعده الأمين العام للأمم المتحدة، اعتبر لوليشكي أن هذا التقرير «يشير إلى التحديات المطروحة على مينورسو». وقال: «إذا كنا نريد الحديث بجدية عن التحديات فلماذا لا نتحدث عن الإرهاب. هذا تهديد رئيسي ما فتئ يتطور ليصبح رهانا جسيما بالنسبة لاستقرار مجموع المنطقة في امتدادها بالساحل والصحراء» معربا عن أسفه لكون «هذه الظاهرة تم الحديث عنها في التقرير بشكل محتشم من دون تقديم أي تفاصيل أو تحليل لتداعياتها».

وأضاف السفير لوليشكي أنه مع ذلك «وقعت أحداث خطيرة من خلال اختطاف ثلاثة أجانب على مقربة من مخيمات تندوف، إلا أنه لم يتم الحديث عن ذلك، أو تقريبا بشكل جوهري في هذا التقرير. ألم تكن أحداث شمال مالي في جوارنا المباشر دليلا كافيا على الأخطار التي تهدد استقرار منطقتنا؟».

وذكر لوليشكي أن مسلسل المفاوضات الذي تمت مباشرته بفضل مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب «يظل الإطار الوحيد الكفيل بإيجاد حل سياسي مقبول من قبل جميع الأطراف».

وفي موسكو، جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس دعوة بلاده «من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين بخصوص نزاع الصحراء، وفقا للقرارات الأممية».

وقال لافروف إن روسيا «مبدئيا وباعتبار موقعها كعضو بمجلس الأمن، تتابع القضايا المرتبطة بالمنطقة عن كثب، وتساهم من جانبها في إمكانية إيجاد حل سياسي مقبول وفقا للقرارات الأممية». وأشار إلى أن «مجلس الأمن يصادق دائما بالتوافق على كل ما يتعلق بقضية الصحراء ما يعكس حرص المجتمع الدولي على إيجاد حل مقبول وفق خطة الأمم المتحدة التي وافقت عليها الأطراف المعنية».

وأكد حرص موسكو على «مواصلة دعم جهود هيئة الأمم المتحدة والجهود الدولية ذات الصلة لإيجاد الحل الممكن لقضية الصحراء». وأضاف لافروف أن «إحراز التقدم في الملف سيكون له الأثر الإيجابي والطيب على المنطقة برمتها من جميع الجوانب».

وكان وزير الخارجية المغربي، سعد الدين العثماني، قد أجرى أمس بموسكو مباحثات مع وزير الخارجية الروسي العلاقات الثنائية على المستويين السياسي والاقتصادي وآفاق التعاون المشترك وكذا مختلف القضايا الإقليمية والقارية والدولية التي تستأثر باهتمام البلدين.

من جهة أخرى قال لافروف إن روسيا «قلقة من الأوضاع الأمنية التي تعرفها منطقة الصحراء والساحل، وتفشي الإرهاب والتطرف وتهريب الأسلحة وهو ما يقوض أمن واستقرار المنطقة بأكملها» مبرزا أن بلاده «مستعدة للمساهمة في تحقيق الاستقرار وتقديم الدعم الكامل لدول المنطقة من أجل مكافحة الإرهاب، وإعادة الأمور إلى الوضع الطبيعي، حفاظا على أمن المنطقة».