قراصنة إنترنت يهددون بنشر معلومات «سرية للغاية» عن حكومة تونس

الكيلاني لـ«الشرق الأوسط»: حركة النهضة تسعى إلى الاستيلاء الكامل على السلطة

TT

هدد قراصنة إنترنت بنشر معلومات «سرية للغاية» عن الحكومة التونسية الانتقالية إن عادت السلطات في تونس إلى حجب مواقع الإنترنت مثلما كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وقالت مجموعة تطلق على نفسها اسم «أنونيموس تونس» في رسالة صوتية على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس «أيتها الحكومة (التونسية).. إن حاولتم استئناف الرقابة الشمولية على الإنترنت فسوف نهاجمكم عبر (شبكة) الويب. لدينا معلومات سرية للغاية (حصلنا عليها) من بريدكم الإلكتروني».

ويأتي التهديد غداة إعلان منجي مرزوق، وزير تكنولوجيات المعلومات والاتصال في الحكومة الانتقالية، أن الوزارة ستشرع في تنفيذ «خطة» لحماية المواقع الإلكترونية الحكومية من عمليات القرصنة والاختراق. وهددت «أنونيموس تونس» بتحريض مجموعات الأنونيموس «في جميع أنحاء العالم» على الحكومة التونسية إن عاد حجب مواقع الإنترنت في تونس، قائلة إن هذا «آخر تحذير» توجهه إلى الحكومة التي تسلمت السلطة نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2011، وذكرت بأن «الحرية كانت من بين أهداف الثورة» التونسية التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وطالبت المجموعة في رسالة باللغة الفرنسية نشرتها أول من أمس على صفحتها في «فيس بوك» الحكومة بحل ما سمته «لجنة مراقبة الإنترنت في تونس» التي قالت إنها «تستطيع النفاذ إلى أي قاعدة بيانات إلكترونية في تونس». وأضافت مخاطبة الحكومة «هذه اللجنة تتجسس على بريدكم الإلكتروني، وعلى دردشتكم عبر (فيس بوك)، وعلى أنشطتكم (الإلكترونية)، ونطالب بشكل رسمي بحلها».

واخترقت «أنونيموس تونس» يوم 8 أبريل (نيسان) الحالي، البريد الإلكتروني الشخصي لحمادي الجبالي رئيس الحكومة الانتقالية وأمين عام حركة النهضة. وفي 16 أبريل، اخترقت المجموعة نفسها البريد الإلكتروني لمحمد بن سالم، وزير الزراعة في الحكومة الانتقالية وعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة. وسربت المجموعة على موقعها في شبكة الإنترنت 2725 رسالة من أرشيف البريد الإلكتروني لرئيس الحكومة، و746 رسالة أخرى من أرشيف البريد الإلكتروني لوزير الزراعة.

وفي مارس (آذار) الماضي، قرصنت «أنونيموس تونس» على موقع إنترنت غير رسمي لحركة النهضة وعدة صفحات إسلامية على «فيس بوك»، أشهرها صفحة «حزب التحرير» غير المرخص له الذي يدعو إلى إقامة «دولة خلافة إسلامية» في تونس. وقالت «أنونيموس تونس» في الرسالة التي نشرتها الثلاثاء على صفحتها على «فيس بوك» إن كل عمليات الاختراق التي نفذتها تمت من خارج تونس. وذكرت أن «الإنتربول (منظمة الشرطة الجنائية الدولية) لم تستطع اعتقال الأنونيموس الذين اخترقوا المواقع الحكومية الأميركية وحتى موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي».

ونصح وزير تكنولوجيات المعلومات والاتصال، خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، أعضاء الحكومة بتنزيل الرسائل الإلكترونية على حواسيبهم، وبعدم تركها في البريد الإلكتروني الشخصي تحسبا لعمليات اختراق أو قرصنة.

ورفعت تونس الرقابة على شبكة الإنترنت بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كانت منظمة مراسلون بلا حدود تصنفه ضمن قائمة «أعداء» حرية الإنترنت في العالم.

على صعيد آخر، قال محمد الكيلاني، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليساري، إن حركة النهضة التي تحكم البلاد منذ نحو مائة يوم تسعى إلى الاستيلاء الكامل على السلطة بعد وصولها إليها بطريقة شرعية، واعتبر أنها تعمل على فرض إرادتها على المجتمع بواسطة عنف الدولة، على حد تعبيره.

وأعلن الكيلاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عدم استعداد حركة النهضة التي تقود التحالف الثلاثي الحاكم للقبول بسنة التداول على السلطة. وربط بين مجموعة من التعيينات التي شملت خمسة ولاة (محافظين)، يشتبه في انتمائهم إلى «النهضة»، وما سماه «التيار الذي يهدد التوجه الديمقراطي في البلاد».

وبشأن التحالفات السياسية الأخيرة وظهور مبادرات سياسية جمعت أكثر من حزب سياسي، انتقد الكيلاني نزوع بعض الأحزاب إلى التقارب والتوافق من دون تحضيرات عميقة لتلك العمليات الاندماجية، وقال إنها «لا تزال في طورها الأول، وهي بحاجة أكيدة إلى مزيد من النضج». وانتقد الكيلاني كذلك لجوء الدولة إلى العنف والعنف الموازي واعتمادها على «أذرع مدربة ومؤطرة تعمل وفق التعليمات»، وقال إن حركة النهضة تعتمد على السلفيين في تطبيق برنامج استيلائها الكامل على السلطة وتوظف كذلك منظومة من الميلشيات، مذكرا بدعوة راشد الغنوشي إلى فك الاعتصامات بالقوة.

وفي المقابل، أبدى الكيلاني خشيته من توجه القوى الديمقراطية إلى صناديق الاقتراع مشتتة خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، وقال إن هذا الأمر سيجعل نتيجة تلك الانتخابات تؤول لمصلحة حركة النهضة الذي قال عنها إنها «حزب قوي يملك ثروات مالية مهمة».

وكان مقر الحزب الاشتراكي اليساري قد تعرض خلال مواجهات شارع بورقيبة يوم 9 أبريل الحالي للاقتحام من قبل قوات الأمن بعد احتماء بعض المحتجين بالمقر القريب من ساحة المواجهات، وهو ما أثار حفيظة قيادات الحزب التي عبرت عن امتعاضها مما حدث، ووجهت رسالة استياء إلى علي العريض، وزير الداخلية التونسي.

وكانت الهيئة التأسيسية لحركة النهضة، المنتظر أن تعقد مؤتمرها الأول في شهر يوليو (تموز) المقبل، قد أعلنت بعد اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي أن حماية الثورة مهمة لم تكتمل بعد، وقالت «ثورتنا لا تزال هدفا للالتفاف عليها وتغيير مسارها»، وحذرت بدورها من «عودة مشاريع وأجندات ورموز تنتمي إلى منظومة الاستبداد والفساد» في إشارة إلى تجمع مجموعة من الأحزاب السياسية الدستورية، ونيتها التقدم إلى الانتخابات القادمة ضمن حزب سياسي واحد يقوده الباجي قائد السبسي، الوزير الأول السابق.