موسى يعلن برنامجه لرئاسة مصر من حي للفقراء ويتعهد بتحسين مستوى المعيشة

قال فيه إن القضاء على الفقر يتطلب كسر حلقة «البطالة والأمية والمرض»

عمرو موسى أثناء دخوله منطقة عزبة الهجانة الفقيرة لإعلان برنامجه الرئاسي أمس (رويترز)
TT

دخلت الانتخابات الرئاسية في مصر مراحلها الحاسمة والنهائية قبيل 5 أسابيع من توجه الناخب المصري إلى صناديق الاقتراع في 23 و24 مايو (أيار) المقبل، ومن ضمن 13 مرشحا رئاسيا، تأكد إلى حد كبير دخولهم القائمة النهائية للمرشحين في 26 أبريل (نيسان) الحالي، تميز المرشحان لرئاسة الجمهورية عمرو موسى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بأنهما الوحيدان اللذان أطلقا رسميا برنامجيهما الانتخابيين، مما يضعهما في وضعية احترافية أمام منافسيهم.

ومن منطقة «عزبة الهجانة» الشعبية والمهمشة في شرق القاهرة، أعلن موسى أمس برنامجه الانتخابي في مؤتمر صحافي حضره الآلاف من أهالي المنطقة، مؤكدا أنه جاء لهذا المكان بالتحديد ليعلن برنامجه الانتخابي، وفاء لعهد قطعه على نفسه أن يكون هدفه الأول هو تحسين مستوى معيشة المواطن المصري بما يليق بكرامته وآدميته.

ووسط الآلاف من المواطنين ذوي الدخول المحدودة الذي يعيشون في منطقة تفتقر للخدمات الأساسية، قال موسى إن الإنسان المصري المكافح قد تحمل لسنوات فشل الدولة في توفير مسكن ملائم له، ومرافق وخدمات أساسية، ووسيلة تنقل كريمة تحفظ آدميته، مما اضطره للاعتماد على نفسه وفي حدود قدراته لتوفير سقف يظله، ومرافق تمكنه من مواصلة الحياة، ووسيلة مواصلات تنقله بين مسكنه وعمله أو مدرسته أو أماكن توفير متطلبات الحياة.

ويعتبر البرنامج الانتخابي لموسى «الفقر» العدو الأول لمصر، وهو يقول إن القضاء على الفقر يتطلب كسر الحلقة المفرغة للبطالة والأمية والمرض.

وأطلق موسى برنامجه تحت عنوان: «إعادة بناء مصر: رؤيتي للجمهورية الثانية» في 80 صفحة، وينقسم البرنامج إلى أربعة أجزاء رئيسية هي برنامج الـ100 يوم الأولى، وثلاثة فصول يتناول كل منها الملامح الرئيسية لرؤية موسى السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والأمن القومي، والسياسة الخارجية.

ويقول مراقبون إن خطوة موسى وأبو الفتوح تعكس احترافية واضحة في إدارة حملتيهما الانتخابيتين خاصة مع الضجة الإعلامية التي أحاطت بهما. كما تفيد التوقعات أن موسى وأبو الفتوح أصبحا الأوفر حظا بوصفهما مرشحين رئاسيين حتى الآن.

وعلى شاكلة العرف الأميركي بمحاسبة الرئيس المنتخب على إنجازاته في الـ100 يوم الأولى في البيت الأبيض، تضمن برنامج الـ100 يوم الأولى لموسى مجموعة من الإجراءات الفورية أهمها تفعيل الحدين الأدنى والأقصى للدخول، وتقديم إعانة بطالة للعاطلين في حدود نصف الحد الأدنى للدخول، وتوفير معاش ضمان اجتماعي لكبار السن والمرأة المعيلة، ودعم عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة مثل الزراعة والصناعة والسياحة، فضلا عن الوفاء بحقوق شهداء ومصابي الثورة في القصاص العادل والتعويض المادي والأدبي.

ويركز موسى في برنامجه على قضايا المهمشين. ويهدف لبدء الإصلاح الشامل لقوانين العمل بما يحقق المطالب المشروعة للعمال والموظفين، وبدء إجراءات تقنين ملكية الأراضي في سيناء والنوبة والمحافظات الساحلية والحدودية والمناطق غير المخططة، وبدء الخطوات التنفيذية لمشروع تطوير محور قناة السويس.

أما البرنامج التفصيلي، فكانت أهم معالمه السياسية الاقتراح الذي سبق لموسى التقدم به للانتقال إلى نظام لا مركزي للحكم، يقوم على التمكين الشعبي وانتخاب المحافظين، ورؤساء المدن والمراكز والعمد، بالإضافة إلى تصور شامل لإصلاح الجهاز الإداري للدولة والقضاء على الفساد من خلال منظومة إدارية ومالية جديدة لا تقتصر على الرقابة والتتبع والكشف والعقاب، وإنما تتعدى ذلك لتطوير المنظومة التشريعية والمؤسسية نفسها لمنع الفساد ابتداء.

وكان لافتا تركيز موسى على دوري المرأة والشباب في المجتمع، حيث أوضح أن مصر ما بعد الثورة لن تكون وطنا تسلب فيه حقوق المرأة وحرياتها، أو ساحة تسمح بالحط من شأنها أو العودة بها إلى الماضي، بل ستفتح أمامها الأبواب لاستكمال مسيرة الحصول على حقوقها وحرياتها غير منقوصة.

كان هناك أيضا تركيز كبير على إفساح المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي أمام الشباب، بما في ذلك تولي المناصب القيادية، كنائب للرئيس، وكذلك على تحقيق تطلعات المواطنين ذوي الإعاقة، ودمجهم في المجتمع، وفتح السبل أمامهم للمساهمة في تنميته، على قدم المساواة مع سائر المواطنين.

أما في ما يتعلق بالبرنامج الاقتصادي والاجتماعي، اللذين تناولهما موسى في فصل واحد للتدليل على العلاقة الوثيقة بينهما في رؤيته للمستقبل، فقد حدد موسى الفقر بأنه العدو الأكبر، وأن القضاء عليه يتطلب كسر الحلقة المفرغة للبطالة والأمية والمرض، وتحقيق عدالة اجتماعية لا تقتصر على تضييق الفجوة بين فقراء المجتمع وأثريائه، ولكن بتحقيق عدالة الفرص من خلال بناء نظام تعليم جديد، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة، إلى غير ذلك من إجراءات.

وقد حدد موسى أهدافا لبرنامجه تتحقق خلال الفترة الرئاسية التي تنتهي عام 2016، تشمل تخفيض نسبة الفقر بـ20%، وخفض معدل البطالة إلى النصف، والقضاء على الأمية في الشريحة العمرية تحت 40 عاما، على أن يتم ذلك في إطار عملية إعادة ترتيب شاملة لأولويات الإنفاق الحكومي، وإعادة العجز في الموازنة العامة للدولة وفي ميزان المدفوعات وفي مديونية الدولة إلى الحدود الآمنة.

ويتبني موسى نموذجا اقتصاديا يقوم على دور قوي للدولة في وضع سياسات النمو المتوازن، وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال وإطلاق الحرية للقطاع الخاص ليسهم في عملية التنمية، وكذلك الاستثمار المكثف في إعادة بناء الإنسان المصري؛ تعليما، وتدريبا، وصحة، وثقافة، وتوفير حياة كريمة له.

كما يتضمن برنامج موسى وضع أسس خريطة اقتصادية جديدة لمصر تخرج بها من أسر الوادي الضيق، وذلك ببدء تنفيذ ثلاثة مشروعات كبرى؛ هي تحويل منطقة قناة السويس إلى مركز عالمي للتجارة والصناعة، والتنمية الشاملة لسيناء، وتطوير منطقة الساحل الشمالي الغربي، على أن يتزامن مع ذلك دعم تنافسية قطاعات الاقتصاد المصري الواعدة، وعلى رأسها الزراعة، والصناعة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة الجديدة والمتجددة.

وفي الفصل الخاص بالأمن القومي والسياسة الخارجية في برنامجه، طرح موسى تصورا متكاملا لمستقبل الأمن القومي المصري، يأخذ في الاعتبار التغيرات في الخريطة السياسية العالمية وإعادة تشكيل توازنات القوى فيها، ويحدد في برنامجه المجال الحيوي للمصالح المصرية خلال العقود القليلة المقبلة من القرن الحالي.

ويعتبر موسى ثاني مرشح من الوزن الثقيل يطلق برنامجه الانتخابي بعد المرشح أبو الفتوح الذي أعلن برنامجه بداية هذا لشهر، بينما أعلن المرشح الرئاسي اليساري حمدين صباحي أنه سيطرح برنامجه الانتخابي نهاية الشهر الحالي.

وتعتقد الدكتورة أمل حمادة، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن العبرة في البرامج الانتخابية ليست بعدد الصفحات أو باحتفاليات إطلاقها الضخمة، وقالت أمل لـ«الشرق الأوسط»: «البرامج الانتخابية يجب أن تحمل الخطوط العامة لتوجهات المرشح وليس تفاصيل خطته» وتابعت أمل: «برنامج أوباما الانتخابي في 2008 لم يتجاوز 3 صفحات».

وترى أمل، التي تعمل على مشروع دراسي لتقييم برامج المرشحين الرئاسيين، أن البعض يحاول فرض ضجة إعلامية حول المرشحين، لكنها قالت: «لا أظن أن كل ذلك سيكون له تأثير قوي لأن القاعدة التصويتية المؤثرة موجودة خارج المدن الكبرى».