غموض المستقبل سياسيا واقتصاديا يدفع مصريين للهجرة

بينهم رجال أعمال وموظفو بنوك وخريجو جامعات

TT

«إعلاناتنا في الصحف لتسفير المصريين إلى الخارج والحصول على جنسية بلاد أوروبية والعمل بها، تلقى رواجا وقبولا ملحوظا، بعد ثورة 25 يناير 2011». يقول عادل صادق، المسؤول بإحدى شركات تسفير المصريين للخارج، خاصة من صغار المستثمرين ورجال الأعمال وحملة الشهادات العليا والمتوسطة. وتوجد عدة مكاتب في القاهرة والإسكندرية لاستقبال طلبات راغبي الهجرة إلى كندا ونيوزيلندا واستراليا وغيرها من دول العالم. ولعب التخوف من تردي الأحوال بمصر بعد الثورة دورا جديدا في دفع فئة أخرى للبحث عن بديل خاصة مع سيطرة تيار الإسلام السياسي على المشهد العام.

وتعمل شركة صادق أساسا في مجال تقديم العروض الجيدة للمستثمرين المصريين وإغرائهم بالمساعدة الإدارية كتوفير مقار وتراخيص لأعمالهم الجديدة، وذلك بسبب أن الإقبال على العمل في الداخل لم يعد كما كان في السابق، وأن الأمر اختلف بعد ثورة 25 يناير، وأصبحت فروع الشركة المختصة بمساعدة المصريين على الهجرة إلى الخارج تلقى رواجا.

وتقبل الشركة مساعدة شريحة من المصريين الراغبين في الهجرة، ممن ينتمون إلى شريحة بعينها. ويقول صادق: «نتعامل مع مستثمرين وخريجي جامعات، ممن نرى أنه يمكنه أن يمتلك خبرات إدارية ومالية وتعليمية عالية.. نوفر لهم فرصا للاستثمار والإقامة بالخارج في أكثر من مكان».

ويزيد صادق قائلا: «لا نقبل بأي شخص.. ليس أي شخص يستطيع أن يحصل على ما نقدمه من عروض.. نحن نستهدف فئة المستثمرين بالذات، والأمر لاقى رواجا كبيرا خاصة بعد الثورة عن ذي قبل». وتقول رانيا عادل، البالغة من العمر 35 عاما، وتعمل في أحد البنوك الأجنبية، إنها تفضل الهجرة إلى أحد البلدان المتقدمة بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم بعد أن كانت تأمل أن توفر لها الثورة مناخا من الحرية واحترام الآخر. وقالت: «الحياة في مصر أصبحت صعبة ومخيفة خاصة مع كونك مسيحيا».

وتقول سارة الفرماوي (27 عاما)، وهي من المتقدمين للهجرة إلى كندا عقب ثورة يناير: «الحياة لم تعد تحتمل بعد الثورة ولا يوجد مناخ مناسب للبناء في ظل كل تلك الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد ومع الانجراف تحت عباءة الدين».

ولم يحقق المصريون ما كانوا يحلمون به قبل ثورة 25 يناير من عدالة اجتماعية ورخاء اقتصادي. كما زاد الصعود السياسي لتيارات دينية من مخاوف العديد من القطاعات، خاصة في مجال السياحة والاستثمار السياحي. ويقول أسامة محمد، وهو عاطل عن العمل ويبلغ من العمر 30 عاما، ويسعى للهجرة خارج البلاد: «سأذهب إلى أي بلد يقبل أوراق الهجرة.. لا أمل أن تغير الثورة شيئا في مصر».

ويوجد مسيحيون كثيرون أيضا بين الفئات التي تسعى للهجرة خارج البلاد. لكن هناك شرائح كبيرة من المصريين لا تحبذ الهجرة. وتقول إيناس الزاهر (26 عاما): «لم أفكر في الهجرة رغم هذه الأوضاع الصعبة من باب شعوري بالانتماء والمسؤولية تجاه الوطن». وتابعت الزاهر: «الهجرة في مثل هذه الظروف أنانية وهي أقرب إلى الهروب وتحقيق المصلحة الشخصية».

ويرى الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، إن عملية التغيير في مصر تحتاج إلى المواجهة والمثابرة، مضيفا: «لا يزال هناك تفكير بطريقة أنانية على حساب الصالح العام»، مضيفا: «من يترك وطنه في مثل هذه الظروف لا يستحق جني ثمار التغيير».