أعراس ومواويل وزغاريد وحلويات في استقبال الأسير عدنان

البرغوثي يواصل الإضراب حتى إنهاء عزله أو الموت.. وأسرى يرفضون الإبعاد إلى غزة.. وفياض: فجر الحرية قادم

خضر عدنان يتلقى قبلة لدى خروجه من الأسر فجر أمس (أ.ب)
TT

بدا ليل عرابة في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، أمس، قصيرا جدا، كأنه لم يأت، وهي تحتفل حتى الصباح بالإفراج عن الأسير خضر عدنان، الذي تحول إلى رمز لمعركة الإضراب الحالية، بعدما خاض إضرابا عن الطعام استمر 66 يوما، أرغم به محكمة إسرائيلية على الإفراج عنه، في انتصار استثنائي ورمزي، كان له صداه في شوارع بلدته التي استقبلته استقبال الأبطال.

وقابل عدنان الوفاء بالوفاء، ورفض أن يتوجه مع الصليب الأحمر الذي تولى عملية نقله من السجن في الساعات الأولى من فجر أمس، إلى منزله، بل ذهب محمولا على أكتاف من هتفوا بحياته وحياة الأسرى، إلى خيمة الاعتصام التضامنية مع الأسير جعفر عز الدين المضرب عن الطعام منذ أكثر من 25 يوما، ومن ثم زار منازل أسرى آخرين مثل طارق قعدان وأمجد العارضة، قبل أن ينتهي به «موكب الأفراح» فجرا إلى خيمة التضامن أمام منزله.

وقال خضر للمحتفلين الذي أضاءوا ليل عرابة وأغرقوها بالحلويات «اختطفني الاحتلال من منزلي في الظلام، وأعادني في الظلام، لكني أحتفل اليوم مع أهلي وأحبتي، وأنا اليوم حر». وأضاف «أرادوا أن ينغصوا فرحتنا ولكن هيهات هيهات».

وعلى مدار اليوم لم يستطع عدنان التقاط أنفاسه وهو يستقبل المهنئين بسلامته، حتى إنه لم يستطع تغيير ملابسه حتى وقت متأخر. وقالت والدته لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، الحمد لله، لقد خرج منتصرا، صوته وهمته ومعنوياته عالية». وأضافت وصوت الزغاريد والمواويل يعلو فوق صوتها «هذا عرس كبير يثبت أنه ابن الجميع وليس ابني فقط». وحيا عدنان الأسرى المضربين عن الطعام، وأضاف «نضرب من اليوم الأول لأنه يداس علينا وتتم إهانة أهلنا»، مستبشرا بانتصار الأسرى في معركتهم الحالية، بعد يوم من بدء 1600 أسير إضرابا مفتوحا عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم. وقال إن «الأسرى أقسموا عهد الوفاء على ألا يتراجعوا عن الإضراب الاستراتيجي. وأقول للصليب الأحمر فليحضر أطقمه الطبية». وأردف «الكل سيدخل المعركة».

ومن المتوقع أن تكون كل السجون دخلت معركة الإضراب المفتوح مع نهاية الشهر الحالي، إذا لم تستجب إدارة السجون لطلباتهم، ومن بينها إغلاق ملف العزل الانفرادي، والسماح لأهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم في السجون، وتحسين الوضع المعيشي في السجون، ووضع حد لسياسة الإهانة والإذلال التي تقوم بها مصلحة السجون بحق الأسرى وذويهم.

وأكد الأسير عبد الله البرغوثي المنتمي لحماس، والذي يخوض إضرابا عن الطعام منذ أسبوع، أنه مستمر في إضرابه عن الطعام حتى يحقق مطالبه المتمثلة في إنهاء عزله، والسماح لعائلته في الأردن والضفة بزيارته. وقال البرغوثي من عزله في سجن الرملة، لمحامي نادي الأسير «إما أن أذهب من القبر إلى القبر، أو يتم إنهاء عزلي». ونقل المحامي عن البرغوثي، وهو صاحب أطول حكم عسكري في تاريخ إسرائيل (67 مؤبدا)، كيف قامت إدارة السجون بنقله من زنزانته إلى زنزانة أخرى مجردة من أي احتياجات له، مع بدئه الإضراب. وقال المحامي يوسف متيا «الزنزانة تحتوي فقط على سرير إسمنتي، وعليها فرشة رقيقة جدا، وبطانية واحدة، ويضطر البرغوثي لاستخدام حذائه كوسادة للنوم». وحمل البرغوثي جميع الأطراف التي شاركت في صفقة تبادل الأسرى المسؤولية عن عدم التزام إسرائيل بالاتفاق الذي يقضي بإنهاء العزل الانفرادي.

وإذا كان الأسرى قد بدأوا الإضراب قبل يومين، وبدأه البرغوثي قبل أسبوع، فإن أسرى آخرين يضربون منذ 51 يوما، وهما الأسيران ثائر حلاحلة وبلال ذياب، اللذان أعلنا أمس عن رفضهما عرضا بالإبعاد إلى قطاع غزة مقابل فك إضرابهما عن الطعام والإفراج عنهما، مثلما حدث مع الأسيرة هناء الشلبي. وقال الأسيران في رسالة تلقت مؤسسة «مهجة القدس» التي تعنى بالأسرى نسخة منها، إنهما ما زالا يواصلان إضرابهما المفتوح عن الطعام بشكل متواصل رفضا لسياسة الاعتقال الإداري التعسفي من دون توجيه أي اتهام بحقهما لحين إنهاء هذا الاعتقال الظالم والجائر.

وجاء في الرسالة أن ضابطا كبيرا في مصلحة السجون الصهيونية يُدعى بيتون عرض عليهما الإبعاد إلى غزة مقابل إنهاء الاعتقال الإداري والإفراج عنهما، إلا أنهما رفضا هذا العرض مشددين على مواصلتهما الإضراب المفتوح عن الطعام حتى الإفراج عنهما إلى أهلهما وذويهما. وحيا رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض المضربين، وقال في حديثه الإذاعي الأسبوعي «إنني أجدد لكم التأكيد بأنكم لستم وحدكم، فشعبكم بأكمله يقف خلفكم وخلف مطالبكم العادلة والمشروعة من أجل الحرية والكرامة، فكلنا معكم نحمل راية العهد والوفاء».

ووجه فياض تحية خاصة إلى الأسرى والأسيرات وهم يتطلعون للحرية والخلاص من الأسر وظلمته، مشددا على أن قضية الأسرى «هي قضية كل بيت وأسرة فلسطينية». وتعهد فياض بمواصلة العمل على تدويل قضية الأسرى، وتأكيد المكانة القانونية والسياسية والإنسانية التي يجب أن يتمتعوا بها وفقا للمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى اتفاقية لاهاي، واتفاقية مناهضة التعذيب. وتابع «إن توجهنا الرئيسي يرتكز في هذه المرحلة على أن ننطلق موحدين لحث المجتمع الدولي وكل المنظمات والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والسياسية وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وممارساتها اللاإنسانية بحق الأسرى، ووضع حد لاستخفافها بحقوق الأسرى وتعاملها معهم كرهائن أو مجرد أرقام، لا بل والاستجابة لمطالبهم العادلة، وفي مقدمتها إلغاء الاعتقال الإداري وسياسة العزل الانفرادي غير الإنسانية». وتابع القول «أقول لجميع الأسرى والأسيرات إن حريتكم هي جزء لا يتجزأ من حرية الوطن، ولشعبنا أقول إن فجر الحرية قادم. وأما الاحتلال فهو وقيوده وزنازينه حتما إلى زوال».